الجزائر تردّ على ماكرون بشأن تأشيرات الدبلوماسيين

أبدت الجزائر اليوم الخميس تحفّظاتها بخصوص ما جاء على لسان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالأمس حينما أكد ضرورة "الحزم أكثر" في التعامل مع الأزمة الديبلوماسية الراهنة بين البلدين، بالإضافة إلى "تعليق إعفاء حاملي جوازات السفر الديبلوماسية وجوازات السفر لمهمة من التأشيرة".

وردت السلطات الجزائرية عبر بيان مطوّل لوزارة خارجيتها أكدت فيه "بأنها لم تُبادر يوماً بطلب إبرام اتفاق ثنائي يُعفي حاملي جوازات السفر الديبلوماسية وجوازات السفر لمهمة من التأشيرة؛ بل كانت فرنسا، وفرنسا لوحدها، من بادر بهذا الطلب في مُناسبات عديدة".

وأضافت أنه "من خلال قرارها تعليق هذا الاتفاق تكون فرنسا قد أَتاحت للجزائر الفرصة المُناسبة لتُعلن من جانبها نقض هذا الاتفاق بكل بساطة ووضوح".

وأكدت الجزائر أنها ستقوم بإشعار الحكومة الفرنسية بهذا الإجراء في أقرب الآجال عبر القنوات الديبلوماسية، لافتة إلى أن التأشيرات التي تُمنح لحاملي جوازات السفر الفرنسية، الديبلوماسية منها ولمهمة، ستخضع من الآن فصاعداً، من كافة النواحي، لنفس الشروط التي تفرضها السلطات الفرنسية على نظرائهم الجزائريين.

أما بخصوص إعلان تفعيل أداة "التأشيرة مقابل الترحيل"، فقد اعتبرت السلطات الجزائرية أن هذا الإجراء "ينتهك بشكل صارخ كلاً من الاتفاق الجزائري-الفرنسي لعام 1968، والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان لعام 1950، مشيرة إلى أنها "ستواصل اضطلاعها بواجب الحماية القنصلية لفائدة مواطنيها بفرنسا، وستعمل على مساعدتهم في الدفاع عن حقوقهم، وضمان الاحترام الكامل لما تكفله لهم التشريعات الفرنسية والأوروبية من حماية ضد كافة أشكال التعسف والانتهاك"

وقال بيان الخارجية الجزائرية بإن السلطات في الجزائر "قامت بدراسة متأنية للرسالة التي وجهها رئيس الجمهورية الفرنسية إلى وزيره الأول، وكذا للتوضيحات التي قدّمتها وزارة أوروبا والشؤون الخارجية بتاريخ 7 أب/أغسطس الجاري للقائم بأعمال السفارة الجزائرية في فرنسا".

وعدّد البيان جملة مما سماه الملاحظات الأولية الهامة والتي بدأها بنفي الطرح الفرنسي المُبرّئ بشكل تام المسؤولية باريس في تدهور العلاقات الجزائرية - الفرنسية، وقال: "لا شيء أبعد عن الحقيقة وأبعد عن الواقع من هكذا طرح"، لافتاً إلى البيانات الرسمية للخارجية الجزائرية التي كانت تصدر عبر كافة مراحل هذه الأزمة، مؤكدا أنها (البيانات) "حددت بانتظام ووضوح، الجهة المسؤولة عن التصعيد، وبيّنت أن ردود الفعل والتدابير المُضادة التي اتخذتها السلطات الجزائرية كانت تندرج بشكل دقيق وصارم في إطار تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل".

وقالت الخارجية الجزائرية إن فرنسا "تسعى إلى تقديم صورة لفرنسا كدولة حريصة على احترام التزاماتها الثنائية والدولية، في مُقابل تصوير الجزائر كدولة تنتهك باستمرار التزاماتها"، موضحة أن "فرنسا هي التي انتهكت تشريعاتها الوطنية وهي التي خرقت كذلك التزاماتها المنبثقة عن ثلاث اتفاقات ثنائية: الاتفاق الجزائري - الفرنسي لعام 1968 المتعلق بحرية تنقل وتشغيل وإقامة المواطنين الجزائريين وأفراد عائلاتهم بفرنسا، والاتفاق القنصلي الجزائري - الفرنسي لعام 1974، وكذا اتفاق عام 2013 الخاص بالإعفاء من التأشيرة لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية وجوازات السفر لمهمة".

وأضافت أن "فرنسا هي التي اختزلت كل اهتمامها في إطار الاتفاق الجزائري - الفرنسي لعام 1994 والمتعلق بترحيل المواطنين الجزائريين المتواجدين في وضع غير نظامي بفرنسا، وهو الاتفاق الذي حرّف الطرف الفرنسي مقاصده الحقيقية وحوّر غاياته الأصلية"، مؤكدة أن باريس "هي من تنكّرت أيضا لالتزاماتها بموجب الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان لعام 1950".

وأشار بيان الخارجية الجزائرية إلى أن "إخلال فرنسا بكل هذه الالتزامات لم يكن يهدف سوى إلى تجاهل الحقوق المكتسبة للمواطنين الجزائريين المُبعَدين، في غالب الأحيان، بشكل تعسفي ومُجحف عن التراب الفرنسي، وحرمانهم من سُبل الطعن الإداري والقضائي التي تكفلها لهم القوانين الفرنسية ذاتها، وكذا تقويض واجب الحماية القنصلية الذي يقع على عاتق الدولة الجزائرية في كل مكان وزمان".

وأكد أن فرنسا اختارت معالجة الأزمة مع الجزائر "بمنطق القوّة والتصعيد"، موضحاً أن باريس "لجأت إلى التهديدات والإنذارات والإملاءات في تجاهل منها لحقيقة أنّ الجزائر لا ترضخ لأي شكل من أشكال الضغوط والإكراهات والابتزازات، أياً كان مصدرها وأيّا كانت طبيعتها".