الجسم القضائي العليل: المجلس العدلي لا يلتئم

تتفاقم الأزمات داخل قصر عدل بيروت، وآخرها عندما لوّح القضاة بأزمة مستجدة أجبرتهم على إرجاء جلسات المجلس العدلي إلى أسابيع لاحقة.

فللأسبوع الرابع على التوالي، لم يلتئم المجلس العدلي لمتابعة المحاكمات الموجود أمامه. حيث كان من المفترض أن يُتابع قضاة المجلس العدلي قضية "تفجير التليل" اليوم الجمعة 19 كانون الثاني، ولكن الرئيس الأول لمجلس القضاء الأعلى، القاضي سهيل عبود اضطر إلى إرجاء المحاكمة، بسبب إصابة القاضي عفيف الحكيم بعارض صحي، وتغيبه عن الجلسات لأكثر من أسبوعين. وبالتالي، لم يكتمل عدد قضاة المجلس العدلي، فقرروا تأجيل المحاكمة.

في الأساس، يتألف المجلس العدلي من 5 قضاة (أصيلين)، أي يتم تعيينهم بمرسوم وزاري. لكن، نتيجة الشغور الرئاسي، وعدم قدرة الحكومة على متابعة الملفات المطروحة أمامها لكونها حكومة تصريف أعمال، تأخرت التشكيلات القضائية. والمجلس العدلي يتألف حاليًا من الرئيس الأول لمجلس القضاء الأعلى، القاضي سهيل عبود (أصيل)، القاضي جمال الحجار (أصيل)، القاضي عفيف الحكيم (احتياط)، القاضية مايا ماجد (احتياط)، القاضي جان مارك عويس (احتياط). أي 5 قضاة، اثنان "أصيلان" فقط. ولأن القاضي الأصيل يعين بمرسوم بناءً لقرار مجلس الوزراء، فلم يحصل هذا الأمر، وبعد إحالة 3 قضاة أصيلين إلى التقاعد، حلّ 3 قضاة احتياط لتعبئة هذا الشغور.

أهمية التشكيلات القضائية
أما المشكلة الحاصلة اليوم، إن القاضي الاحتياط عن القاضي الأصيل تعرض لوعكة صحية، ولا يمكن لأي أحد أن يحلّ مكانه لعدم توفر أي أسماء أخرى، لذلك أجبر القضاة على إرجاء محاكمات المجلس العدلي.

في حديث لـ"المدن"، شرح مصدر قضائي بارز أن أزمة التراخي الأمني خلال محاكمات المجلس العدلي حُلّت خلال الفترة الماضية، وتضاعف عدد العناصر الأمنية إلى حد ما، لكن المشكلة اليوم تغيّرت. إذ أن المحاكمات تؤجل لفترات لاحقة، ومن المتوقع أن يتخذ المجلس العدلي قراراً بإرجاء المحاكمة المتعلقة بالتفجير الإرهابي الذي وقع في منطقة حارة حريك العام 2014 إلى تاريخ آخر في حال استمرار هذا الوضع، علمًا أن موعد الجلسة المقبلة سبق وحدد في السادس والعشرين من كانون الثاني الجاري.  

بالعودة إلى كانون الأول العام 2023، طُلب من المجلس العدلي إرجاء جلسة الموقوف نعيم اسماعيل محمود، بسبب معلومات أمنية تؤكد بأن مجموعات إرهابية ستنفذ عمليات لتهريب الموقوف وستقتحم العدلية خلال جلسة المحاكمة من أجل تهريبه، وعلى ما يبدو أن المحاكمة المقبلة من الممكن أن تؤجل مرة أخرى لكن لأسباب مختلفة.

بدوره، لفت المحامي صخر شهيد الهاشم في حديثه لـ"المدن" إلى أن المجلس العدلي الحالي برئاسة القاضي سهيل عبود لا يتهاون بمواعيد المحاكمات، بالرغم من خطورة الملفات المطروحة أمام القضاة، إلا أن الهيئة العامة لمحكمة التمييز المخولة بالبت بالقضايا المتعلقة بالقضاة غير مكتملة. ولذا، يصعب انتداب القضاة في المجلس العدلي.

اكتظاظ السجون
تشكل الهيئة العامة لمحاكم التمييز من رؤساء غرف محاكم التمييز، الذين يتم تعيينهم بمرسوم التشكيلات القضائية، ويترأس الهيئة العامة لمحكمة التمييز رئيس مجلس القضاء الأعلى، سهيل عبود. والإشكالية المطروحة لعدم إلتئام الهيئة العامة لمحكمة التمييز هي عدم قانونية حضور قاضي مكلف أو منتدب. وحسب الهاشم، إن الشغور الرئاسي يؤثر بشكل مباشر على السلطة القضائية، ويضاعف أزمة الاكتظاظ في السجون اللبنانية، التي وصلت إلى مرحلة خطيرة جدًا، في ظل انعدام بديهيات العيش من طبابة ومأكل ومشرب للمساجين. وتابع قائلًا إن "واقع غياب المحاكمات أو تأجيلها واستفحال أزمة الاكتظاظ وما يتبعها، دفعا بالأهالي على مدى الشهور الأخيرة للتساؤل المستمر عن موعد المحاكمات ومصير الأبناء في أقبية السجون".