الجهود الديبلوماسية لوقف إطلاق النار بين الغموض والتفاوض تحت النار

قال مصدر لبناني واسع الاطلاع لـ«الأنباء» ان «زيارة (الموفد الأميركي أموس) هوكشتاين إلى بيروت جاءت في ظل تصعيد عسكري خطير على الجبهة اللبنانية، وكان هدفها الأساسي، أقله لبنانيا، العمل على وقف فوري لإطلاق النار».

وأضاف: «على رغم أن هذه الزيارة لم تسفر عن نتائج ملموسة في شكل فوري، إلا أنها قد تكون وضعت الأساس لحل ديبلوماسي طويل الأمد. وعلم ان هوكشتاين حمل رسائل من واشنطن تسعى إلى التهدئة، لكنه اصطدم بواقع معقد يشمل تباين المواقف اللبنانية الداخلية، وكذلك الحسابات الإقليمية المرتبطة بالتصعيد الإسرائيلي ضد حزب الله. من جهة أخرى، هناك من يرى أن الزيارة لم تحقق النجاح المطلوب بسبب إصرار الأطراف على استمرار المعركة لتحسين شروطهم في أي تسوية مقبلة».

وتابع المصدر: «إلى جانب التحركات الأميركية، برز مؤتمر باريس المقرر كإطار دولي حاسم في السعي نحو تهدئة الصراع في لبنان. وشكل فرصة لبحث سبل توفير دعم شامل للبنان على مستويات متعددة، بتناوله رزمة مساعدات دولية تشمل تقديم دعم مباشر للجيش اللبناني، الذي يعتبر ركيزة أساسية في الحفاظ على الأمن والاستقرار. وكذلك مساعدات إنسانية لإغاثة النازحين اللبنانيين. ويعتبر الدعم العسكري للبنان ضرورة قصوى في ظل التحديات الأمنية المتزايدة على الحدود الجنوبية، خصوصا في ضوء الهشاشة التي يعاني منها لبنان اقتصاديا وسياسيا».

وأوضح المصدر: «لاتزال الأطراف المعنية بالصراع على الجبهة اللبنانية تتبع سياسة عض الأصابع، اذ يسعى كل طرف إلى فرض أمر واقع جديد قبل الجلوس إلى طاولة المفاوضات غير المباشرة. وتزداد صعوبة المشهد مع استمرار العمليات العسكرية على الحدود الجنوبية، الأمر الذي يعزز من احتمال التفاوض تحت النار في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق سريع لوقف التصعيد. هذا النوع من التكتيكات التصعيدية يهدف إلى تحسين شروط التفاوض، اذ يعول كل طرف على قدرته على تحمل الضغط الميداني لفرض مطالبه في أي تسوية مرتقبة».

وأشار المصدر إلى انه «في ظل استمرار التصعيد، تبقى حظوظ الوصول إلى اتفاق شامل لوقف إطلاق النار مرتبطة بعدة عوامل، أبرزها مدى استعداد الأطراف لتقديم تنازلات والتخلي عن سياسة التصعيد الميداني».

وتابع: «قد تلعب الجهود الديبلوماسية الدولية، ولاسيما تلك المتعلقة بمساعي هوكشتاين وبمؤتمر باريس والجهد العربي، دورا محوريا في الدفع نحو وقف التصعيد، خصوصا إذا ترافقت مع حزمة متكاملة من المساعدات الاقتصادية والعسكرية. إلا أن المسار التفاوضي قد يكون معقدا وطويل الأمد، إذ يعتمد على التوصل إلى تفاهمات في شأن قضايا أخرى متشابكة، منها دور حزب الله في المعادلة اللبنانية، والضغوط الدولية والإقليمية على إسرائيل وحلفائها».

ولفت المصدر إلى انه «تبقى الجهود الديبلوماسية مستمرة، ولكن التحدي الأكبر يكمن في إمكانية تحقيق تقدم فعلي على الأرض وسط تعقيدات إقليمية ودولية متشابكة. لبنان يقف عند مفترق طرق، فإما أن تقود هذه الجهود إلى اتفاق لوقف النار ضمن سلة متكاملة تشمل حل القضايا الرئيسية العالقة، أو أن يستمر التصعيد مع تمدد مفاعيله إلى مختلف أطراف النزاع».