الحدود وإعادة السجناء: بيروت ودمشق تعيدان إطلاق المباحثات

عاد ملفا أمن الحدود والسجناء السوريين في لبنان إلى الواجهة في الأيام الأخيرة، وكانا محور لقاء جرى في الرياض بين رئيسي الاستخبارات العسكرية اللبنانية والسورية، العميد طوني قهوجي وحسين سلامة. ومرة أخرى، تقوم المملكة العربية السعودية بدور الوسيط في العلاقات بين الجارتين، بعد عدة أشهر من اللقاء الذي جمع في 27 آذار بمدينة جدة وزير الدفاع اللبناني ميشال منسى ونظيره السوري مُرْحف أبو قَصرة.

 التوتر الحدودي
تأتي هذه المحادثات في سياق متوتر على الحدود اللبنانية-السورية، حيث شهدت المنطقة اشتباكات في شباط وآذار بين "عشائر" مقربة من حزب الله وقوات أمن سورية جديدة، ما أدى إلى سقوط قتلى من الجانبين.

وتُعد الحدود المشتركة التي تمتد على مسافة 330 كلم بدون ترسيم رسمي في العديد من النقاط عرضة للتهريب وللنزاعات، خاصة في مناطق مثل حوش السيّد علي التي شهدت مواجهات.

التركيز على المعابر غير الشرعية
وفق معلومات حصلت عليها صحيفة لوريان لو جور، ركزت المحادثات بشكل أساسي على ضبط المعابر غير الشرعية وطرق إغلاقها لتفادي مشكلات مستقبلية.
وقال مصدر عسكري: «لبنان شارك خبرته الطويلة في مراقبة الحدود، خصوصًا أن القوات السورية ما تزال غير متمرسة، وهي مقسّمة إلى مجموعات متعددة دون تنسيق فعّال.»
إشراف سعودي
بحسب محللين عسكريين تحدّثوا شرط عدم الكشف عن أسمائهم، فإن وجود طرف محايد كالسعودية في هذه الاجتماعات يمثل نقطة قوة.
وأكد مصدر عسكري مشارك في اللقاء: «السعودية تلعب دور الشاهد على الالتزامات المتبادلة، وهي قادرة على مراقبة تنفيذها.»
وأضاف: «كلما ازدادت هذه اللقاءات التنسيقية، انعكس ذلك بشكل إيجابي على الأرض وساهم في احتواء الأزمات.»
 ترسيم الحدود... في الهامش
أثيرت خلال الاجتماع مسألة ترسيم الحدود، ولكن بشكل عرضي، كونها من اختصاص الحكومات وتتطلب مسارًا تقنيًا معقدًا.
أما موضوع السجناء السوريين في لبنان، فقد أعادت دمشق طرحه مجددًا، بعد أن طالبت مرارًا بحل عاجل له.
وكانت بعض الوسائل الإعلامية قد نقلت مؤخرًا (ونفتها دمشق) أن سوريا قد تتخذ إجراءات عقابية ضد لبنان إذا واصل المماطلة في هذا الملف.

وقال مصدر مقرّب من وزارة الخارجية اللبنانية (قصر بسترس): «من المستحيل المضي في موضوع ترسيم الحدود مع سوريا قبل معالجة ملف السجناء، الذي يُعد أولوية للنظام السوري الجديد.»
ووفق وزارة العدل، هناك: 2600 سجين سوري في لبنان، بينهم 389 حُكم عليهم نهائيًا، و370 حُكم عليهم جزئيًا، وما زالوا يحاكمون في قضايا أخرى.
 إعادة السجناء عبر معاهدة
عُقد يوم الجمعة اجتماع أمني موسّع برئاسة رئيس الجمهورية جوزيف عون لمتابعة ملف السجناء السوريين، بحضور:

وزراء الدفاع (ميشال منسى)، العدل (عادل نصار)، والداخلية (أحمد حجار)،
المدعي العام (جمال حجار)،
ومدير السجون (رجا أبي نادر).
نوقش خلال الاجتماع تسريع المحاكمات الجارية في سجن رومية، كما طُرح اقتراح بنقل بعض الملفات إلى المحكمة العسكرية لتسريع البتّ فيها.

وصرّح وزير العدل لـلوريان لو جور: «الطريقة الوحيدة لإعادة السجناء إلى سوريا هي إبرام معاهدة مع دمشق، كما تفعل دول أخرى، تتيح للمحكومين استكمال تنفيذ أحكامهم في بلدهم. أنا مؤيد لهذا الخيار تمامًا.»
 استثناءات في ملف الإعادة ولكن الوزير أوضح أن هذا ينطبق فقط على:

السجناء الذين لم يرتكبوا جرائم دم (كالقتل أو الإرهاب)،
وأن المدانين بجرائم إرهابية أو اعتداء على الجيش اللبناني لن تشملهم المعاهدة.

ومن المنتظر أن تصل إلى لبنان بعثة من وزارة العدل السورية لبحث تفاصيل الآلية، بعد سلسلة زيارات لمسؤولين لبنانيين رفيعي المستوى إلى دمشق، بينهم رئيسا وزراء سابقان.

وختم وزير العدل اللبناني قائلاً: «من المهم أن نحافظ على علاقة متينة بين البلدين. وسيكون من الجيد أن يزور وزير العدل السوري بيروت، فهي لا تقل جمالاً عن دمشق.».