الحزب ساند وشاغل في حرب غزة...فمن يُسانده ويرد الجميل؟

في الثامن من تشرين الاول 2023، وتحت شعار "المساندة والمشاغلة" دعما لحركة "حماس" في غزة، أطلق الأمين العام الراحل السيّد حسن نصرالله معركة ضد اسرائيل، لم تساند حماس وفق ما اثبتت الوقائع ومعطيات الميدان ولا شغلت اسرائيل عن قتل اهل القطاع وتدميره.

و"على طريق القدس"، التي لم يصل اليها منذ عام 1948 تاريخ النكبة الفلسطينية، نُكِب لبنان، ودمرت اسرائيل قرى الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت فسقط عدد كبير جداً من الشهداء والجرحى، ابرزهم نصرالله نفسه ثم من خلفه في الامانة العامة وتلاحقت النكبات حتى يومنا هذا.

ومع انتهاء حرب غزة الى ما انتهت اليه بالدبلوماسية وليس بالمقاومة العسكرية، تتوسع رقعة المخاوف من استكمال تل ابيب مسار القضاء على حركات المقاومة التابعة لإيران واولها حزب الله في لبنان، فهل سيجد من يسانده، علما ان حماس حينما وافقت على الاتفاق ووقعت عليه، لم تسأل لا عن لبنان ولا عن الحزب ولا استشارته في ما خص أسراه أو حاولت ادراجهم ضمن صفقة التبادل، ولا ردت جميل الإسناد بعبارة شكر ووفاء ؟

وما دامت حرب غزة على فظاعتها ولاسيما ما ارتكبت خلالها اسرائيل من جرائم ومجازر بحق الغزاويين من اطفال ونساء، استنهضت دول العالم شجباً وإدانةً وحملت شريحة واسعة من الدول على الاعتراف بدولة فلسطين، ما دامت هذه الحرب انتهت عبر الدبلوماسية والتفاوض، فالسؤال يطرح نفسه حول جدوى السلاح واستمرار وجوده مع فصائل المقاومة والممانعة التي تقرّ بنفسها ان اسرائيل تتفوق عليها تكنولوجياً والسلاح التقليدي بات من دون فائدة .

سلاح القضية سقط اذاً، فلا نَفَع في تحرير الارض ولا في اطلاق الاسرى ولا أوقف حرباً تدميرية، لا بل تسبب بها. حركة حماس التي شكلت رأس حربة في القضية الفلسطينية وصاحبة شعارات استرجاع الحق وعودة الارض لأصحابها، سلّمت بالأمر وسلكت الدرب التسووي التفاوضي، وتخلت عن الحزب وايران.

فهل يكون الحزب ملكياً اكثر من الملك؟ وهل عقد العزم على المقاومة، بإيعاز ايراني، حتى اخر لبناني، لينتهي الى ما انتهت اليه حماس؟ وماذا عن الوفاء ورد الجميل؟ هل اقتنع من يخلف نصرالله وهاشم صفي الدين ان من يرفع لواء القضية الفلسطينية باعه بأبخس الاثمان ولم يسأل لا عنه ولا عن سلاحه ولا عن اسراه ولا عن شهداء سقطوا في سبيل مساندة حماس في غزة ؟
واذا كان الشيء بالشيء يذكر، فلماذا بقي لبنان المُساند والمُشاغِل خارج اتفاقيات وقف النار ولم يُدعَ حتى الى قمة شرم الشيخ للسلام، كما بعض الدول غير المعنية مباشرة بالصراع ويفوق عددها العشرين، وهو الذي رفض كل العروض التي حملها الموفد الاميركي آموس هوكشتاين لوقف الحرب لأنه كان يشترط انهاء الحرب في غزة؟


كل التضحيات التي قدمها حزب الله لحماس ضربت بها الحركة عرض الحائط، على رغم الاثمان الباهظة، لا بل الاعلى ثمناً في تاريخه، فهل يعي الحزب اليوم ان زمن السلاح ولّى وان لا خلاص ولا استقرار ولا سلام الا بالعودة الى الدولة والعمل تحت كنفها، بعيدا من مصالح الخارج، كل الخارج، واملاءاته؟