المصدر: أساس ميديا
الكاتب: جوزفين ديب
الاثنين 4 آب 2025 07:47:02
أكبر وأهم الاسئلة التي تهمس بها دوائر القرار الدولي، ماذا يريد الحزب؟ هل يريد الذهاب إلى الانتحار آخذا البلد معه؟ أو أن الكلام عن انفتاحه على حصر السلاح بيد الدولة وفق أولويات لبنانية هو كسب للوقت وهروب إلى الأمام بانتظار الأقليم؟
يصعب على القارئ، أو العامل في حقل السياسة، أن يفصل الحزب عن إيران. ويصعب التصديق أن قرار الحزب في لبنان، لما للحزب من ارتباط عقائدي وديني ولوجستي ومالي مع إيران.
لكن، ورغم كل ذلك، لا بد من التوقف عند مجموعة من التطورات التي يريد الحزب نفسه ان يتحدث عنها. وهي تطورات ليست مرتبطة فقط بفهمه للمتغيرات الدولية، ولاقراره بالخلل الخطير في موازين القوى مع اسرائيل، بل هي تطورات مرتبطة بورشة عمل قام بها الحزب تحت مبدأ “تطور العقل والاجتهاد” وما خلصت الورشة اليه، بالإضافة الى الكشف عن “وصية السيد حسن نصرالله” بما فيها من ثوابت للحزب تفتح له باب العبور إلى “الولادة الثانية”.
وصية السيد: لبنان وطن نهائي تعددي لا حكم طائفة عليه
كشف الوزير السابق مصطفى بيرم في كتابه الصادر حديثاً عن دار المحجة بعنوان: حزب الله الولادة الثانية – جهاد التبيين، عن وصية خاصة للأمين السابق للحزب السيد حسن نصر الله خلال لقاء خاص معه ومع عدد من الشخصيات .
وفي هذه الوصية ابرز العناوين:
أولاً: لبنان وطن نهائي لكل ابنائه تاكيدا لما اعلنه الامام موسى الصدر سابقا.
ثانياً: ان هذا الوطن لا يحكم لا من طائفة قائدة ولا من حزب او تنظيم قائد مهما كان قويا .
ثالثاً: ان قوة المقاومة في وجه العدو حصرا ولا يمكن صرفها في الداخل .
رابعاً: ان خيارنا الدولة والمؤسسات وعلينا تقديم النموذج الناجح لجهة الكفاءة ونظافة الكف ونريد الدولة العادلة والقادرة .
خامساً: اننا حريصون على التعددية وقدمنا شبابنا حماية للتنوع في مواجهة التكفيريين ودافعنا عن الكنيسة والمسجد.
سادساً: ان الجيش اللبناني هو المؤسسة الجامعة لكل اللبنانيين وعماد السلم الاهلي وبقاء الدولة والسيادة ونريد له ان يكون قويا ومقتدرا رغم ان ثمة دولا كبرى تمنع ذلك كرمى لإسرائيل.
في الوقت الذي لا تزال الكواليس الداخلية والخارجية تسأل عن هذه العناوين، هل وضعت لتطبق او لتبقى شعارات للاستخدام السياسي، تقول مصادر مقربة من الحزب لـ”أساس”، ان الحزب يقوم بمراجعة ذاتية، مدركا انه خسر في الحرب الأخيرة، ومدركاً ان الحرب مع إسرائيل لم تعد بحجم الصواريخ البالستية، بل هي حرب تكنولوجية تحتاج إلى أجيال من الخريجين الجدد في الجامعات وقدرات تكنولوجية متطورة .
أما في السياسة، تقول هذه المصادر المواكبة لحركة الحزب بالتوازي مع المفاوضات الأخيرة التي خاضها لبنان، أن الحزب يضع المصلحة اللبنانية أولاً، وأن الذهاب إلى الإنتحار بالنسبة اليه “حرام في الدين”. لأن الذهاب إلى معركة خاسرة للحزب والبلد هو انتحار، أما الذهاب إلى حرب مع ما هو معقول في موازين القوى، فهي واجب في الدين لنصرة العدالة. وعليه، تشرح كواليس الحزب ورشته الفكرية المستجدة في حلقات بين مجلس الشورى والمسؤولين العسكريين والسياسيين عن توجه للانفتاح على القوى اللبنانية، وعن انفتاح للنقاش في مجلس الوزراء يوم الثلثاء في صيغة تحفظ حق الدولة في حصر السلاح، ولكن وفق أولويات لبنانية سيادية.
جلسة الثلثاء: لا إرادة لأحد بتفجير داخلي
بعد التهديد الذي أوحت به بعض وسائل الإعلام على خلفية التذكير بجلسة الخامس من أيار التي سبقت أحداث السابع من أيار، تقول مصادر سياسية لـ”اساس” ان واقع الحال اليوم ليس كما سبق. والحزب ليس بوارد الدخول في إشكالات داخلية في ظل التهديد الاسرائيلي المستمر وفي ظل ورشته الداخلية التي تريد اعادة منطق الدولة إلى أولويات البيئة . وبالتالي، فان الحزب منفتح على أكثر من صياغة بناء على حصر سلاحه بيد الدولة. فهو ابلغ رئيس الجمهورية موافقته على المبدأ ولكن رفضه للذهاب إلى جدول زمني لحصر السلاح في ظل الاحتلال. وبالتالي، تحدثت المعلومات عن اتصالات سياسية ناشطة على خط المقرات الرسمية والحزب، يتم فيها تبادل صيغ لجلسة الثلاثاء التي يمكن لها أن تؤجل إقرار أي بند إلى جلسة الخميس.
والصيغ التي يتم العمل عليها قد بنيت على :
أولاً: التمسك التام باتفاق الطائف، لا سيما في ما نصّت عليه وثيقة الوفاق الوطني بشأن حلّ جميع الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها، بما يضمن وحدة القرار السيادي ويعزز المؤسسات الشرعية.
ثانياً: الالتزام الكامل بتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1701، لا سيما في ما نصّت عليه المادة (3) من القرار، لجهة حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية دون سواها، وبسط سلطتها بواسطة القوات المسلحة الشرعية على جميع الأراضي اللبنانية.
ثالثاً: إعادة التأكيد على ما ورد في البيان الوزاري للحكومة اللبنانية، لا سيما لجهة دور الدولة الحصري في الدفاع عن لبنان وحماية مواطنيه، ودعم المؤسسات العسكرية والأمنية في القيام بمهامها الوطنية.
رابعاً: الاستناد إلى مضمون القرار رقم 1/2024 الصادر عن مجلس الوزراء بتاريخ 27/11/2024، الذي أقرّ الالتزام الكامل بتفاهمات وقف الأعمال العدائية وفقاً للترتيبات المعتمدة في منطقة جنوب الليطاني، والتمسك بكامل مضمون القرار الدولي رقم 1701، واعتباره الإطار التنفيذي الوحيد لأية إجراءات ميدانية أو أمنية في الجنوب.
خامساً: دعوة المجلس الأعلى للدفاع إلى إعداد جدول زمني شامل لمعالجة ملف السلاح خارج إطار الشرعية، على أن يشمل كافة أنواع الأسلحة المنتشرة على الأراضي اللبنانية، بما في ذلك داخل المخيمات الفلسطينية، وذلك ضمن خطة وطنية متكاملة تحفظ الأمن والاستقرار وتُراعي مقتضيات السيادة والوفاق الوطني.
سادساً: الدعوة إلى دعم الجيش اللبناني، عبر توفير الإمكانات والموارد اللازمة لتمكينه من أداء مهامه الدفاعية في الجنوب وسائر الأراضي اللبنانية، وتعزيز حضوره في المناطق الحدودية، انسجاماً مع ما نصّ عليه القرار 1701.
سابعاً: الدعوة إلى انسحاب قوات الإحتلال الإسرائيلي من كافة الأراضي اللبنانية المحتلة، ووقف الاعتداءات المتكررة والخروقات الجوية والبرية والبحرية، بما يشكل انتهاكاً فاضحاً للسيادة اللبنانية وللقانون الدولي.
هذه هي الثوابت التي تبنى عليها الصيغة الختامية لجلسة الثلثاء. وفي حال التوصل إلى مساحات مشتركة ستتوجه الأنظار إلى الخارج. فلبنان لا يزال امام فرصة تاريخيّة للذهاب إلى تموضع إقليمي أفضل وللذهاب إلى ازدهار وإعادة إعمار، وإلا فان القطار العربي والدولي سيمضي وسيبقى لبنان على حافة الطريق.