الحشيش اللبناني ذهب أخضر.. والانطلاقة قبل الميلاد

يتجاوز مشروع تنظيم زراعة القنب الهندي في لبنان الإطار الزراعي إلى مشروع اقتصادي ودوائي متكامل يمكن أن يدر مليارات الدولارات على البلد. فزراعة القنب تُعد فرصة اقتصادية كبرى للبنان شرط أن يُدار القطاع وفق المعايير الدولية، وهو ما يحرص عليه رئيس الهيئة الناظمة للقنّب في لبنان داني فاضل.

يشرح فاضل في حوار مع "المدن" تفاصيل الخطة، المعايير المعتمدة، كيفية تذليل العقبات وآلية العمل التي ستفتح أمام المزارعين أسواق العالم وتضع لبنان على الخريطة الدولية لإنتاج القنّب الطبي والصناعي.

الإطار القانوني والتنظيمي

نعمل بالتعاون مع الوزارات المعنية للنهوض بقطاع القنب الواعد الذي يمكن أن يدر مليارات الدولارات على لبنان، على ما يقول فاضل. فالهيئة الناظمة أنجزت مسودة النظام الداخلي والمراسيم التطبيقية، وسترفعها إلى الجهات المعنية لإقرارها في مجلس الوزراء في أقرب وقت ممكن.

ويشدّد فاضل على عدم وجود وسيط بين المزارعين والهيئة الناظمة، فعمليات التسجيل والترخيص والبيع والرقابة وكل ما يتعلّق بزراعة القنب وتسويقه سيتم عبر منصة إلكترونية متطورة وسهلة الاستخدام.

ومن المفترض أن تنطلق المنصة قبل عيد الميلاد أي في مطلع شهر كانون الأول المقبل، كما من المتوقع أن يتم البت بالنظام الداخلي والمراسيم التطبيقية قبل نهاية العام بهدف مواكبة الموسم الزراعي القادم.

ويضيف أن الخطة التنظيمية ترتكز على المعايير الأوروبية والدولية لضمان الشفافية والجودة، وهو ما يفتح المجال أمام القنب اللبناني لدخول الأسواق العالمية.

 

احتضان المزارعين وتنظيم القطاع

من الضروري أن نحتضن مزارعي القنب فجميعهم متعطشون لقوننة زراعتهم، ومستعدون للتعاون لإنجاح القطاع وتطويره، يقول فاضل، ويتابع: "سنتشدّد في الرقابة ونضع شروطاً تتبع معايير الاتحاد الأوروبي والدول المتطورة في هذا المجال، وذلك بهدف فتح المجال أمام المزارع اللبناني ليزرع وفقاً لقوانينهم ومعاييرهم، حتى نتمكن من التصدير إلى دولهم.

يشدّد فاضل على أن المزارع الذي لا يلتزم بشروط الهيئة الناظمة لن يتمكن من بيع إنتاجه من القنّب حتى في السوق المحلية، لأن القانون يفرض الزراعة وفق نظام GACP (الممارسات الزراعية الجيدة) والبيع لشركات تمتلك ترخيص GMP (الممارسات التصنيعية الجيدة)، من هنا لا بدّ من اعتماد مواصفات الاتحاد الأوروبي لفتح سوق وطني مع أوروبا، وليس فقط مع كندا وأمريكا وأستراليا وإنجلترا.

ويشرح أن الممارسات الزراعية الجيدة تفرض إقامة سياج للأرض المزروعة قنّب بمواصفات محددة وكاميرات وإضاءة عند المداخل، لضمان أمن المزروعات وسلامة الإنتاج.

هوية القنّب اللبناني

توجد فروق كبيرة جداً بين أنواع القنب، لذلك تعمل الهيئة الناظمة على إعطاء بصمة خاصة لكل نبتة. فكل نبتة قنّب، بحسب فاضل، لها بصمتها الجينية التي تحدد نوع المادة الدوائية المنتجة. وقد بيّنت التحاليل أن الحشيشة اللبنانية من أهم الأصناف في العالم من حيث جودة الإنتاج الدوائي.

ويوضح فاضل أنّ بعض الأدوية تحتاج إلى نسب محددة من CBD وTHC، ولأن النبتات اللبنانية لا تحتوي كمية كافية من الـCBD، سيجري استيراد بذور من الخارج لتلبية هذه المتطلبات.

فالحشيشة اللبنانية لا تحتوي على مواد سامة أو ضارة، ويملك لبنان ثمانية أصناف مكتشفة نعمل على إعطائها هوية وطنية، يقول فاضل. ويكشف أن الهيئة ستجري دراسات بالتعاون مع الجامعة اللبنانية والجامعات الخاصة خلال السنتين الأوليين لإصدار شهادة "بلد منشأ" وهوية رسمية للقنّب الوطني.

وبناء على الطلبات التي سنتلقاها من المزارعين للحصول على تراخيص الزراعة، سنتبيّن أنواع المزروعات المطلوبة.

المنصة الإلكترونية والرقابة

ستُعرض خريطة لبنان بوضوح على المنصة الإلكترونية التي سيتم إطلاقها قريباً، بحسب فاضل، لتظهر الأراضي المزروعة بالقنب وأنواعها ومواعيد الزراعة والحصاد والكميات المتوقعة.

فالمنصّة ستكون شفافة ومفتوحة أمام العالم، على غرار منصّات العقارات أو السيارات، وتُظهر بيانات الإنتاج بالتفصيل. وعن صعوبة استخدام المزارعين للمنصة الإلكترونية، يؤكد فاضل أن التعامل عبرها سيكون سهلاً جداً، أشبه بتطبيق واتساب. وستقوم الهيئة الناظمة بتدريب المزارعين على استخدامها، من دون السماح لأي وسيط بين الهيئة والمزارع.

ومن خلال المنصة ستتم مراقبة الأراضي ميدانياً، ويؤكد فاضل أنه يمكن مراقبة الأراضي المرخص زراعتها وكذلك تلك المزروعة بصورة غير مشروعة، في غضون ثوانٍ فقط. فالرقابة ستعتمد على الذكاء الاصطناعي والطائرات المسيّرة وأجهزة المختبرات بالتنسيق مع الجهات الأمنية والجيش.

ويلفت فاضل إلى أن "الأمم المتحدة تقدم لنا تقريراً سنوياً يجب أن يتطابق مع تقرير الهيئة الناظمة على المنصة، حتى لا يتحول الإنتاج إلى صناعة غير مشروعة مثل الكبتاغون."

ويرجّح فاضل أن تُطلق المنصة قبل عيد الميلاد، وأن يُرفع النظام الداخلي والمراسيم التطبيقية إلى مجلس الوزراء في الأول من كانون الأول لمواكبة الموسم الزراعي القادم.

وعن مشاركة المزارعين يوضح فاضل أنه "من خلال الزيارات واللقاءات مع المزارعين تبيّن أن الجميع يريد الدولة، فهم يرون فيها خلاصهم وحلمهم منذ مئات السنين."

الجدوى الاقتصادية 

يتوقع فاضل أن نرى أول منتج قانوني من القنب اللبناني جاهزاً العام المقبل، متمنّياً أن تتخذ الحكومة في أقرب وقت قراراً يسمح بتصريف الإنتاج المزروع حالياً وفقاً للقانون، لوجود مزارعين بأمس الحاجة لتصريف إنتاجهم بشكل قانوني.

ويؤكد أن تصريف الإنتاج الحالي يمكن أن يدر أكثر من 90 مليون دولار لمزارعين ملتزمين بالقانون. ويقول "إذا استطعنا تصريف إنتاجنا هذه السنة، فالسنة المقبلة سيكون لدينا منصّة جاهزة وعمل منظم أكثر بكثير لبيع الإنتاج إلى الأسواق العالمية."

وفي ما يتعلق بالأسعار يلفت فاضل إلى وجود مزارعين يبيعون الكيلو مقابل 250 دولاراً، وأحياناً الغرام بـ0.04 سنت بينما يمكننا بيع القنب اللبناني على شكل غرامات بأسعار تتراوح بين 4 أو 10 أو 30 دولاراً، وقد يصل إلى 50 دولاراً خارج البلد، ما يعني أن كل كيلو سينتجه المزارع ونبيعه بالغرام يمكن أن ينتج للدولة 1000 دولار وبالتالي يمكن للقطاع أن يدر مليارات الدولارات.

وبتطبيق الشروط والمعايير الدولية، يستطيع المزارعون تحقيق عوائد إضافية كبيرة وتغطية تكاليف الزراعة من تسوير ومواد عضوية ورش آمن بالمياه وغير ذلك.

وإن كان طرح أول منتج قانوني من القنب اللبناني يحتاج إلى وقت، فإنه في حال استمرار العمل بجدّ على ملف القنّب، قد نشهد العام المقبل على إنتاج أول منتج من "الحشيش"بشكل قانوني.