الحكومة الفرنسية تواجه خطر السقوط بتصويت على حجب الثقة الأربعاء

تواجه الحكومة الفرنسية الأربعاء خطر السقوط بتصويت على حجب الثقة في الجمعية الوطنية، ما قد يعني نهاية سريعة لعهد رئيس الوزراء ميشال بارنييه ودخول البلاد في فوضى سياسية غير معهودة.

وفي حال إسقاط الحكومة بعد ثلاثة أشهر فقط على تسمية بارنييه رئيسا للوزراء، سيجد الرئيس إيمانويل ماكرون نفسه أمام معضلة مستعصية بشأن السبل الممكن اعتمادها للمضي قدما.

وستناقش الجمعية الوطنية مذكرتين لحجب الثقة قدمهما اليمين المتطرف واليسار المتطرف، في ظل الخلاف مع بارنييه بشأن الميزانية، بعدما مرّر رئيس الوزراء مشروع قانون تمويل الضمان الاجتماعي من خلال المادة 49.3 من الدستور التي تسمح بتبني النص دون تصويت برلماني.

ومن المتوقع أن يصوّت التجمع الوطني، أبرز أحزاب اليمين المتطرف بزعامة مارين لوبن، لصالح مذكرة حجب الثقة التي طرحها اليسار، ما سيوفر عددا كافيا من الأصوات للإطاحة بالحكومة.

وردا على سؤال عما اذا كانت حكومته قادرة على الخروج سليمة من تصويت الأربعاء، قال بارنييه لشبكة تلفزيونية فرنسية: "هذا ما أريده وهو أمر ممكن. الأمر يعود للنواب".

وأضاف: "أعتقد أنه من الممكن أن يحصل رد فعل مستند إلى المسؤولية ونقنع أنفسنا بوجود مصلحة عليا أقوى من الخلافات السياسية والتباينات والتناقضات الطبيعية في نظام ديموقراطي".

لكن غالبية المحللين يعتقدون أن مصير الحكومة بات محسوما في ظل تقاطع غير المعهود بين اليمين المتطرف واليسار.

"خيال سياسي" 
وتأتي الأزمة المتجددة في فرنسا عقب دعوة ماكرون الى إجراء انتخابات مبكرة في صيف العام 2024 سعى من خلالها، دون جدوى، الى الحد من تقدم اليمين المتطرف بعد الانتخابات الأوروبية. وأسفرت الانتخابات التشريعية عن انقسام حاد في الجمعية الوطنية، حيث فشل أي طرف سياسي وازن في نيل غالبية تكفيه لتولي الحكم.

وسمى ماكرون بارنييه لتأليف الحكومة، لكنه بقي تحت رحمة لوبن واليمين المتطرف القادر على إسقاطه.

ويجد الرئيس الفرنسي نفسه حاليا أمام خيارات محدودة في حال انهيار الحكومة، اذ يمنع الدستور الدعوة الى انتخابات عامة جديدة قبل انقضاء عام على دورة الاقتراع الأخيرة.

ووصل الأمر بالبعض الى طرح احتمال استقالة ماكرون الذي يجري حاليا زيارة دولة الى السعودية تختتم الأربعاء، للخروج من الأزمة.

لكن ماكرون استبعد اي احتمال للاستقالة، معتبرا أن سيناريو القيام بذلك لكسر الجمود الداخلي يرقى الى مستوى "الخيال السياسي".

وقال للصحافيين الثلاثاء إن استقالته "ليست منطقية". أضاف: "أنا أقف أمامكم (بصفة رئيس) لأن الشعب الفرنسي انتخبني مرتين. أنا فخور جدا بذلك وسأحترم هذه الثقة بكل طاقتي حتى الثانية الأخيرة لأكون مفيدا للبلاد".

ورجحت بعض الشخصيات المعارضة، وحتى أصوات تعد أقرب الى أوساط الرئيس الفرنسي، أن تكون الاستقالة الخيار الوحيد المتاح أمام ماكرون.

الى ذلك، اتهم ماكرون التجمع الوطني وزعيمته مارين لوبن التي ترشحت ثلاث مرات الى الرئاسة الفرنسية، بممارسة "خبث لا يحتمل" من خلال دعم مذكرة حجب الثقة عن حكومة بارنييه.

وقال: "لا يجدر بنا أن نخيف الناس بهذه الأمور، لدينا اقتصاد قوي".

وفي حين تجمع غالبية المعلقين الفرنسيين على تقاطع اليمين واليسار لإسقاط بارنييه، أعرب ماكرون عن "عدم اعتقاده" بأن مصير الحكومة هو السقوط، وأن مذكرة حجب الثقة ستنال الأصوات الكافية في الجمعية الوطنية.

والأسماء المطروحة لخلافة بارنييه في حال إقالته، معدودة للغاية، وتشمل وزير الجيوش الفرنسية سيباستيان لوكورنو، والسياسي الوسطي فرانسوا بايرو. ويعد الاثنان من حلفاء ماكرون.

وفي حال سقوط بارنييه، ستكون هذه المرة الأولى يتم فيها حجب الثقة عن حكومة فرنسية منذ حكومة جورج بومبيدو عام 1962 في عهد الرئيس شارل ديغول.

كما سيكون عهد بارنييه الأقصر لأي حكومة منذ تأسيس الجمهورية الخامسة في فرنسا عام 1958.

ويرى محللون أن لوبن (56 عاما) تغامر من خلال السعي الى الإطاحة بماكرون قبل نهاية ولايته من خلال إسقاط بارنييه.

وتواجه الزعيمة اليمينية المتطرفة ملاحقة قضائية في قضية اختلاس أموال للبرلمان الأوروبي. وفي حال إدانتها في آذار (مارس)، قد تمنع من خوض الانتخابات الرئاسية المقررة في 2027.

وشددت لوبن على أن الموقف المتشدد لحزبها من بارنييه يستند بالكامل الى رفض الميزانية المقترحة على اعتبار أنها ستؤدي الى إفقار الفرنسيين بشكل إضافي، معتبرة أن بارنييه مصيره "الفشل" طالما اتبع سياسات ماكرون.