المصدر: وكالة أخبار اليوم
الجمعة 8 تشرين الأول 2021 16:39:56
كتب أنطون الفتى في وكالة "أخبار اليوم":
في بلد هو لبنان، تكتفي فيه الحكومة بلعب دور الحَكَم بين المواطن وصاحب المولّد الخاص، وتُنبّه وزارة الداخلية فيها (الحكومة) الى ضرورة التثبُّت من متانة تجهيزات الطاقة الشمسية، ومن مخاطر تكاثر خزانات المحروقات في نطاقها، بدلاً من العمل بكامل طاقتها (الحكومة) على الإسراع في تخليصهم من التقنين الكهربائي القاسي، ومن الوقوع تحت رحمة أصحاب المولّدات الخاصّة. وفي بلد هو لبنان، يهرع فيه المواطن الى كلّ ما له علاقة بالطاقة الشمسية، بمبادرات فردية، يبدو قاسياً النّظر الى العقد الذي وقّعه العراق مع الإمارات، لبناء خمس محطّات كهروشمسية لتوليد الطاقة (ألف ميغاوات)، وذلك ضمن مساعي الحكومة العراقية لحلّ أزمة نقص الكهرباء التي تعانيها البلاد.
أين لبنان؟
فها هو العراق، يمضي في سُبُل وضع حدّ للنّقص في إمدادات الطاقة الكهربائية، وفي تحرير قراره السياسي أيضاً، ضمن المشهد نفسه، خصوصاً أنه يستورد الطاقة الكهربائية من إيران، لتعويض هذا النّقص، كما يعتمد على المولّدات الخاصّة في مناطق عدّة من البلاد.
والخطوة العراقية هي أولى المراحل العملية التي اتّخذتها الحكومة هناك، للاعتماد على الطاقات البديلة، والنظيفة، والمتجدّدة، في إنتاج الطاقة الكهربائية، وفي تلبية احتياج العراق من الطاقة. فأين لبنان من كلّ ذلك؟
غياب رسمي
شدّدت المستشارة القانونية في شؤون الطاقة، المحامية كريستينا أبي حيدر، على "ضرورة تفعيل كل المشاريع التي لها علاقة بالطاقة المتجدّدة، خصوصاً أن لبنان يتمتّع بوفرة في المياه، والرياح، وفي الأيام المُشمِسَة خلال السنة. بينما تلك العناصر الثلاثة هي أساسية للنّجاح في العمل ضمن هذا الإطار".
ونبّهت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" من "مساوىء الغياب اللبناني الرسمي الكبير على هذا الصّعيد، قانونياً وتطبيقياً، وسط تأخير كبير في هذا المجال، مقارنةً مع دول أخرى. وحتى إن الإلتزامات الدولية للبنان في مجال الطاقة، لا تجد ترجمة ملموسة وفعلية لها".
وشرحت:"للبنان التزامات بموجب اتّفاق باريس للمناخ، في مجال تخفيف انبعاث الغازات الدفيئة، وانبعاثات ثاني أوكسيد الكربون. ولكن لا تطبيق لبنانياً في شأنها، وسط إصرار رسمي على البقاء على "الفيول" لتوليد الكهرباء".
فردياً وعشوائياً
وأوضحت أبي حيدر أن "من أحد أسباب مشاكل الكهرباء في لبنان، هو عَدَم تطبيق القانون رقم 462، الصّادر عام 2002، الذي يهدف الى تنظيم قطاع الكهرباء، والذي ينصّ على إنشاء هيئة ناظمة مستقلّة، ويُدخِل القطاع الخاص كشريك في هذا المجال. بالإضافة الى عَدَم الذّهاب قانونياً في طريق تفعيل مشاريع الطاقة المتجدّدة، من طاقة شمسية وغيرها".
وأشارت الى أن "للبنان القدرة على توليد الطاقة الكهرمائية، منذ أيام الإنتداب الفرنسي. ولكن وزارة الطاقة أهملت وتُهمِل كلّ تلك الإمكانات، في شكل يتزامن مع تغييب قوانين للطاقات المتجددة، ولحفظها. واستفحال الأزمة الكهربائية حالياً، جعل الناس يشعرون بالحاجة الى كلّ ذلك، وصاروا يتهافتون على كل ما له علاقة بالطاقة الشمسية، رغم أزمة الدولار، ورغم أن ذلك يتمّ فردياً وعشوائياً، ودون التدقيق كثيراً بجودة الأجهزة، في طريق البحث عن كلّ ما يخفّف فاتورة المولّدات الخاصّة الباهظة. ولكن كلّ ما يحصل على نطاق شعبي وفردي حالياً، ليس أكثر من حلول موقّتة، بينما الحلول الفعلية تحتاج الى خطوات أكبر، وعلى مستوى رسمي، في هذا المجال".
محرّك أساسي
وأكدت أبي حيدر "أننا عملنا على قانون حول "الطاقات المتجدّدة الموزَّعَة"، وهو مموّل من "بنك التنمية الأوروبي". وهو قانون إذا أُقِرّ في مجلس النواب، وبالتعاون مع شركة "كهرباء لبنان"، سيفتح السوق أمام استثمارات القطاع الخاص في توليد الطاقة، من خلال الشمس والرياح والمياه. وهو ما سيساعد على تحقيق اللامركزية في هذا القطاع، ولو على نطاق بلدي محدود أوّلاً، وسيُسهم في حلّ جزء كبير من المشكلة".
ورأت أن "المشكلة في عَدَم تفعيل مشاريع الطاقة المتجدّدة لبنانياً، تعود الى أسباب داخلية لا خارجية، في الأساس. فالمؤامرة داخلية، وهي على الشعب اللبناني، وتنطلق من سلطة سياسية تجد أن مصلحتها هي في إبقاء اعتماد لبنان على "الفيول"، بدلاً من الغاز، الذي هو أفضل للبيئة والصحة من "الفيول". وهنا "الصندوق الأسود"، المرتبط بالقرار السياسي الداخلي، وبالإبقاء على "كارتيلات" المولّدات الخاصّة المرتبطة بجهات سياسية داخلية".
وأضافت:"أين هو الحصار على لبنان، الذي يتحدّثون عنه، طالما أن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية،(USAID) ، تعمل حالياً على أنشطة في مجال الطاقة المتجدّدة فيه (لبنان)، بقيمة نحو 29 مليون دولار، من أجل توفير طاقة موثوقة ومستدامة، وتحسين تقديم الخدمات الأساسية، في جميع المناطق اللبنانية؟".
وختمت:"مؤسف أن لا إنجازات داخلية على صعيد الطاقة، في وقت أن غياب الكهرباء يعني أن لا قدرة إنتاجية فعلية للمصانع، ولا إمكانية لتوفير أمن غذائي موثوق، ولا قدرة على تأمين عام دراسي سليم، ولا على توفير وضع إستشفائي جيّد. وهذه كلّها الكارثة بعينها، خصوصاً أن المحرّك الأساسي للخطط الإقتصادية، هو توفير الكهرباء".