"الحوافز" الدولارية بالكاد تكفي شهراً.. والحلبي يرفض استقبال الأساتذة

عوضاً عن عقد وزير التربية عباس الحلبي لقاءٍ مع وفد من الأساتذة الثانويين المعارضين، الذين يمثلون أساتذة من كل لبنان في "لجنة تنسيق الانتفاضة"، التي انبثقت مؤخراً بعد مواصلة الأساتذة إضرابهم، رغم قرار روابط المعلمين العودة عن الإضراب، قرر الحلبي إلغاء الموعد. فقد كان من المفترض أن يعقد لقاء معهم اليوم عند الساعة الثالثة، لكن روابط المعلمين ضغطت من خلال أطرها الحزبية لعدم انعقاد الموعد.


عدم محاورة المعارضين
رغم كل الضغوط التي مارستها وزارة التربية والضغوط الحزبية على الروابط، ما زالت غالبية الثانويات والمهنيات مقفلة أمام الطلاب، بسبب رفض الأساتذة العودة إلى التعليم قبل تصحيح رواتبهم. ويقول أحد أعضاء الروابط تعليقاً على أوضاع الأساتذة الحالية، بعد رفض الحكومة شملهم ببدل إنتاجية أسوة بالقطاع العام، إن الروابط تبحث بجنس الملائكة. وانهمكت حالياً باحتمال استقبال وزير التربية وفد من الأساتذة المعارضين للتباحث بالعام الدراسي. وعملت على إلغاء الموعد، بينما كان يفترض بها الضغط على الحكومة والوزارة للحفاظ على الوظيفة العامة، وعدم جعل الأساتذة مياومين لدى الدولة.
لكن المشكلة لا تكمن في الروابط، بل في الوزير الحلبي الذي ألغى اللقاء. فعوضاً عن محاورة الوزير هؤلاء المعارضين والظهور بأنه يريد كل أساتذة التعليم الرسمي إلى جانبه لمحاولة انهاء العام الدراسي، قرر إلغاء الموعد لأن روابط المعلمين لا تريد هذا اللقاء. وهذا رغم أن الوزير اختبر شخصياً أن روابط المعلمين لا تسيطر على حركة احتجاجات الأساتذة، بدليل عدم رضوخهم لما قررته الروابط، تقول المصادر.

أموال الدولة غير كافية
بعد مرور أكثر من أسبوع على موعد دفع الدفعة الثانية من بدل الإنتاجية (مئتي دولار عن شهرين سابقين) لم تصل الدولارات إلى الأساتذة. علماً أن الوزارة أمام استحقاق البدء بدفع أول دفعة من حوافز الأشهر الأربعة المقبلة. ويفترض أن تدفع الوزارة 125 دولاراً عن شهر آذار في الأول من نيسان. ما أفقد الأساتذة، الرافضين أصلاً للحوافز، الثقة بإمكانية التزام الوزارة بتعهداتها. فإذا كانت الحوافز المتأخرة لم تدفع بعد، فكيف لها أن تدفع حوافز الأشهر المقبلة؟ يسألون.
وزارة التربية في مأزق فعلي. الأساتذة ينتظرون دفع الحوافز للتأكد من أن التمويل متوفر، والدول المانحة تنتظر الوزارة لمعرفة مدى قدرتها على الإيفاء بتعهد بفتح أبواب المدارس هذا العام، ووضع خطة شاملة ومستدامة للقطاع التربوي. فقد مولت الدول المانحة جزءاً من بدلات الإنتاجية مقابل دفع الدولة اللبنانية الجزء الآخر. ووفق مصادر مطلعة على هذا الملف، كانت حسابات وزارة التربية قائمة على أن سلفة الـ1050 ملياراً ستكفي لتمويل بدل الإنتاجية للأشهر الأربعة المقبلة. لكن تغير سعر منصة صيرفة من 43 ألف ليرة إلى أكثر من تسعين ألف ليرة أدخل الوزارة بعجز عن دفع بدل الإنتاجية. فالمبالغ المتوفرة لا تكفي لدفع إلا بدلات لشهر واحد أو لشهرين في حال اعتمد سعر منصة أدنى من السعر الرسمي لصالح وزارة التربية.

مساواة الأساتذة بالقطاع العام
وفي التفاصيل، لم يكن بحسبان وزارة التربية تغير سعر الصرف والعجز عن دعم أساتذة التعليم المهني وأساتذة الجامعة اللبنانية ببدل إنتاجية مثل أساتذة التعليم الرسمي من السلفة. وفيما باشرت الوزارة دعم أساتذة المهني من السلفة ودفعت لهم المئة دولار الأولى، باتت أمام تحدي دفع الدفعة الثانية (المئتي دولار)، التي لم تصل أساتذة التعليم الرسمي بعد. هذا فضلاً عن أن أساتذة الجامعة اللبنانية ينتظرون دعمهم من السلفة بمبلغ 125 دولاراً أسوة بالأساتذة. وقد تعهد الوزير لرئيس الجامعة ببدء دفع هذه الحوافز في مطلع نيسان.
وحيال هذا العجز المالي كان يأمل وزير التربية من رئيس الحكومة شمل أساتذة الرسمي ببدل الإنتاجية كسائر موظفي القطاع العام. غير ذلك سينكشف ظهر الوزارة ليس أمام الأساتذة بل أمام الدول المانحة التي دفعت حصتها من الحوافز. فلا حلول أمام وزارة التربية إلا من خلال شمل الأساتذة مع موظفي القطاع العام. لكن رئيس الحكومة سحب اقتراح مشروع مرسوم دعم القطاع العام عن جلسة مجلس الوزراء، وانشغل بالتوقيت الصيفي والشتوي. وخصص جلسة للاتفاق على التوقيت، فيما القطاع العام كله في إضراب مستمر منذ ثلاثة أشهر. وعلى ما تشرح مصادر وزارية لـ"المدن"، مشكلة القطاع العام أن الحل الأكثر ثباتاً له في الوقت الحالي هو الاعتماد على صندوق النقد الدولي، وتمويله من حقوق السحب الخاصة. لكن مشكلة لبنان أنه لا يستطيع الحصول على الأموال من دون إجراء إصلاحات جذرية مطلوبة. وإلى حين ذلك يتم البحث بمقترحات دعم الموظفين ببدل إنتاجية من هنا وسعر منصة صيرفة خاص بهم من هناك. 

وإلى حين إيجاد حل مؤقت لعودة الأساتذة إلى التعليم، يدفن المسؤولون رؤوسهم بالرمال حيال الإضراب المستمر منذ ثلاثة أشهر، ويصدرون بيانات وإحصاءات تتعلق بنسبة المدارس والثانويات التي فتحت أبوابها كما لو أن الطلاب يتعلمون، فيما الواقع على الأرض مغاير تماماً. فالتعليم في المرحلة الثانوية في المدارس التي فتحت ما زال جزئياً ولا تعليم للمواد الأساسية للطلاب، لأن عدداً قليلاً من الأساتذة يداومون وجلّهم من المتعاقدين.