المصدر: المدن
الأحد 10 تشرين الأول 2021 18:06:50
كتب خضر حسان في المدن:
تبحث وزارة الطاقة عن تمويل لشراء الفيول والغاز أويل لتشغيل معامل الطاقة. ولا يعني تشغيلها زيادة التغذية والتخلّص من العتمة شبه الشاملة، بل للحفاظ على مستوى إنتاج يبلغ 500 ميغاوات، لضمان استمرارية الشبكة وعدم هبوطها والتسبّب بالانقطاع التام وانتظار إعادة تشغيل المعامل. وآخر سبل التمويل، رست على مصرف لبنان الذي وافق على تأمين 100 مليون دولار. على أن تساهم الكميات المشتراة، مع ما سيصل من العراق، في رفد المعامل وزيادة ساعات التغذية. وسيلتمس اللبنانيون الزيادة "آخر الشهر"، على ما وعد به وزير الطاقة وليد فياض. لكن هل يدرك الوزير حجم المشاريع التي لم تُنَفَّذ، والتي كان من المفترض بها تأمين الكهرباء 24 ساعة، بالتوازي مع تخفيضها كلفة شراء الفيول والغاز أويل؟
مشاريع على الورق
بات الاعتماد على الطاقة البديلة والمستدامة، أمراً شائعاً في أغلب دول العالم، بما فيها الكثير من الدول الفقيرة. أما نصيب لبنان من هذه الطاقة، فهو الخطط التي وُضِعَت لَبِنَتها الأولى، وتُرِكَت لمصيرها عمداً.
تضمّنت ورقة سياسة القطاع (2010) التي تُعَدُّ خريطة الطريق الباسيلية لـ"إصلاح" قطاع الطاقة، مشاريع تعتمد على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والمياه. وتوجّهت أنظار الباسيليين نحو نتائج إيجابية تؤدي بعد 10 سنوات، أي في العام 2020، إلى زيادة مستوى الاعتماد على الطاقة البديلة، بالتوازي مع "تخفيف حجم الإستهلاك النفطي بحوالى 767 كيلوطن، وضخ استثمارات عبر مشاريع تفوق قيمتها الـ1.7 مليار دولار"، وفق ما أعلنه وزير الطاقة الأسبق سيزار أبي خليل في العام 2018.
"الخطة الوطنية للطاقة المتجددة" كما يصفها الباسيليون، لَمَعَت فيها أربعة مشاريع، إثنان منهما على الطاقة الشمسية، والثالث على طاقة الرياح والرابع على الطاقة المائية.
خصائص المشاريع الأربعة
المشروع الأول، هو مشروع الطاقة الشمسية فوق نهر بيروت. حيث رُكِّبَت ألواح شمسية على امتداد 300 متر فوق مجرى النهر، بكلفة وصلت إلى 3.1 مليون دولار. كان من المفترض أن تؤمّن هذه المحطة الشمسية 1 ميغاوات، قادرة على تغذية ألف منزل في محيطها. فيما المشروع الثاني يمتد على كامل الأراضي اللبنانية، يُبنى خلاله 12 محطة شمسية تُنتِج كل واحدة منها 15 ميغاوات. يتولى القطاع الخاص بناءها وتُباع الكهرباء إلى مؤسسة كهرباء لبنان.
تأخّرَ المشروع الأول نحو ثلاث سنوات. ثم أطلقت مناقصته في العام 2013، وأهمِل بعد الإنشاء حتى اليوم. في حين أن تحديد الأسعار للمناطق في المشروع الثاني، انطلقت في العام 2019، وحصدت المحطة المنوي إنشاؤها في البقاع، كأقل تكلفة، إذ كان من المفترض تأمين الكهرباء منها وبيعها للمؤسسة بقيمة تقل عن قيمة ما تنتجه المعامل، بنحو 10 سنت لكل ميغاوات. وبدل إنشاء المحطة، أهمِلَ المشروع على امتداد البلاد.
المشروع الثالث يُعَدُّ له منذ العام 2012، ولم يُبصر الخطوات التنفيذية إلا بعد 6 سنوات، إذ جرى توقيع عقود شراء الطاقة مع 3 شركات تأهلت لتنفيذ المشروع في منطقة عكار. وبعد أن كان لزاماً على الشركات تنفيذ المشروع خلال 36 شهراً، مع توقُّع أبي خليل بأن تصبح الطاقة الكهربائية على الشبكة "قبل هذا الوقت"، كُتِمَ صوت المشروع.
المشروع الرابع خُنِقَ في مهده. وكان من المقدّر له أن يكون عبارة عن محطات كهرومائية في كافة المناطق، تنتج كلّ منها 4 ميغاوات، ولا يتخطّى إنتاجها الإجمالي 300 ميغاوات.
الفرصة ممكنة
رغم مستنقع الوحل الذي يغرق به قطاع الطاقة حالياً، إلاً أن الخروج ممكن، والطريق نحو الطاقة البديلة ما زال مفتوحاً "شرط تغيير النهج الذي تسير عليه وزارة الطاقة والحكومة"، على حد تعبير مدير عام الاستثمار السابق، في وزارة الطاقة، غسان بيضون، الذي يؤكد لـ"المدن"، أن "كل الظروف التي بنيت عليها ورقة سياسة القطاع انتفت. وبدل تغييرها، وافقت عليها حكومة نجيب ميقاتي، وأكدت على تأمين الكهرباء بأسرع وقت، أي الذهاب نحو الاستدانة لتأمين الفيول".
وبرأيه، "كل خطة الكهرباء التي أقرت في العام 2010، وبقاياها، يجب مسحها وإلغاء كل الموافقات المسبقة على المشاريع. ويتزامن ذلك مع تعيين الهيئة الناظمة وإجراء التغييرات الإدارية اللازمة في مؤسسة كهرباء لبنان، بدءاً من المدير العام ومفوّض الحكومة ومراقب عقد النفقات، وصولاً إلى تشغيل مركز التحكم وتأهيل مبنى المؤسسة".
ويلفت بيضون النظر إلى أن "هناك شركات جاهزة للاستثمار في مشاريع الطاقة البديلة وخصوصاً في الطاقة الشمسية، وتحديداً في منطقة رأس بعلبك في البقاع، إذ توجد أرض جاهزة مساحتها مليونين متر مربع، يمكن تقسيمها وتلزيمها كبلوكات لعدد من الشركات".