المصدر: نداء الوطن
الخميس 14 آب 2025 07:34:55
بعد انقطاع دام ست سنوات منذ اجتماعها الأخير في عهد وزيرة الداخلية السابقة ريا الحسن قبل استقالة حكومة الرئيس سعد الحريري إثر اندلاع الانتفاضة الشعبية عام 2019، عادت لجنة السلامة المرورية إلى الانعقاد في 6 آب الجاري بدعوة من وزير الداخلية أحمد الحجار الذي يولي المسألة أهميّة قصوى، وبحضور ممثلي قوى الأمن الداخلي والوزارات المعنية وعدد من الجمعيات المتخصّصة.
وفي أولى الخطوات العملية التي أعقبت الاجتماع، علمت "نداء الوطن" أنّ وزارة الداخلية وجّهت تكليفات مباشرة للمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، التي شاركت في الاجتماع ممثَّلة بالعميد جان عواد قائد الدرك الإقليميّ، والعقيد روبير رحال رئيس شعبة المرور، والعقيد فؤاد رمضان قائد سريّة سير بيروت، لتنفيذ سلسلة إجراءات، أبرزها:
1. التنسيق مع الصليب الأحمر لاستثمار بيانات الحوادث لديه، ومقارنتها مع بيانات غرفة عمليات قوى الأمن الداخلي، بغية توحيد المعلومات وتشخيص النقاط السوداء وأسباب الحوادث وأوقاتها، ووضع النتائج بتصرّف اللجنة الوطنية للسلامة المرورية.
2. استكمال الجهود لإعادة تفعيل إشارات السير الضوئية والكاميرات المعطّلة في بيروت الكبرى، وهو إجراء حيويّ للرقابة وضبط المخالفات.
3. تعزيز الإجراءات الميدانية لوحدات الدرك الإقليمي وشرطة بيروت لضبط مخالفات السير، خصوصًا تلك المرتبطة بالدرّاجات النارية مثل عدم وضع الخوذة، القيادة عكس السير، أو نقل راكب إضافي خلافًا لتصميم الدرّاجة.
4. التشديد على مكافحة مخالفات السلامة العامة ومعها ظاهرة سرقة أغطية الصرف الصحي، التي باتت تهدّد سلامة المارّة والسيّارات.
تهدف الإجراءات الأولى التي اتخذها وزير الداخلية والتي حدّد لها سقفًا زمنيًا ينتهي في 11 أيلول 2025، إلى بناء قاعدة بيانات شاملة أولًا من شأنها أن تُسهم في تشخيص المشكلة المرورية بدقة. وتبرز أهمية هذه المقاربة، في كونها ستقلب معادلة سنوات من الإجراءات المرورية التي ظلّت رهينة ردود الفعل الظرفية، من دون أن تستند إلى بيانات موحّدة أو تحليل علمي لأسباب المخاطر الموجودة على الطرقات. وعليه، فإنّ التوجّه نحو توحيد المعلومات بين قوى الأمن الداخلي والصليب الأحمر يشكّل خطوة تأسيسيّة لانتقال العمل من منطق "المعالجة بالصدفة" إلى التخطيط الاستباقي المبنيّ على الأرقام.
وهذه خطوة أساسية وفقًا لما يؤكّده كامل ابراهيم رئيس الأكاديمية اللبنانية للسلامة المرورية، الذي يعتبر أنّ معالجة أيّ مشكلة من مشاكل الطرقات وحوادثها، تتطلّب أولًا تشخيصًا للمشكلة بدقة، حتى نتمكن من وضع حلول فعّالة، ولهذا يقول "نحن بحاجة أولًا إلى أرقام دقيقة، وإلى أن يكون عمل مؤسسات السلامة المرورية مبنيًّا على خطط واضحة وهادفة تضمن تحقيق السلامة على الطرق".
في المقابل، يعتبر إبراهيم الذي حضر اجتماع اللجنة في 6 آب الماضي، أنّ دعوة وزير الداخلية تكتسب أهميّتها ليس فقط لأن الاجتماع هو الأول منذ أكثر من خمس سنوات، بل لأنه يعكس قرارًا سياسيًا بوضع السلامة المرورية على سلّم أولويات الوزارة، ويدلّ على أن الوزير الحجار يعتبر السلامة المرورية من صلب واجباته.
لا شكّ أنّ وزارة الداخلية تتحمّل المسؤولية الأساسية في الملف لكونها ترأس اللجنة الوطنية الوزارية للسلامة المرورية، وتشرف على البلديات التي تدير شؤون الطرق محليًا، بالإضافة إلى كونها المعنية الأولى بتطبيق قانون السير وملاحقة المخالفات، وتقع تحت سلطتها هيئة إدارة السير المسؤولة عن إصدار الرخص ومراقبة السير، بالإضافة إلى مسؤوليتها عن المعاينة الميكانيكية للمركبات لضمان سلامتها.
إلّا أن هذا الملف وفقًا لابراهيم يشكّل مسؤولية وطنية، تلقى أيضًا على عاتق رئيس الحكومة الذي يترأس المجلس الوطني للسلامة المرورية، بالإضافة إلى مسؤولية وزارات أخرى أبرزها وزارة الأشغال التي عليها الاهتمام بمواصفات الطرقات وتجهيزها بمستَلزمات السلامة المرورية.
وهذا ما سيحدّد مستقبلًا موقف الحكومة مجتمعة من هذا الملف، فإمّا أن تكون داعمة لوزارة الداخلية، أو يؤدي إهمالها إلى مزيد من الضحايا على طرقاتنا.