"الدجاجة التي تبيض ذهباً"... أرخص من الموجود في السوق: كثُر الطلب فزاد الجشع

يشهد لبنان موجة ارتفاع بأسعار المواد الغذائية والسلع والخدمات لم يسبق لها مثيل، على الرغم مما نلمسه من استقرار نسبي في تسعيرة الدولار في السوق السوداء.
البعض لا يفوّت فرصة للإحتكار والتلاعب بالأسعار الا ويستغّلها، حتى بات الموسم السياحي في لبنان أشبه بـ "مافيا الأسعار" والجاذب في الوقت عينه لكل شعوب العالم! ففي منطق "الدني سايبة شو وقفت عليي"، كيف للتّجار الا يعملون على زيادة أرباحهم بنسب تخطّت المعقول متحججين بالضرائب وفواتير الكهرباء ورواتب الموظفين وغيرها من الحجج الفارغة، لتتطبّق عليهم حرفياً المقولة الشهيرة "بيتمسكن ليتمكّن"!
دولار السوق السوداء "رايق" والأسعار "موّلعة"، فكيف لنا أن نفسّر هذه المعضلة في الوقت الذي لا تحليل منطقي لها؟
فإذا اتهمنا الموسم السياحي بالمساهمة في الغلاء، هذا اتهام باطل، كون ارتفاع الأسعار لم يعد يقتصر على الخدمات السياحية والكحول والأطعمة في المطاعم الفخمة، بل بات يطرق باب كل أسرة لبنانية مستهدفاً قوتها اليومي، كاللحوم والدجاج التي كان ولا يزال المواطن اللبناني يرتكز عليها في نظامه الغذائي، بإعتبارها الطبق الأساسي على مائدته.
وهنا يُطرح السؤال، ما السرّ الكامن وراء الارتفاع الجنوني والأسبوعي لأسعار الدجاج واللحوم في الأسواق اللبنانية في ظل استقرار سعر صرف الدولار في السوق الموازية؟
 
رئيس النقابة اللبنانية للدواجن وليم بطرس، حمّل المسؤولية الأولى للحرب الروسية-الأوكرانية، معتبراً أن توقيف ممرات استيراد الحبوب أثّر سلباً على لبنان، من خلال عدم التمكّن من استيراد الحبوب والذرة بكلفة مقبولة لإطعام الدواجن في لبنان.
وفي حديث خاص لموقعنا، قال: "كيف للبنان الا يتأثر بالأزمة العالمية للحبوب؟ فكلفة استيرادنا للحبوب كانت أقل بكثير مما ندفعه اليوم، وهي اليوم زادت علينا بنسبة عالية وساهمت بطريقة مباشرة في ارتفاع أسعار الدجاج في الأسواق اللبنانية".
أضاف: "اضطرننا للذهاب الى أميركا الجنوبية وتحديداً الى البرازيل لإستيراد الذرة، ناهيك عن رسوم عملية الشحن التي كلّفتنا أضعاف ما كنا ندفعه في الماضي".
ولفت بطرس الى أن الموسم السياحي في لبنان ساهم أيضاً بإرتفاع أسعار الدجاج، بسبب زيادة الطلب عليها في المطاعم خاصة في فصل الصيف، موضحاً أن الطلب زاد في الأشهر الماضية على "صدور الدجاج" ما أدى الى ارتفاع أسعارها على عكس باقي الأصناف.
وأشار الى ان موجة الحرّ التي ضربت لبنان مؤخراً، أثرت سلباً على التربة والحبوب، وزادت بدورها الطلب على استيرادها من الخارج بكلفة أكبر.
وعن الأمل في انخفاض الأسعار في القريب العاجل، طمأن بطرس أنه مع انتهاء موسم السياحة في لبنان وتراجع الطلب على الدجاج، سنشهد انخفاضاً في أسعارها لتعود الى ما كانت عليه قبل الموسم، كاشفاً عن محاولة الدول لايجاد ممر بديل للحبوب في البحر الأسود بمساعدة ومراقبة تركيا.
 
وفي محاولة للإستفسار عن سبب ارتفاع أسعار اللحوم أيضا في الأسواق اللبنانية، كان لنا حديث خاص مع نائب نقيب تجار اللحوم في لبنان عبد ملّاح، حيث شرح لموقعنا أن "أسعار اللحوم تختلف بين أجزاء المواشي من جهة وأنواعها من جهة أخرى، فعلى سبيل المثال لا الحصر، الأجزاء الخلفية من اللحوم المستوردة والمبرّدة كالتي تستخدم في (الشوي والشاورما مثلاً) تعتبر أغلى من الأجزاء الأمامية التي تستعمل للطبخ والبرغر..".
وعند سؤالنا عن أسباب مقنعة أكثر، كشف ملّاح أن السبب الأساسي لإرتفاع الأسعار هو محاولة التاجر أو صاحب الملحمة الحفاظ على أرباحه، متحججاً بكلفة الأكياس والأدوات المستعملة وفواتير الكهرباء والمولدات الخاصة.
 
أخيراً وليس آخراً، وبناءً على كل ما تقدّم من حجج وأسباب معروفة وليست وليدة العصر، يتأكّد لنا يوماً بعد يوم أن لا قيامة للبنان في ظل ما نراه من جشع وطمع واحتكار ومضاربات تسيّطر على الأسواق اللبنانية، و"العترة عالفقير"...