المصدر: النهار
الكاتب: منال شعيا
الاثنين 26 آب 2024 07:30:18
هي فوضى الدراجات النارية. المسألة ليست بجديدة، لكن تكاثرت في الآونة الأخيرة الحوادث الناتجة عن الدراجات بعدما لوحظ وجود فوضى عارمة، ولا سيما في بيروت الكبرى.
لا يكاد يمر يوم واحد، من دون تسجيل حادث أو أقله اعتراض غير قانوني من إحدى الدراجات على السيارات أو حتى على المارة. وما هو لافت أن الخطة الأمنية التي أطلقتها #وزارة الداخلية قبل أشهر، تكاد "تتبخر" على صعيد السلامة المرورية.
فهل انتهت الحملة؟ أم هي موسمية؟
تقول مصادر الداخلية لـ"النهار" إن "الحملة لم تتوقف. دائماً هناك حواجز، والقوى الأمنية المعنية تتابع حملاتها على هذا الصعيد".
هذا في المبدأ. أما عملياً، فإن السير على الطرق تكاد تختصره عبارة واحدة: "الفوضى".
وزير لا يلتزم!
في المشهد العام، يلاحظ المواطن أن شارات السير لا تعمل كلها. احترام المفارق أو التقاطع لا يتم دوماً، بحيث تُسجَّل بعض حالات السير "بعكس السير". أما الإضاءة فحدّث ولا حرج في بلد تكاد لا تؤمن فيه الكهرباء داخل البيوت، فكيف في الطرق والشوارع.
وأمام كل هذا المشهد الواقعي، تبدو الدراجات النارية الحلقة الأضعف، لكون أعدادها ترتفع نتيجة الأزمة الاقتصادية وغياب النقل العام، ومعها ترتفع الحوادث وعدم التزام القانون ومعايير السلامة المرورية.
وفي هذا الإطار، تسجل "اليازا" حالات عديدة من الانتهاكات في ما يتعلق بالدراجات. تقول: "لا بد من تأمين المشاركة الطرقية الآمنة"، وتعتبر أن "الطريق والأمان حقّ مكتسب للجميع وبالتساوي بين الشاحنات والسيارات والدراجات والمشاة، لكن علينا جميعاً الانتباه إلى أن ثمة حلقتين هما الأضعف: الدراجات والمشاة، من دون أن يعفي هذا الأمر مسؤولية سائقي الدرّاجات والمشاة على الإطلاق من التزام قانون السير".
وبالطبع، تسجّل "اليازا" عدم تطبيق القانون على الطرق، وكأن حالة الفراغ الذي نعيشه في البلاد، تنعكس غياباً وفراغاً في احترام قانون السير.
وتعطي مثالاً بالغاً عبر الفيديو الذي انتشر أخيراً لوزير الطاقة وليد فيّاض وهو يركب الدراجة النارية في بيروت، غير مرتدٍ الخوذة ولا الملابس المناسبة للدراجة، فأين معايير السلامة المرورية من رجل يمثل السلطة التنفيذية في لبنان؟
إن كان الوزير لا يلتزم، فكيف الحال مع المواطن العادي؟!
على صعيد وزارة الداخلية: "الحملة الأمنية مستمرة".
ففي أيار الماضي، أطلقت الوزارة حملتها الأمنية التي تركزت على محاور عدة أهمها: توقيف المطلوبين، قمع المخالفات وحجز السيارات والدراجات النارية التي تجول من دون أوراق ثبوتيّة، إن كانت للبنانيين أو لأجانب.
يومها، قامت القيامة على قوى الأمن في عدد من المناطق، ونُظمت احتجاجات وشوهدت تظاهرات لأصحاب الدراجات في مناطق معينة، وكأن البعض لا يريد تطبيق القانون، حتى وإن كان قانون السير! فتراجعت وتيرة التشدد الرسمي، وكأن "جمهورية الدراجات" أقوى من الجمهورية اللبنانية!
لكن بنظر المعنيين فإن "الحملة أتت بثمارها المرجوّة"، تقول أوساط أمنية متابعة لـ"النهار": "لقد تراجعت عمليات النشل والسرقة وترويج الممنوعات بنسبة 70 في المئة، والأهم من كل ذلك، أن الحملة مستمرة، لكنها قد تكون بشكل دائم أو متقطع، لكن الحواجز والحملات موجودة".
وتعتبر أنه "لا شك في أن ارتفاع عدد الدراجات النارية غير المرخصة، في فترة زمنية، أسهم في إطلاق الحملة والتسريع في بعض التدابير، من هنا، يعتبر البعض أن بعض التراجع هو عبارة عن توقف الحملة، لكن الواقع غير ذلك".
من الخطة الأمنية.
وكان وزير الداخلية بسام مولوي قد أعلن أنه "تم حجز أكثر من 1700 دراجة ناريّة مخالفة، وهذا ما ألزم مصلحة تسجيل السيارات متابعة الحضور اليومي وتسجيل الآليات المحجوزة".
لكن شعور المواطن بأن الحملة توقفت تُرجم في بعض الحالات، فوضى على الطرق، وما يزيد الطين بلّة أنه حتى الساعة لا دفاتر سوق تُمنح للبنانيين، ما يعني أن ثمة حالة فوضى تتمدّد إن لم تعالج قريباً!
على صعيد الأمن، تطمئن المصادر المتابعة لـ"النهار" أنها "لن تتوقف عن الحملات الرادعة، وأنها قد لا تكون على وتيرة واحدة، هي تخفت وتتصاعد، لكنها موجودة، من دون أن تفقد عنصر المباغتة أحياناً".
أما على صعيد "اليازا"، فقد رصدت خلال شهر تموز فقط: 180 حادث سير، نتج منه 41 ضحية و233 جريحاً، (حتى 30 تموز الحالي)، وهي لا تتوانى عن إعطاء بعض الإرشادات، ومنها: "عند مشاهدتك دراجة نارية في الطريق، تأكد من أن اقترابك منها سيربك السائق بفعل عامل الهواء الذي يؤثر عليه، كما أن مكابح الدراجة النارية تمنحها سرعة الوقوف بسرعة أكبر من المركبة، لذلك لا تقترب منها من الخلف واترك مسافة كافية بعيدة عنها"، وتذكر دوماً أن ارتداء الخوذة ضروري لأصحاب الدراجات، على أن تكون وفق المعايير العالمية المعتمدة، لأن أي خرق في هذا المجال يعرّض صاحبها لخطر محتم، كما لتهديد مباشر مع السيارات والمارة... فأين طرق لبنان من كل هذه المعايير؟!
ببساطة، إن تحلّل الدولة بات يتمظهر أيضاً على الطرق... وفي القيادة!