كانت السعادة تغمر الطالبة اللبنانية منار سليمان في عام 2018 لانتقالها من بعلبك إلى بيروت لدراسة الهندسة المعمارية في جامعة سيدة اللويزة بعد أن حصلت على منحة دراسية كانت تغطي 85 بالمائة من النفقات.
وتقول الجامعات إن قرار "الدولرة/ التحول إلى الدولار" يعد الحل الوحيد لاستمرار العملية التعليمية والحفاظ على جودة التعليم الجامعي. لكن في المقابل فإن هذا القرار سيُضاعف أعباء الطلاب وقد يدفعهم إلى ترك الجامعة وعدم إتمام تحصيلهم العلمي.
وفي ظل هذه الأزمة، باتت الطالبة مايا حمادة، التي تدرس في الجامعة اللبنانية الأمريكية في وضع صعب للغاية. فرغم أنها حصلت على منحة دراسية وتعمل أيضا، إلا أنه لن يكون بمقدورها دفع باقي رسوم الجامعة بالدولار.
وتقول "أعيش في قضاء الشوف في محافظة جبل لبنان وتزداد تكاليف المواصلات إلى جامعتي في بيروت منذ بداية العام الدراسي، وتزداد أيضا تكاليف نُزل الطلاب والمطاعم وغيرها لدرجة أن بعض المتاجر والمطاعم قامت بزيادة الأسعار بالدولار وليس بالليرة".
وتؤكد مايا على أن قرار دفع رسوم الجامعة بالدولار ليس "عادلا" لأنه سيعرض مستقبل العديد من الطلاب للخطر، وتضيف أنها تبحث "عن متبرعين فيما أحاول أن أطلب من جامعتي زيادة المساعدات المالية التي أحصل عليها." وتتابع "من دون ذلك، لن أتمكن من مواصلة دراستي وحتى إذا واصلت الدراسة، فسوف تتراكم الديون ولن تستطيع عائلتي سدادها".
"إننا مثل المحاربين الأبطال"
بدورها، تؤكد سارة الأسمر، التي تدرس العلوم السياسية والشؤون الدولية في الجامعة اللبنانية الأمريكية وهي عضو في المجلس الطلابي، على أن الأزمة الاقتصادية أثرت على معظم الطلاب والطالبات لأن الآباء لا يحصلون على رواتبهم بالدولار.
وقالت في مقابلة مع DW"أدفع حوالي 20 ألف دولار سنويا، لذا فإن الدولرة ستمثل تحديا لي. ومع ذلك، فقد وعدت الجامعة بتقديم مساعدات مالية حتى لا نضطر إلى ترك الدراسة".
وتتفق في هذا الرأي تيا أبو زور، رئيسة مجلس طلبة الجامعة اللبنانية الأمريكية، حيث أكدت أنها تعاني كثيرا في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعصف بالبلاد في الوقت الراهن. وقالت في مقابلة مع DW"نواجه تحديات كثيرة ولا يمكننا تفادي تداعيات ذلك؛ فالدراسة وسط جائحة كورونا وفي ظل أزمة اقتصادية تعد تجربة صعبة. إننا مثل المحاربين الأبطال، ونعلم أن التعليم يمثل السبيل الوحيد للخروج من كل هذا".
ورغم وعود بعض الجامعات بمساعدة الطلاب ماليا، إلا أن كثيرين منهم قد لا يجدون بديلا سوى ترك الدراسة لعدم قدرتهم على سداد تكاليف الدراسة.
فعلى سبيل المثال، فقدت منار سليمان المنحة الدراسية التي سمحت لها بالدراسة، مضيفة "لم أتمكن من الحفاظ على متوسط الدرجات لأن دراستي صعبة وتتطلب الكثير. وكان العام الماضي مليئا بالتحديات بسبب زيادة الرسوم الدراسية ولم تكن المنحة كافية لتغطية نفقاتي".
وتفاديا لسيناريو ترك الدراسة الجامعية، يحاول بعض الطلاب الالتحاق بجامعات أخرى أقل تكلفة وسط مخاوف من أن تُقدم الجامعات الأخرى على خطوة دفع التكاليف بالدولار. وفي ذلك، قالت تيا أبو زور "لا شيء مضمون هنا، وأصبح الطلاب في حالة خوف شديد حول مستقبلهم الجامعي".