المصدر: وكالة الأنباء الكويتية
السبت 1 كانون الثاني 2022 22:43:21
أيام صعبة عاشها لبنان في 2021 وسط مشهد لا يمكن وصفه أو التعبير عنه الا أنه كان عام المهانة والذل الذي وصل فيه الشعب اللبناني الى حافة الإفقار والتجويع وجعلته سلطته السياسية عبارة عن طوابير يومية تقف في الصفوف أمام المصارف ومحطات البنزين والصيدليات والمستشفيات والأفران ، هذا الى جانب هجرة اللبنانيين بحثاً عن الأمان.
وتركت الأزمة المالية والاقتصادية مفاعيلها على مختلف القطاعات، وتأثرت حياة اللبنانيين الى حد كبير بعد أن تهاوت الليرة اللبنانية أمام الدولار وفقدت 90% من قيمتها وأدى ذلك الى تراجع كبير في القدرة الشرائية للبنانيين امام رواتب باتت زهيدة مقابل هجمة «الدولار الأسود» (مالئ الدنيا وشاغل اللبنانيين) في العام 2021 ومساهماً مع كل صعود له بارتفاع جنوني في اسعار السلع الغذائية والمواد الأساسية ومتسبباً في أحيان كثيرة بوقوع اشكالات وتدافع بين المواطنين الذين تهافتوا على المتاجر والمحال التجارية لشراء السلع المدعومة من الدولة.
ومع انتهاء العام 2021 يطرح السؤال عن امكانية الخروج من الازمة التي يرى فيها الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين لـ«الأنباء» انه بالاستناد الى المعطيات الراهنة فهي مرشحة للأستمرار خلال العام الجديد، اما في حال اجتمعت الحكومة واتخذت قرارات صائبة واعتمدت سياسات مالية واقتصادية مغايرة لوقف الانهيار بالامكان الخروج تدريجياً منها في حال حصول تسوية سياسية جديدة تعيد ترتيب الأوضاع والأولويات، اما اذا بقينا في ذات السيناريو فنخن ذاهبون باتجاه الأسوأ.
ويعتبر شمس الدين أن الأزمة المالية والاقتصادية مصطنعة وبقرار سياسي، اذ كيف لبلد مثل لبنان وبهذا الحجم الاقتصادي الصغير لديه وباعتراف حاكم مصرف لبنان 32 مليار دولار أن يصل الى هذا الانهيار الذي سببه سوء الاداء وهنا تقع المسوؤلية على الطبقة السياسية جميعها دون استثناء، ما يعني هل كانت هناك ارادة متعمدة لتدمير البلد وافقار الشعب اللبناني.
ويرى شمس الدين أن عدة جرائم ارتكبت بحق اللبنانيين خلال السنتين الماضيتين وهي لم ترتكب من طرف او فريق سياسي واحد بل من قبل الأطراف جميعها، فعند بداية الأزمة في اوكتوبر2019 كان على المجلس النيابي الاجتماع فوراً واصدار قانون ينظم العلاقة بين المودعين والمصارف، وأحد ما أطلق كلمة كابيتال كونترول ومشينا في هذا الاتجاه، والاسم التقني هو تنظيم العلاقة بين المصارف والزبائن والمودعين. وهذا القانون لا يحتاح الى صندوق النقد الدولي. كما أن هناك قرار يمكن للمصرف المركزي ان يتخذه لوقف الانهيار وضبطه قبل الوصول الى صندوق النقد والى الاصلاحات وهو اقرار هذا القانون الذي يضع حداً لخروج الأموال، ويلغي مصرف لبنان ما يسمى بالمنصات كمنصة صيرفة وغيرها، عندها تحل 80% من الأزمة ولبنان بلد غير مفلس وبإمكانه إعادة النهضة الاقتصادية.
ويرى شمس الدين ان هناك صراعا سياسيا يترجم في الاقتصاد لا أكثر ولا أقل والشعب اللبناني يدفع الثمن الباهظ لهذا النكد السياسي، وفي كل الأحوال كل القوى السياسية مضطرة للقيام بالحد الأدنى من الاصلاح من أجل استمرار البلد والا الخسارة الكبرى ستقع لا محالة.
ويتوقف شمس الدين عند الانهيار المريع لسعر صرف الليرة حيث وصل اوائل العام الماضي الدولار الى 8500 ليرة واليوم 27500 اي، بزيادة 19000 ألف ليرة ولو كانت هناك سياسة حكيمة لمصرف لبنان كان عمل على لجم الدولار ولم يدعه يصل الى هذا الرقم الذي انهك جيوب اللبنانيين حيث انعدمت قدرتهم الشرائية
بعد أن ارتفعت اسعار السلع 300% والمشتقات النفطية المرتبطة بالحياة الاقتصادية اليومية للناس ما بين 1100 و1700 وكل هذا أدى الى تاَكل القدرة الشرائية في مقابل الرواتب التي لا تزال بالليرة اللبنانية وهو مؤشر أساسي للانهيار.