المصدر: الشرق الأوسط
الكاتب: علي زين الدين
الأحد 9 كانون الثاني 2022 07:08:02
تحاول السلطات النقدية مواجهة المضاربات على سعر صرف الليرة على خلفية الأجواء السياسية المتوترة باتخاذ المزيد من التدابير التقنية والزجرية سعياً إلى «فرملة» الصعود القياسي الجديد في سعر صرف الدولار الأميركي الذي تعدى عتبة 30 ألف ليرة.
وفي تطور مفاجئ في عطلة نهاية الأسبوع، وجّه مصرف لبنان «المركزي» إنذارات تحت طائلة شطب الرخص ضد 188 شركة صرافة تمثل نحو 25 في المئة من إجمالي الشركات المرخصة من الفئتين الأولى والثانية. وذلك بسبب امتناع الصرافين عن تسجيل العمليات اليومية لبيع الدولار وشرائه ضمن سجلات منصة «صيرفة» التي يديرها «المركزي» بمشاركة المصارف وشركات الصرافة.
ووفق البيان الرسمي الصادر عن البنك «المركزي» سوف يستلم هؤلاء الصرافون قرار الهيئة المصرفية العليا خلال فترة 40 يوماً، على أن تقوم الهيئة بعد انتهاء هذه الفترة وتبعاً للقانون بشطب رخص الصرافين الذين يستمرون في عدم الالتزام بالتعميم الذي يفرض تسجيل كل العمليات على المنصة.
ويعكس هذا التطور ارتفاع منسوب القلق من الدخول في مرحلة جديدة من التفلت النقدي تطيح بسقوف التسعير التي يضعها يومياً البنك المركزي عبر منصته، والتي عززها بتعميم بدءاً من الشهر الماضي وجدده للشهر الحالي، قضى بتمكين المودعين والموظفين في القطاع العام من استبدال السيولة بالليرة لحصصهم الشهرية ورواتبهم بالدولار النقدي (البنكنوت) على أساس سعر المنصة، ضمن سعيه لإعادة انتظام المبادلات النقدية واستعادة دوره المحوري في إدارة السيولة والتحكم عبره بإرساء التوازن المفقود بين حركتي العرض والطلب.
وتؤكد مصادر مواكبة أن البنك المركزي يتجه للتشدد في التدابير الآيلة إلى حصر تام لعمليات شراء العملات وبيعها عبر سجلات المنصة التي يديرها سواء تمت من خلالها أو من خارجها عبر شركات الصرافة. وذلك ضمن استهداف لاحق لتضييق الهوامش السعرية بين سعر المنصة الخاضع للتوثيق وتتبع دقيق للعمليات وسعر الأسواق الموازية الذي تتحكم به تطبيقات هاتفية تدار من خارج البلاد. علماً بأن العمليات كافة متاحة للتجار والمستوردين والمؤسسات وأيضاً للأفراد العاديين شرط تأمين مستندات ومعلومات محددة، وبحيث تحدد حركة السوق سعر التداول، بينما يقوم مصرف لبنان بالتدخل لضبط التقلبات توخياً للحد من المضاربات والسيطرة على سعر الدولار.
وبرز هذا التوجه في تكثيف العمليات المسجلة عبر منصة «صيرفة» والتي ارتقت إلى نحو 25 مليون دولار يومياً بسعر 24.3 ألف ليرة في اليوم الأخير من الأسبوع الحالي، مقابل نحو 30 ألف ليرة لسعر التداول في الأسواق الموازية، كما يرتقب تجديد مفعول التعميم رقم 161 القاضي بضخ سيولة نقدية بالدولار للمودعين والعاملين في القطاع العام لأشهر إضافية. إضافة إلى ضخ إضافي للدولار مرتبط ببدء صرف المنحة الشهرية خلال الشهر القادم للعائلات الأكثر فقراً والممولة من البنك الدولي بقيمة إجمالية تبلغ نحو 245 مليون دولار.
في المقابل، تشدد نقابة الصرافين على أنها «لا تبرر لأي صراف من أعضائها أن يغفل طلب الهوية أو أي متطلبات نظامية في عمله لا بل إنها تتعاون مع السلطات الرقابية في ذلك وتصدر التوجيهات اللازمة لحسن الالتزام وهي ستحرص على تشديد إجراءات الاستحصال على صور الهويات. فيما يحتمي الصرافون بنص قانوني صادر أيضاً عن السلطة النقدية يسمح بأن «تقوم شركات الصرافة المسجلة لدى مصرف لبنان وبعض شركات تحويل الأموال بشراء وبيع العملات الأجنبية وفقاً للعرض والطلب في السوق». وهو ما تعده النقابة تصويباً لاتهامهم بعدم اعتماد أسعار منصة «صيرفة» في بيع وشراء العملات الأجنبية وتحديداً بالدولار الأميركي من قبل بعض الصرافين الشرعيين وعدم وجود رقابة نظامية عليهم.
ويوضح الصرافون، بأن منصة «صيرفة» لا تتضمن تسعيراً للعملات الأجنبية بالنسبة لليرة اللبنانية. وبالتالي، لا يمكن للصراف الاعتماد على أي سعر للمنصة المذكورة، فضلاً عن أن هذه المنصة ليست مصممة على نحو يتيح التسعير اليومي للصراف بل إن بنيتها تعكس وتؤشر على العمليات التي أجريت عليها لتخرج بمعدل وسطي هو سعر المنصة، وأكثر تحديداً، فإن حجم التداول وأسعار منصة «صيرفة» المعلنة من قبل مصرف لبنان تمثل قيمة ومعدل سعر الدولار المشترى من قبل المصارف وفقاً لتعميم مصرف لبنان رقم 151 وملحقاته وعمليات الصرافين المدونة على المنصة والتي لا تقارب أسعار العرض والطلب في السوق، كما أن لجنة الرقابة على المصارف تمارس دورها يومياً على الصرافين الذين يزودونها بالمبالغ والمعلومات اللازمة كما يقوم التواصل الدوري بين الجهتين تباعاً لتوفير المتطلبات النظامية وفق الأصول.