الدولار عملة الأعياد والصيف.. والسوق يفتقد العملات الخليجية

قلّصَت الدولرة شبه الشاملة شهية حَمَلة الدولار على عرضه في السوق لقاء الليرة. وساهَمَ احتساب أصحاب المحال التجارية والمطاعم والمقاهي، للدولار بأسعار أعلى من السوق، في تدنّي الطلب على الليرة. إذ يحتسبون سعر المبيع بـ100 ألف ليرة، فيما سعره في السوق لا يتجاوز الـ97500 ليرة. ولتفادي خسارة الوقت والمال في التنقُّل بين صرّاف وآخر للحصول على سعر أفضل، يرى حَمَلة الدولار أنه من الأسهل والأسرع الدفع بالعملة الخضراء. ويتعزّز هذا الخيار مع قدوم المغتربين والسيّاح في مواسم الأعياد، واعتمادهم الدولار كعملة نهائية في الدفع.

دولار الأعياد
في الفترة الممتدّة بين عيدَي الفصح والبشارة من جهة، وعيد الفطر من جهة أخرى، لم يلتمس السوق عرضاً لافتاً للدولار مقابل الليرة، بل كان "حجم عرض الدولارات أقلّ من المتوَقَّع بالنسبة لموسم الأعياد"، وفق ما تقوله مصادر في نقابة الصرّافين لـ"المدن". وتعكس هذه المعادلة إحساس المقيمين والمغتربين والسّياح بالأمان لدى استخدامهم الدولار بدل الليرة في تعاملاتهم اليومية. وسَمَحَت الدولرة وصولاً إلى محطات المحروقات، بالاستعانة بالدولار كعملة شبه نهائية للبنان.

وخلال نحو أسبوعين، لم تتغيَّر كثيراً أسعار الدولار في السوق، وبقيت في معدّلات متقاربة. وكذلك حجم التداول على منصة صيرفة التي يفترض بها توثيق حركة البيع والشراء التي يقوم بها الصرافون والمصارف. فلَو أن عرض الدولار زاد مقابل الليرة، لكان من المفترض بدولار السوق أن ينخفض، ويُتَرجَم كذلك في زيادة حجم التداول على المنصة.
بالتوازي، دفعت التجربة السابقة المتمثّلة باحتجاز ليرات المستفيدين من شراء الدولار عبر منصة صيرفة، إلى تريُّث هؤلاء في بيع ما لديهم من دولارات بسعر السوق ووضعها في المصارف للاستفادة من دولار المنصة. فخلال فترة الأعياد أقفلت المصارف، ومن غير المضمون عدم صدور قرارات مفاجئة مباشرة بعد العطلة، تقوِّض قدرة أصحاب الأموال على الوصول إلى أموالهم بسرعة، مع يقينهم بأن مبالغهم بالليرة ستعود في حال وقف الاستفادة من المنصة، لكنّهم لا يغامرون بخسارة الوقت، في حين يحتاجون أبسط المبالغ نقداً لسداد كلفة احتياجاتهم الأساسية. وهذا الاجراء الاحترازي، ساهم بخفض معدّلات عرض الدولار.

وفرة بالعملات الأجنبية وندرة بالخليجية
على عكس طلب الليرة، ارتفع الطلب على شراء الدولار بعملات أجنبية أخرى، وبشكل خاص باليورو، تؤكّد المصادر. لأن الدولار مطلوب في التعاملات اليومية أكثر من اليورو، فيلجأ السيّاح إلى بيع عملة الاتحاد الأوروبي وشراء العملة الأميركية لاستعمالها في المطاعم والأسواق.

وفي معرض توصيف العلاقة بين اليورو والدولار والليرة خلال فترة الأعياد، لاحظَ الصرّافون افتقار السوق للعملات العربية وخصوصاً الخليجية التي كانت تنتشر بوفرة كبيرة في السنوات الماضية. والغياب يستند إلى تغيير السيّاح الخليجيين لوجهتهم، من لبنان إلى دول أخرى، في مقدّمتها تركيا. وتشير المصادر إلى أن العملات الخليجية، السعودية والقطرية والإماراتية كانت متداولة كثيراً في مرحلة سابقة قبل الأزمة. واليوم تسجّل العملة العراقية حضورها من خلال السيّاح العراقيين الذين بدورهم يطلبون الدولار أكثر من الليرة لأنهم يستعملونها في الأسواق والمستشفيات الخاصة.
لن تتبدّل الأحوال "من الآن وحتى شهر أيلول المقبل". أي أن فترة الصيف لن تُغَيِّر معادلة استمرار الطلب على الدولار وانحسار الطلب على الليرة. الأمر الذي يدعم عودة ارتفاع الدولار، مع عدم القدرة على التنبّؤ بالموعد المحدد لأي تغيُّر. لكن التجربة تؤكّد أن التدخُّل المستمر لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة لخفض الدولار، لا يدوم طويلاً قبل أن تستأنف العملة الخضراء ارتفاعها. وإذا كانت التوقّعات تميل إلى أن خفض السعر من نحو 140 ألف إلى أقل من 100 ألف ليرة، جاء لتمرير شهر رمضان، فإن الشهر انقضى، ومن غير المستبعد عودة الارتفاع قبل تهيئة الأرضية من جديد لإعادة تخفيضه على مشارف عيد الأضحى المقبل.