السؤال المتكرِّر...هل تتجدَّد الحرب وضمن أية أهداف؟

يتردَّد السؤال الدائم، منذ أن قررت إسرائيل عدم الإلتزام بموجبات القرار 1701، أي اعلان عدم الانسحاب من النقاط الخمس أو الثماني التي احتلتها بعد سريان قرار وقف النار بموجب القرار 1701، والمضي بقصف المواطنين واستهداف حركتهم على الطرقات وفي المنازل والمزارع، وحتى المدارس، والإمعان بالقتل وحرب المسيَّرات والغارات، فضلاً عن منع إعادة الاعمار، وعدم الخوض في مسائل إطلاق الأسرى الذين وقعوا في الشباك الاسرائيلية خلال حرب الإسناد التي تحولت إلى حرب «أولي البأس» (والتسمية لحزب الله)، يتردد السؤال: هل تتجدّد الحرب بين إسرائيل وحزب الله وكيف ومتى، وبأي نسب، وضمن أية أهداف؟.
 
ولعلَّ الإجابة البدهية والمباشرة: متى توقفت الحرب حتى تتجدَّد.. لا شك أن قرار وقف النار، أعاد الفرصة للمواطنين للعودة إلى منازلهم ومتاجرهم ومطاعمهم وأعمالهم، في غالبية مدن وقرى الجغرافيا الشيعية الممتدة من قرى الحافة الجنوبية في عيتا الشعب ومارون الراس ويارين وحولا والخيام وبني حيان وغيرها امتداداً إلى قرى وبلدات بعلبك- الهرمل والبقاعين الأوسط والغربي..
 
تجدُّد الحرب يعني التهجير مجدداً، وتقدُّم قوات الاحتلال إلى جنوب نهر الليطاني، وقصف الضاحية الجنوبية وسائر البلدات والمدن والقرى التي خلت من القصف في السنة الماضية، منذ أن بدأت ترتيبات وقف النار بهمة الموفد الديمقراطي للرئيس جو بايدن هوكشتاين، والتي سبقت اغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، والذي تلى اغتيال الأمين العام اللاحق السيد هاشم صفي الدين..
 
لمناسبة سنة مضت على عمليات الاغتيال والتوغل الاسرائيلي في عمليات التدمير الممنهج والخطير، وما تلاها من إعادة تكوين السلطة الجديدة، بانتخاب العماد جوزف عون رئيساً للجمهورية، ثم تسمية القاضي نواف سلام رئيساً لمجلس الوزراء، وما اعقبها من قرارات، تغيرت الادارة في الولايات المتحدة، وعاد إلى السلطة غلاة الحزب الجمهوري الأميركي من كبار أصحاب رؤوس الأموال ومالكي الشركات العملاقة، لتبدأ حقبة دولية جديدة، من الهيمنة الامبراطورية (أي الواسعة) في الشرق الأوسط..
 
في هذه السنة، تولى السفير الأميركي في أنقرة توم برَّاك حوار الوساطة، في ما خصَّ تطبيق قرار وقف النار، ليتحول إلى طرف في الأزمة اللبنانية، سواءٌ استعان بزميلته مورغن أورتاغوس أو لم يستعن.. فحدَّد لوساطته دوراً، كان بارعاً، إلى حدّ الوقاحة في إظهاره، فبلاده حسب، آخر تصريحاته (لمحطة الجزيرة القطرية): «ليست ضامناً في اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل»..
 
ومن زاوية الثغرات التي يتلطى وراءها، قال برَّاك: «اتفاق وقف اطلاق النار الذي أبرمه لبنان يتضمن شروطاً لم تتحقق حتى الآن، وندعم أي خطوة يتخذها اللبنانيون في سبيل استقلالية القرار..
كان برَّاك أعلن، في وقت سابق لـ «العربية»: «أن إيران وحزب الله من الأفاعي ويتعيَّن قطع رأسهما».. مدافعاً عن العدوانية الاسرائيلية المستمرة وداعياً الحكومة اللبنانية لنزع سلاح حزب الله.
 
في المشهد المخيف، ما أعلنه رئيس حكومة الحرب في اسرائيل بنيامين نتنياهو عن امكانية بدء مفاوضات سلام بين لبنان وبلاده. وذلك من على منبر الأمم المتحدة، حيث خلت القاعة من الحضور عندما صعد الى المنبر للكلام.. في صفعة تُظهر مدى العزلة الدولية، غير المسبوقة لدولة الاحتلال الاسرائيلي.
 
إزاء ما يجري من استقطاب في المواقف، ومع مسار مختلف تماماً للإدارة السورية الجديدة، برئاسة أحمد الشرع، والترتيبات الدولية والعربية والاقليمية لإعادة احتضان «الجمهورية العربية السورية» الجديدة، برفع العقوبات وتدفق المساعدات والاستثمارات والبحث باتفاقية أمنية بين دمشق وتل أبيب، عاد الطرف الايراني، يعتبر التمسك «بنفوذ ما» في لبنان مسألة حيوية، إن لم نقل مسألة حياة أو موت، (هي النظرية نفسها التي حكمت خروج نظام آل الأسد من لبنان). لذا لم ينقطع الإنشغال الايراني بوضع حزب الله في لبنان، ولعلّ أمين المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران علي لاريجاني، الذي بدا كأنه هو من يمسك ملف الحرب في لبنان، بعد الضربات القاتلة، التي تلقاها الحرس الثوري في الهجمات الاسرائيلية والأميركية خلال المواجهة مع إيران. مؤكداً على مركزية دور الحزب، وقدرته على مواجهة اسرائيل، وهو الأمر الذي أثاره معه الرئيس نواف سلام في لقائهما امس الأول.
 
كانت لغة الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم في الذكرى الأولى لاستشهاد السيدين نصر الله وصفي الدين، اقرب الى التحدّي من التعبئة، ورفع المعنويات. وللمرة الثانية يتحدث عن «مواجهة كربلائية» لإسرائيل، اذا ما فكرت في توسيع الاعتداءات أو عادت إلى الحرب.
 
في صباح اليوم التالي كانت طائرات الاستطلاع تضج الآذان من الجنوب إلى الضاحية الجنوبية وبيروت؛ فضلاً عن التحرشات الاسرائيلية الجديدة..
لا ضمانات بعدم تجدُّد الحرب، لكن حسابات التوقيت موضوع آخر!