السلاح أمام الحكومة الثلثاء... بأي قرار تواجِه الضغوط؟

لم تترك واشنطن أمام لبنان الكثير من الخيارات، بعدما ضيّق موفدها الرئاسي توم براك هامش المناورات، وقصّر المهل المتاحة للعب في الوقت الضائع. وبدلاً من مهل الأشهر الأربعة والستة، أو حتى الأيام الخمسة عشر التي اقترحها رئيس المجلس نبيه بري، تعاظمت الضغوط الخارجية، أميركياً وفرنسياً وسعودياً، دفعاً نحو قرار واضح للحكومة اللبنانية ينطوي على التزام جازم حيال نزع سلاح "حزب الله".

وعليه، بات الموعد المحدد للجلسة الحكومية الاستثنائية يوم الثلثاء المقبل، وعلى جدول أعمالها بند واحد هو حصرية السلاح في يد الدولة. وقد جاء هذا الأمر بموجب نص الدعوة التي وجهت إلى الوزراء، وفيها "استكمال البحث في تنفيذ البيان الوزاري في شقه المتعلق ببسط سيادة الدولة على جميع أراضيها بقواها الذاتية حصراً، والذي بدأ النقاش بشأنه في جلسة ١٧/٤/٢٠٢٥، إضافةً إلى البحث في الترتيبات الخاصة بوقف الأعمال العدائية لشهر تشرين الثاني ٢٠٢٤، والتي تضمنت ورقة السفير براك أفكارا في شأن تطبيقها"، بحسب ما جاء في بيان المكتب الإعلامي للرئيس سلام.

وإذا كانت الجلسة النيابية المقررة اليوم قد أعطت رئيس الحكومة بعض الوقت، حتى عودة رئيس الجمهورية، فإن هذا الوقت قد خصص لتكثيف الاتصالات والمشاورات من أجل أن تمرّ الجلسة بأقل الأضرار الممكنة على الحكومة وتضامنها، كما على الوضع الداخلي، في ظل الاصطفاف السياسي الحاد الذي يحاصر الثنائي الشيعي، داخل مجلس الوزراء وخارجه.

واضح وفق المعلومات المتوافرة أن قرار حصرية السلاح يحظى بأكثرية وزارية يمثلها وزراء "القوات اللبنانية" والتقدمي الاشتراكي، حيث التنسيق قائم على مستوى عالٍ في الملفات المطروحة، من السلاح إلى قانون الانتخاب وتصويت المغتربين وتطبيق القرار ١٧٠١. يضاف إلى هؤلاء وزراء رئيسي الجمهورية والحكومة والكتائب، فيما يبقى وزراء الشيعة باستثناء الوزير الشيعي فادي مكي، المحسوب من حصة رئيس الحكومة في دائرة السؤال: هل يلتحق بالأكثرية الوزارية أو ينضم إلى وزراء طائفته، على نحو يساعد الثنائي في إثارة مسألة الميثاقية الطائفية لأي قرار مرتقب؟

حتى الآن الأسئلة كثيرة حول الجلسة المرتقبة الثلثاء: هل تفضي إلى قرار؟ وأي قرار يمكن أن يتحمل وزره سلام والوزراء؟ وهل يرضي القرار الأميركيين والسعوديين الضاغطين في اتجاه إصدار قرار واضح، أو أن الصيغة لن تختلف عن تلك الواردة في الورقة اللبنانية؟ وأيّ جدوى من القرار إذا لم يلاق الضغوط الدولية؟ وهل يفجر الحكومة؟ وأكثر الأسئلة يذهب في اتجاه وزراء الثنائي، هل يحضرون أو يغيبون؟ وماذا عن الوزير مكي؟ هل يشارك؟

لا يزال من المبكر إعطاء أجوبة ثابتة عن هذه الأسئلة، ولا سيما أن الوقت الفاصل عن موعد الجلسة سيساعد في إنضاج الأفكار التي تحدث عنها سلام. ولكن المؤكد حتى الآن أن الجلسة ستنعقد في بعبدا وليس في السرايا، لتعبّر عن توافق رئيسي الجمهورية والحكومة حولها.

والثابت أن النقاش الذي طالب به رئيس المجلس، المدرك أن لا مفرّ من هذه الجلسة في ظل ما يتعرض له الرؤساء من ضغوط خارجية، يدفع في اتجاه أن تكون تحت سقف البيان الوزاري للحكومة وخطاب القسم. وللتذكير، فإن بري كان فتح أبواب المجلس قبل أسبوع لجلسات عامة لمناقشة سياسات الحكومة، وكان البند الأبرز في النقاشات سلاح الحزب.

أحد السياسيين المخضرمين أجرى مقارنة بين الجملة الشهيرة التي أطلقها عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب علي عمار في وجه النائب الياس عطاالله في جلسة نيابية أثير فيها ملف الحزب، عندما توجه إليه بالقول "طهر نيعك"، فيما استفاض بالأمس النواب في انتقاد الحزب وسلاحه ولم يصدر أي رد، وهو ما يعبر عن تراجع منسوب فائض القوة الذي استهلكه الحزب على مدى العقود الماضية.

في أي حال، تفيد المعلومات أن الثنائي يدرس خطواته المقبلة على صعيد الجلسة الحكومية، مع توجه للمشاركة، على أن يكون سقف القرار الذي سيصدر متناغماً مع ما ورد في خطاب القسم والبيان الوزاري، مع إضافة التزام جدول زمني لتسليم السلاح للجيش وانتشار الأخير في مناطق وجود السلاح.

ومن المستبعد أن تمتنع الحكومة عن إصدار بيان يريح الخارج، لكون الأمر مشروطا بمستقبل القوة الدولية العاملة في الجنوب والتي تنتهي ولايتها في آب، وسط خشية كبيرة أن يؤثر أي قرار تتلكأ الحكومة أو تماطل في اتخاذه على قرار التمديد. والحال أن الذريعة الأميركية باتت جاهزة بعدما خفض الرئيس الأميركي دونالد ترامب الميزانيات المخصصة لقوات حفظ السلام في العالم، علماً أن موازنة هذه القوات تصل إلى ٥٠٠ مليون دولار سنوياً تساهم الولايات المتحدة ب ٤٥ في المئة منها.