السلطة السياسية تهدم القطاع التربوي بدلا من تطويره: ادارات المدارس بوجه الاهالي

تأبى السلطة السياسية الابقاء على قطاع لبناني واحد صامد ومستمر رغم الازمة الاقتصادية المستفحلة، فلا تنفك تهدم ما تبقى من الكيان وعناصره بسياسات عبثية بعيدة كل البعد عن المنطق والخطط والاستراتيجيات.

أما جديد هذه السلطة، فهو هدم ما تبقى من القطاع التربوي في لبنان في ظل ما يعانيه اصلاً من مشاكل وازمات متراكمة على مدار السنوات.

وضعت السلطة السياسية اليوم، الاهالي بوجه الاساتذة في التعليم الخاص فيما تصب من جهة أخرى كل تركيزها على هدم التعليم الرسمي بكل الاساليب. فلم تكد اللجان النيابية المُشتركة تجمّد، العمل بالمادة 2 من القانون 515/1996 (قانون تنظيم الموازنة المدرسية) لسنة واحدة، وتفتح السقف للمدارس الخاصة لتفرض الزيادة التي تناسبها على الأقساط، حتى سارع البعض، في اليوم التالي، إلى تحديد زيادات تفوق نسبتها 120% وتصل إلى 300%.

إلا ان هذه الزيادات التي يعتقد البعض انها ضرورية لاستمرار المدارس في ظل ارتفاع الكلفة التشغيلية جاءت في بعضها عشوائية لا تتناسب مع الظروف الراهنة خصوصًا ان بعضها طالب الاهالي دفع جزء منها بالدولار الفريش بهدف إنشاء "صندوق دعم مؤقت للمعلمين"، الامر الذي تطور في البعض الآخر الى مواجهة بين الاهالي والاساتذة الذين أضربوا عن التعليم لفترة معينة.

وفي هذا السياق، قال احد الاهالي في احدى المدارس الكاثوليكية التي فرضت زيادات خيالية لـ kataeb.org:" من واجب المدرسة تحمل جزء من العبء في موضوع الاقساط علمًا ان الكلفة المعيشية ارتفعت ومن حق الاساتذة زيادة رواتبهم، لكن هذا لا يعني تحميل كل هذه الاعباء للاهالي فقط. "

وتابع:" في مدرستنا قرروا رفع الاقساط بداية العام 40%، فلو قمنا بعملية حسابية بسيطة لحصل كل استاذ على مبلغ مليوني ليرة، ولكن الادارة اختارت ان تعطيهم زيادة 30% على الرواتب، وهذا امر غر مقبول، هم يعتبرون المدارس كتجارة وليس كرسالة انسانية".

في المقابل، عمد البعض الآخر من المدارس الى زيادة مدروسة للاقساط في بداية العام الدراسي وتبعتها زيادات صغيرة متتالية جاءت متناسبة مع قدرات الاهالي المادية في حين أمنت لاساتذتها زيادة عادلة لرواتبها مع تغطية جزء من فحوص الـ PCR الضرورية في ظل انتشار كورونا.

وأكد احد الاهالي في احدى هذه المدارس لموقعنا، ان الزيادات على الاقساط جاءت عادلة وغير مرتفعة، في حين تم توجيه رسائل تناشد الاهالي المقتدرين التبرع للمدرسة، كما تم التساهل مع الزيّ المدرسي من خلال عدم فرضه كما كانت تجري العادة في السنوات الماضية.

أما لجهة الاساتذة، فأشارت احدى المعلمات التي لم تحصل على اي زيادة على الراتب رغم الازمة المعيشية المتردية وانهيار قيمة الليرة، إلا ان راتبها لا يكفي حتى ثمن البنزين للتوجه الى المدرسة، واصفة بأن هذا الامر غير مقبول وغير انساني.

فيما قالت معلمة من مدرسة كاثوليكية مختلفة: "قوام العملية التربوية في المدارس الخاصة: ادارة، اساتذة واهالي، واليوم ترفض الادارة رفع رواتب الاساتذة باعتبار انها لم ترفع الاقساط، اما الاهالي فيرفضون زيادة الاقساط لان ليس لديهم القدرة، والاساتذة يطالبون بزيادة رواتبهم لانهم باتوا يعملون بـ "السخرة" مقابل الكم الهائل من العمل المطلوب منهم ولان راتبهم لا يكفيه أحيانا ثمن البنزين، وبالتالي فإن معاش الاستاذ الذي يتراوح بين مليون و380 الف ليرة و 3 مليون في اقصى الاحوال لا يكفيه في ظل الغلاء".

واعتبرت ان الاطراف الثلاثة يدورون في حلقة مفرغة والكل خاسر، مضيفة: "وزارة التربية متنصلة من مسؤولياتها لان همها القطاع الرسمي، في وقت المدارس الكاثوليكية لم تستطع القيام بشيء لان الكنيسة غير مستعدة للدعم، واليوم بعض المدارس دفعت لاساتذتها 100$ لاسكاتهم بعدما علت اصواتهم ونفذوا اضرابات، الا اننا امام مصير مجهول بالنسبة للاعوام القادمة، فالقطاع التربوي على شفير الانهيار ولا من يحرك ساكنا، والـ 100$ شهريا لا تحل الموضوع ".