السلطة العاجزة تتسلّى بالدعوة الى التعليم "أونلاين"... اتركوا الطلاب وشأنهم...

كتب أنطون الفتى لوكالة أخبار اليوم:

"متى تعتاد السلطة في لبنان على أن التربية والتعليم لا يحبّان حالات عدم اليقين أبداً، وحالات "اليوم في مدرسة" و"بكرا لأ"؟

ومتى تعتاد السلطة في هذا البلد على وجوب عدم الإسهام في زيادة الفوضى، على الأقلّ، بما أنها عاجزة عن حلّ أي مشكلة أو أزمة بشكل جذري؟

بيان...

ففي هذا الإطار، نذكر على سبيل المثال أن الطلاب بمختلف الشرائح العمرية، اعتادوا على الحرب ويومياتها المختلفة (مع الأسف طبعاً) قبل الكبار، وأنهم استوعبوا ما نحن فيه، وتكيّفوا معه، وعدّلوا يومياتهم وأساليب وأوقات الدّرس وإتمام الواجبات المدرسية وفق تلك الظروف. ومن هذا المُنطَلَق، بات يحقّ لهم بأن لا ينزعجوا ببيان من وزارة التربية من هنا، أو بآخر من هناك، يدعو الى إقفال المدارس في هذه المنطقة أو الناحية أو تلك، والى متابعة التعليم "أونلاين"، حتى ولو كان ذلك لأسباب أمنية.

فإدارات المدارس والأهالي والطلاب يقيّمون الأوضاع والظروف وكل شيء أصلاً، بحسب المناطق التي هم فيها. ومن لديهم صعوبات في التنقّل بهذا اليوم أو ذاك، لن ينتظروا بياناً من "التربية" ولا من وزير ولا من أي طرف آخر. هذا فضلاً عن أن اللبنانيين عموماً، تأقلموا مع الظروف بشكل عام، وهو ما يعني أن لا حاجة لوضع الطلاب في المنازل وأمام الألواح الإلكترونية، في الوقت الذي يحتاجون فيه الى كل دقيقة تعليم حضوري، وإجراء امتحانات حضورية، خصوصاً بالنسبة الى طلاب الصفوف المتوسّطة والثانوية.

عُقم "الأونلاين"...

وانطلاقاً ممّا سبق، وبدلاً من إظهار الحرص على الطلاب بإقفال المدارس والدعوة الى التعليم من بُعْد، حبّذا لو تستوعب السلطة في لبنان أن من يهتمّ بالأجيال الصاعدة، وبتربيتها وتعليمها، يتوجّب عليه أن ينقل البلد من ضفّة الحروب الى ضفّة الاستقرار، وبشكل مُستدام. ففي تلك الحالة وحدها يمكن للطالب أن يتابع تحصيله العلمي كما يجب، وبما يؤسّس لبلد جديد ولإنسان جديد فيه، وذلك بعيداً من "الأونلاين" الذي أثبتت كل التجارب أنه تجربة تعليمية عقيمة بشكل شبه كامل.

وجهتا نظر

أشار الأمين العام للمدارس الكاثوليكية ومنسّق اتحاد المؤسّسات التربوية الخاصة الأب يوسف نصر الى "وجهتَي نظر في هذا الإطار، الأولى تقول إن هناك مسؤولية على الدولة لأننا نمرّ بظروف غير طبيعية، وإن من واجبها أن تتحمل مسؤولية المواطن على أراضيها خصوصاً في مثل الظروف الأمنية الحالية، وإن أي ضرر يمكنه أن يلحق بأي طالب أو معلّم، قد تقع المسؤولية فيه على الدولة والوزارة".

ولفت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "وجهة النظر الثانية تقول إنه من الأفضل ترك هامش من الحرية والمسؤولية لإدارة المدرسة على هذا الصعيد، حتى لا "تتكربج" كل المنظومة التربوية من خلال ربطها بقرار مركزي مُوحَّد. هذا مع العلم أننا ارتأينا أن نؤلّف في مؤسّساتنا التربوية خلايا أزمة مُكوَّنَة من إدارة المدرسة ومن رابطة المعلمين ومن لجنة الأهل، وأن تتعاون تلك الأطراف مع بعضها البعض بما يصبّ في مصلحة المدرسة والطالب والتعليم. وبالتالي، قد يكون من الحكمة أيضاً في مكان ما تحميل المسؤولية لخليّة الأزمة الموجودة في كل مدرسة حتى تأخذ القرار، وهو ما يسمح بهامش تحرّك أكبر للمدرسة".

أجيال جديدة

وأكد الأب نصر أن "وجهة النظر الأولى تنطلق من مبدأ مسؤولية الدولة، والثانية من التكيُّف مع واقع الحياة اليومية".

وردّاً على سؤال حول حلم الوصول الى بلد من دون حروب، يدرك فيه الجميع أهمية الاستقرار وتأثيره الإيجابي على التعليم، أجاب:"هذا يحتاج الى تأسيس أجيال جديدة. ولتحقيق ذلك، هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق القطاع التربوي في إعداد مواطن جديد، مواطن مسؤول، يحترم الآخر، مُتساوٍ مع الآخر تحت سقف القانون، مواطن يتحمل مسؤولية الانتخاب، يحاسب، مواطن شفّاف، ينخرط في قطاعات الدولة".وختم:"هذا مشروع كبير وليس حلماً. وهو هدف يجب أن يُجمع عليه اللبنانيون جميعهم. فعندما يُجمِعون عليه، يبدأ تحقيقه تدريجياً. وهنا لا بدّ من وضع مشروع على مستوى الدولة، ووزارة التربية، يُجمع عليه الجميع، ويسعون لتنفيذه".