السلطة تتخلّى عن المعتقلين في السجون السورية والدليل ما حصل مع المعاون قيس منذر!

عاد المعاون أول في قوى الأمن الداخلي قيس منذر من المعتقلات السورية بعد 10 سنوات من التعذيب، جثةً هامدة إلى عائلته. عاد ابن المؤسسة الأمنية بهدوء، ليوارى الثرى في تراب وطنه، من دون أن تحرّك السلطات اللبنانية ساكناً.

تسلّم أهله جثته بعد مرور 10 سنوات على غيابه، وعبر الجثمان الحدود اللبنانية - السورية هكذا ببساطة، من دون أن تواكب الجهات الأمنية اللبنانية عملية التسلّم وكأن الحدث طبيعي ومتوقّع.

لم تنعِ المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي شهيدها، ولم ترسل ممثلا عنها لحضور مراسم الدفن. تركت السلطات اللبنانية أهل الشهيد يتقبلون التعازي وحيدين، وكأن لا وطن لهم ولا دولة.

هذا ما أكّده لموقعنا رئيس جمعية المعتقلين في السجون السورية علي أبو دهن الذي شارك في مراسم الجنازة، فقال: "كان على الدولة اللبنانية وعلى وزارة الداخلية أن ترسل ممثلا عنها على الأقل ليحضر الدفن ويقف الى جانب أهله لتقبل التعازي ويلقي كلمة وداع المعاون، كما أنه على وزارة الداخلية والمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي أن تنعي ابن المؤسسة الأمنية"، معتبرا "أنه أمر معيب بحق ابن دولة خرج شهيدا من السجون السورية".

وأشار إلى أن "عائلة منذر بانتظار تقرير الطبييب الشرعي الذي أرسلته المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي لأن البعض قال إن آثار التعذيب تظهر على جثمانه، رغم أنه أفيد أنه توفي نتيجة ذبحة قلبية"، مضيفا أن "حادثة الوفاة حديثة جدا لأنه كان على تواصل مع عائلته قبل 3 أيام من تلقي خبر وفاته."

وأوضح أن "السلطات اللبنانية لم تتدخل في عملية تسلّم الجثة انما التواصل حصل مع الأهل عبر صداقات مشتركة وهذا الأمر يثبت أن المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية على قيد الحياة حتى اليوم، علما أننا لا ننتظر استشهاد أحد المفقودين للتأكد من وجود معتقلين في السجون السورية".

ولفت الى أن "يحق لأهل وأبناء الشهيد بتعويض من الدولة اللبنانية، ويجب أن نتحرّك من أجل حصول عائلة منذر على حقوقها"، واضعا أمله برئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل الذي يحمل قضية المفقودين واضفا إيّاه "بمفجّر القنابل".

وعبّر أبو دهن عن استيائه من أداء السلطة السياسية في ملف المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية، فقال: "مش طالع من أمر الدولة شيئاً وأحد لا يرّد علينا، يستقبلوننا بأصابيعهم العشرة ويودعوننا بإصبع واحد، نشعر بالإشمئزاز لأننا دائما نرفع الصوت عاليا وأحد لا يبالي بقضيتنا، ما يهمّ السياسيين هو كيفية الحصول على عدد أكبر من المقاعد النيابية".

ورغم وجود 628 إسم معتقل موثق لدى الدوائر الرسمية اللبنانية من وزارة العدل الى وزارات الخارجية والداخلية والدفاع، لا تزال الجهات المعنية تتقاعس عن القيام بمهامها وتستهتر بقضية لم ولن يطيب جرح الأهالي منها. في هذا السياق، سأل أبو دهن: "لماذا لا يستدعي وزير الخارجية السفير السوري لدى لبنان ويسائله؟ فعلى الدولة اللبنانية بكامل سلطتها أن تتصرف من أجل معرفة مصير هؤلاء".

ورأى أن 90% من السياسيين طائفيين "مصلحجيين" و10% منهم يساندونا ويقفون الى جانبنا لكن الموضوع ليس بيدهم، الطاسة ضائعة بين قطبين: الأول مؤيد لقضيتنا ويريد كشف الحقيقة الا أنه ليس لديه الوسيلة والثاني لديه وصول الى الحقيقة لكنه لا يتعاون معنا".

جرح أهالي المعتقلين كبير. هم الذين لم ولن يفقدوا الأمل برؤية أبنائهم، لن يهدأوا ولن يستكين قلبهم إلا بعد معرفة مصير أبنائهم. لكن ما باليد حيلة إلا انتظار السلطات اللبنانية لتلتفت إليهم، إلى وجعهم، إلى أبنائهم وأبنائها، على أمل ألا تكون قد تخلّت عنهم ودفنت قضيتهم في أدراجها المنسية.