السّمّ الأسود يحاصرنا... فهل بالإمكان تجنّب الكارثة!

تسرّبت خلال الأسبوع الماضي مادة نفطيّة سوداء من القطران الأسود (القار) من أمام ميناء أشدود في تل أبيب إلى شاطئ الناقورة، وصولًا الى محميّة صور الطّبيعيّة، ثمّ ما لبثت أن وسّعت انتشارها لتصل إلى شاطئ الرّملة البيضاء في بيروت مهدّدة محميّتين طبيعيّتين تحتويان على أكثر من 200 نوع من النّباتات والأعشاب النّادرة على شاطئ المتوسط، وهما محميّة صور ومحمية شاطئ البقبوق.

رسميًّا طلب رئيس الجمهوريّة ميشال عون من وزير الخارجيّة في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبة متابعة هذه المسألة مع الأمم المتّحدة والجهات الدوليّة، كما اتّصل بوزير الأشغال العامّة والنّقل ميشال نجار الذي أعلمه بأنّه أوعز إلى المديريّة العامّة للنّقل البرّي والبحري، متابعة هذا الموضوع لاتّخاذ الإجراءات المناسبة عند الضّرورة.

كذلك، كلّف رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب كلًّا من وزيري الدّفاع زينة عكر والبيئة دميانوس قطار والمجلس الوطني للبحوث العلمية وضع تقرير في هذا الخصوص، كذلك التّعامل مع التّسرب وتجنّب أضراره.

ومن جهتها، لجنة البيئة النّيابيّة أوصت بتقديم شكوى عاجلة إلى الأمم المتّحدة ضدّ العدو الإسرائيلي، وإنشاء خليّة أزمة لتوحيد الجهود من قبل كلّ الوزارات والإدارات المعنيّة لإزالة التّلوّث في فترة زمنيّة قصيرة جدًا، وتأمين متطلبات ماليّة لدعم البلديّات والجمعيّات البيئيّة المعنيّة...

إلّا أنّ عددًا من الوزارات المعنيّة لم يتحرّك بشكل وافٍ وبما يتلاءم مع خطورة "الكارثة"، وترك الأمر لبلديّات المنطقة وعدد من الجمعيّات البيئيّة والمتطوّعين، فبدأ هؤلاء بتنظيف الشّاطئ يوم السّبت الماضي بواسطة المجارف والمكانس فيما انهمك آخرون في نخل الرّمال لاستخراج المواد الملوّثة وجمعها في أكياس.

التلوّث يتمدّد وبكثافة

وحول آخر المعطيات في هذا الملف، تشير عضو لجنة البيئة النّيابيّة النّائب عناية عزالدين إلى أنّ المجتمعين اليوم استعرضوا كلّ الدّراسات التي وضعت والتي تُعتبر تقريرًا أوّليًّا لأنّ العمل لم ينتهِ بعد.

وشرحت عزالدين عبر وكالة "أخبار اليوم" أنّ التّلوّث ممتدّ من النّاقورة إلى الرّملة البيضاء بكثافة  ولكن بنسب متفاوتة، وأنّ شواطئ لبنان بنوعيها الرّملي والصّخري متأثّرة.

وأشادت بعمل الجهات المشاركة خصوصًا مجلس البحوث العلميّة الذي قام بالعمل الأساسي وبشكل علميّ وموضوعيّ. وقالت: "طالبنا في مجلس النّواب أن تنسَّق كلّ هذه التّقارير والجهود ويصدر عن لبنان تقريرًا واحدًا علميًّا، ونحن لا زلنا بحاجة لبعض المعلومات من أصدقائنا الأوروبيّين وغيرهم كصور من الأقمار الإصطناعيّة لنوثّق كل شيء".

لخطّة متكاملة ومعالجة فوريّة

وأكّدت عزالدين أنّ المطلوب هو وضع خطّة متكاملة للمعالجة الفوريّة، لأنّ التسرّب الذي أصاب الشّاطئ بحاجة لذلك، إضافة إلى اعتماد الدّقّة. واعتبرت أنّ هذه المعالجة ستأخذ وقتًا وبحاجة لإمكانات تفوق العمل اليدوي بالنّسبة إلى الشّاطئ الرّملي، وبعد ذلك تأتي معالجة الشّاطئ الصّخري لأنّه الأصعب.

وأوضحت أنّ العمل بحاجة إلى متابعة طويلة لأنّ العاملين يكتشفون طبقات رمليّة فيها تسرّب تحت تلك المعالَجة وهذا دليل على تمدّد القطران. عدا عن الوقت المخصّص لتقييم الأضرار والأثر البيئي على الحياة والنّباتات الموجودة وعلى المياه بشكل عام.

واذ اكدت ان  المطلوب هو التّقدّم بالشّكوى لدى الأمم المتّحدة ضدّ اسرائيل لتحمّل مسؤولياتها، إلى جانب المطالبة بالتّعويضات، شدّدت عز الدين على أنّ اسرائيل تتحمّل المسؤوليّة كاملة وفق كلّ القوانين الدّوليّة والمعاهدات والإتفاقيّات المعمول بها.

للعمل على تفادي "كارثة مستدامة"

وعن المعوّقات التي واجهت وتواجه المتطوّعين في عمليّة التّنظيف، قالت: "العمل يتطلّب فريقًا كبيرًا من العاملين، حتّى السّاعة، ما زال الإتّكال على متطوّعين من الجمعيّات البيئيّة والكشفيّة والبلديّة، ولكنّ العمل بحاجة إلى جهد يومي ولمدّة خمس أو ستّ ساعات على مدى أكثر من شهرين.

وختمت: "الحلّ يكون بوضع الدّولة خطّة عمل لأيدي عاملة كثيرة، حيث أنّنا اليوم أمام كارثة ولكن من الممكن أن نتجنّب أثرها البيئي إذا أسرعنا بالمعالجة الفوريّة كي نتجنّب كارثة مستدامة".