المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الكاتب: جوانا فرحات
الاثنين 8 كانون الثاني 2024 17:12:43
مع انطلاقة العام الجديد يبدو ان هناك توجها لدى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لانهاء مسألة التعيينات العسكرية والأمنية في أول جلسة لمجلس الوزراء بعدما نجح مجلس النواب في التمديد لقادة الأجهزة الأمنية.
إصرار ميقاتي في محله، لا سيما في مسألة البت بملف تعيينات المجلس العسكري عبر تعيين رئيس الأركان والمدير العام للإدارة والمفتش العام . وعلى ما يبدو فإن إسم مرشح رئاسة الأركان بات شبه متفق عليه في ظل توافق غالبية القوى وابرزها المختارة التي لا يمر إسم رئيس الأركان في الجيش اللبناني من دون موافقة زعيمها وليد جنبلاط.
لكن النية وحدها لا تكفي لأن المطلوب تأمين نصاب انعقاد الجلسة، وإذا حصل يبقى القبول في طرح الملفين العسكري والأمني.والعلة كما بات معروفا تتعلق بتعنت وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم في حضور جلسات مجلس الوزراء لمناقشة هذا الموضوع، علما أنه كان أبدى في الكتاب الذي أرسله إلى ميقاتي نهاية السنة الماضية استعداده للعمل على سد الفراغات في المجلس العسكري.
هذا التعطيل مصحوباً بما يمنحه القانون من صلاحية لوزير الدفاع برفع الإقتراحات وحده بدأ يكشف خلفيات نوايا سليم الحقيقية والجهة السياسية التي يمثلها . فهل يبادر مجلس الوزراء إلى اعتبار الوزير "متقاعسا" ويعمد إلى رفع الأسماء المحضرة سلفا من قبل رؤساء الطوائف الدرزية والشيعية والأرثوذكسية، ويطرح الملف في غياب وزير الدفاع وعدم قبوله؟ والأهم هل ستمر هذه التعيينات في هذه الحال من دون الطعن بها؟
قانونا يؤكد رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة العميد المتقاعد هشام جابر انه لا يجوز تمرير التعيينات في ملف المجلس العسكري من دون موافقة وزير الدفاع. وإذا حصل يتم الطعن به ونعود إلى نقطة الصفر. لكن في حالات مماثلة يمكن أن يكلف رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في بداية الجلسة الوزير الذي ينوب عن وزير الدفاع في حال التغيب ويسأله إذا ما كان مستعداً للقبول في أن يحل مكانه. كما يتوجب عليه أن يصرّح عن الحجة المتمثلة بغياب وزير الدفاع ويستحسن القول غياب لظروف قاهرة" وليس بحجة "التقاعس" كما يقول العميد جابر، وبذلك يمكن حل المسالة في خلال عشر دقائق لأن أسماء المرشحين موجودة من قبل رؤساء الطوائف. فالمختارة وضعت إسم رئيس الأركان والرئيس نبيه بري سمى مدير عام الإدارة يبقى الخلاف على إسم المفتش العام الذي يسميه في العادة زعيم الطائفة وكان آنذاك النائب الراحل ميشال المر واليوم لا نعلم من هي المرجعية لكن يمكن استشارة الفعاليات الأرثوذكسية وحل المسألة".
الموافقة على أسماء المرشحين داخل مجلس الوزراء شكلية لأن المخاض العسير على اختيار الإسم يتوقف عند رؤساء الطوائف. ولهذا السبب ربما استدرك رئيس مجلس النواب السابق حسين الحسيني الأمر وطلب إلغاءه وذلك في العام 1991 حيث كان الرئيس الأسبق إميل لحود يتولى قيادة الجيش .
جابر الذي عايش هذه المرحلة وهو داخل مؤسسة الجيش اللبناني كان من مؤيدي رغبة الرئيس الراحل حسين الحسيني في تعديل قانون الدفاع العسكري وإلغاء المجلس العسكري "لأن خلفية الرغبة ترتكز على إبعاد السياسة عن الجيش". ويوضح أنه قبل توقيع اتفاق الطائف كان قائد الجيش الماروني يتواصل مباشرة مع رئيس الجمهورية. بعد الطائف تغير المشهد وبات يتبع مباشرة للسلطة التنفيذية ولم تعد هناك حاجة لتدخل رؤساء الطوائف في مؤسسة الجيش.
مع تولي الرئيس نبيه بري رئاسة مجلس النواب أسقطت رغبة السلف. ومنذ العام 1992 يتولى رؤساء الطوائف تعيين أعضاء المجلس العسكري " وهذا مؤسف لأن السياسة تفرق في حين أن مؤسسة الجيش يجب أن تبقى منزهة عن السياسة وتدخلات السياسيين وإلا يصبح التعيين سيفاً مصلتا على المرشحين الذين تم تعيينهم بموجب " موافقة ورضى" رؤساء الطوائف".
ما يحصل في ملف تعيينات المجلس العسكري لا يشكل سابقة لكنه بدأ يهدد باستقلالية المؤسسة العسكرية ويتذكر العميد جابر عندما طرح عليه في العام 2000 العودة إلى المرجعية الشيعية لتولي منصب مدير عام الإدارة "رفضت وقلت لهم روحوا خيطوا بغير هالمسلة. وخرجت من المؤسسة برتبة عميد بدلا من لواء في ما لو قبلت بالتعيين".
إصرار ميقاتي يؤشر إلى بت ملف تعيينات مجلس قيادة قوى الأمن والمجلس العسكري في أول جلسة لمجلس الوزراء. لكن التوافق دونه عقبات .فالنائب جبران باسيل يرفض رفع أسماء الضباط المسيحيين المستحقين لتعيينهم في المواقع المحسوبة لهم ضمن مجلس قيادة قوى الأمن، ووزير الدفاع لم ولن يحضر أي جلسة لمجلس الوزراء يطرح فيها ملف التعيينات. من هنا تبقى مسألة البت في هذه المسألة في أول جلسة لمجلس الوزراء غير أكيدة "وهذا الموضوع في يد ميقاتي فإما ان يتشاور مع رؤساء الطوائف ويضعهم أمام الحقيقة التي تقول بان وزير الدفاع لا يحضر الجلسات فيكلف من ينوب عنه في بداية الجلسة، وبذلك تطرح أسماء المرشحين ويوافق عليها وتنتهي الأزمة سريعا وإلا نبقى في نقطة اللاتعيينات" يختم العميد جابر.