المصدر: Kataeb.org
الأربعاء 28 تشرين الأول 2020 16:40:24
وجّه العلاّمة السيد علي الأمين بمناسبة المولد النبوي الشريف وموقفه من الإساءة إلى النبي محمد.
وقال:" يسرّني أن أتقدم في شهر ربيع الأول هذا من جميع المسلمين في العالم بأسمى آيات التهاني بذكرى ولادة رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام المبعوث رحمة للعالمين، سائلاً الله تعالى أن يجعلنا من العاملين بهديه والتابعين لنهجه وقد قلت في هذه المناسبة أبياتاً من الشعر:
شمسُ النّبيّ بأنوار الهدى سَطَعَتْ
فبدَّدَتْ عتمة الأسحار في الأُفُقِ
اللهُ أرسلهُ للناس داعيةً يهدي
إلى الحقِّ ينجيهم منَ الغَرَقِ
باقٍ تُضيءُ لنا الدنيا رسالتُهُ
نمضي بها قُدُماً في أوضح الطُّرُقِ
ما عابهُ ناعقٌ، فاللّهُ نزَّهَهُ
عن كلّ ناقصةٍ في الْخَلْقِ والْخُلُقِ
إنّ الإساءة إلى رسول الله مرفوضة ومستنكرة، فحبُّ الرسول والإيمان برسالته عقيدة لكل المسلمين، وقد صار عدد المسلمين في العالم يزيد على المليار ونصف المليار، ولم تؤثر في زيادة عدد المؤمنين برسالة الإسلام كل تلك الدعايات الكاذبة على رسول الله، ولا المواقف السّاخرة منه، وقد ارتدّت تلك الإساءات على أصحابها،قال الله تعالى (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ).
إنّ الذين يسيئون إلى رسول الله لن تتحقق أهدافهم بالإرتداد عن رسالته بدعايتهم الباطلة، ولن تؤثر في عمق إيمان المسلمين برسالته، ولا في ازدياد عدد المؤمنين به، ولا يقوم بتلك الإساءات إلّا الجاهلون والذين يعملون على زرع العداوة والبغضاء بين أتباع المذاهب والأديان.
وإنّ أعظم ما يسيء إلى الإسلام ويلحق الضرر بالمسلمين المنتشرين في العالم هي ردّات الفعل الآثمة التي تسفك فيها الدماء ويروّع بها الآمنون، والتي لا تنسجم مع الغاية التي بعث الرسول لتحقيقها، كما قال عليه الصلاة والسلام (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).
وقد صدمنا بالجريمة النكراء التي حصلت في فرنسا وراح ضحيّتها معلّم على خلفية الإساءة إلى الرسول، والوجه في هذه الصّدمة أن القاتل والمؤيّدين والمحرّضين له على جريمته قد خالفوا الرسول في تعاليمه التي جاء بها من عند الله، ومنها قوله تعالى( إدفع بالتي هي أحسن السّيّئة)،وفيها قول الله تعالى(مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا).
إنّ هذا القاتل بفعله لم يقتل المعلّم الفرنسي وحده،وإنما هو بحكم من قتل النّاس جميعاً، وقد طعن وثيقة الأخوة الإنسانية الصادرة عن رئيس مجلس حكماء المسلمين شيخ الأزهر وقداسة البابا فرنسيس في مدينة أبو ظبي. إن الإسلام يريد منّا أن نكون دعاة له كما قال الله تعالى مخاطباً الرسول (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) وأن نقول سلاماً في الإعراض عن الجاهلين (وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا )،وبذلك نقطع الطريق على السّاعين من وراء هذه الإساءات إلى الرموز الدينية لتأجيج نار الصراعات بين الشعوب وأتباع الرسالات الدينية.
ولذلك يجب الإبتعاد عن وسائل الإحتجاج المرفوضة والتي تؤدي إلى شحن النفوس بالكراهية والأحقاد وسفك الدماء ، وفي الحديث(المسلمُ منْ سَلِمَ النّاسُ من يده ولسانه). ويبقى رسول الله سيدنا وقدوتنا:
إنَّ الرّسولَ منارةٌ حَمَلَتْ إلى
الْإِنْسَانِ نوراً سَاطِعاً وَسَحَابَا
فَمُحَمَّدٌ هُوَ لِلْفَضَائِلِ سَيِّدٌ
مَلَكَ الْقُلُوبَ وَنَوَّرَ الْأَلْبَابَا
هُوَ صَاحِبُ الْخُلُقِ الْعَظِيمِ وَخَيْرُ مَنْ
وَطَأَ الثَّرَى هَدْيَاً وَقَالَ صَوَابَا
وَمُحَمَّدٌ هُوَ رَحْمَةٌ في شَرْعِهِ
الْإِرْهَابُ حُرِّمَ سُنَّةً وَكِتَابَا
لَا يَنْتَمِي لِمُحَمَّدٍ إِلَّا الَّذي
سَلِمَ الْوَرَى مِنْ غَدْرِهِ وَأَنَابَا
لَا يَنْتَمِي لِدِيَانَةٍ مُتَطَرِّفٌ
يُرْدِي النُّفُوسَ وَلَا يَخَافُ حِسَابَا
لَا يَنْتَمِي لِمُحَمَّدٍ مُتَعَصِّبٌ
لِقَبِيلهِ تَخِذَ الْعَدَاءَ ثِيَابَا
مَا ضَرَّهُ مُسْتَهْزِئٌ أَعْمَى الْبَصِيرَةِ
ضَلَّ عَنْ قَصْدِ السَّبِيلِ وَخَابَا
بِنَعِيبِهِ قَدْ رَامَ يَسْتُرُ بَدْرَهُ
وَالْبَدْرُ يُنْكِرُ سُتْرَةً وَحِجَابَا
كُونُوا الدُّعَاةَ لِهَدْيِهِ بِتَسَامُحٍ
سَاءَ التَّعَصُّبُ فِعْلَةً وَخِطَابَا
وكل عام وأنتم بخير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".