المصدر: لبنان الكبير
الاثنين 13 أيلول 2021 13:36:42
يُعتبر مشهد المستنقعات والفيضانات في لبنان حتمياً يعتاد المواطن رؤيته مع "الشتوة الأولى"، حينها تغرق السيارات في البرك والسيول وتتفاقم أزمة السير لتفضح هشاشة البنى التحتية وضعف الدولة المتمثلة بوزارة الأشغال، بصرف النظر عن اسم الوزير الذي يشغل المنصب. هذه الأزمات تتراكم وتُلحق الضرر بالقطاعات كافة. وينتظر اللبنانيون بحذر "الشتوة الأولى" التي من شأنها أن تجعل أيامهم سوداء.
وزير الأشغال العامة والنقل السابق ميشال نجار يؤكد أنّ "الوزارة تقوم بواجباتها قدر المستطاع"، ويقول لـ"لبنان الكبير": "الأموال المخصصة للوزارة شبه رمزية وتُدفع للضروريات وتُصرف على القاعدة الإثني عشرية"، في إشارة غير مباشرة منه إلى أزمة مالية في الوزارة.
ويوضح: "إدارة المناقصات هي التي تشرف على الأشغال، وبسبب تغيّر سعر صرف الدولار يتخلّف المقاولون عن التزاماتهم، إذ فقدوا الثقة بالدولة ولا يستطيعون ربط مصيرهم بها، ويسألون دائماً عن طريقة الدفع وعلى أي سعر سيُحتسب؟ إذاً، هي ليست أزمة مالية فحسب، بل تنسحب على المقاولين أيضاً والتزامات الدولة تجاههم".
ويؤكد نجار أنه والوزارة يسعيان إلى معالجة كل المشاكل، و"يشكر الله" على كل ما يقدّمه على الرغم من "النقص في الاعتمادات وغياب الأموال المخصّصة لهم".
ولأنّ نهر الغدير بات رمزاً للفيضانات، فلا يمرّ شتاء إلا ويتصدّر العناوين الرئيسية، بالصوت والصورة وبمشهد كارثي. وفي هذا الشأن، تواصل "لبنان الكبير" مع رئيس المكتب الإعلامي لبلدية الشويفات طارق أبوفخر الذي حمّل المسؤولية لوزارة الأشغال، معتبراً أنها "تتغيّب عن القيام بواجباتها"، ويقول: "الوزارة تكتفي بالتعاقد مع متعهدين من دون جدوى، كما أنها تحمي أحد مستثمري السوق الحرة محمد زيدان المتمنّع عن دفع مستحقات قضائية لمصلحة المدينة". وتمنّى على الوزير نجار أن يسلك "طريق الشويفات ويلمس حجم الأزمة".
ولم يقتصر تحميل المسؤولية على وزارة الأشغال فحسب، بل أسهُم أبو فخر طالت أيضاً وزارة الطاقة والمياه "لأنها لا تغذّي محطات المياه ولا تؤمّن المحروقات، مما يجعل الشويفات مدينة عطشانة". ويضيف: "الشويفات هي بوابة الجنوب والجبل إلى بيروت. وهي مقصد تجاري وصناعي بحاجة اليوم إلى بنى تحتية تليق بها وإلى خدمات نعجز كبلدية عن تقديمها".
لم يتوقف اللوم عند وزارة الطاقة والمياه، فرئيس بلدية برج العرب عارف شخيدم حمّلها المسؤولية الكاملة لكل الفيضانات التي تغطّي أراضي عكار كافة، مشيراً إلى أنّ "مشروع ري نهر البارد يفيض كل سنة، مسبباً كوارث عمرانية وطبيعية، وهذه الوزارة لا تكترث على الرغم من الكتب العديدة الموجهة إليها". ويناشد شخيدم عبر موقع "لبنان الكبير" الهيئة العليا للإغاثة ووزارة الطاقة "الإسراع في تنفيذ المشروع لحماية عكار والقرى المجاورة"، موضحاً أنّ "البلدية تدفع من أموالها الخاصة لكنس النفايات والصيانة والإنارة، وذلك يعود للنقص في المبلغ المخصص من وزارة الداخلية والبلديات".
إلى ذلك، يبدو أنّ بلدية الجديدة تستعد لـ"الشتوة الأولى"، إذ يؤكّد رئيس بلدية الجديدة وسد البوشرية أنطوان جبارة لـ"لبنان الكبير" أنّ "الوضع تحت السيطرة ومنذ ثلاثة أسابيع أعطيت التوجيهات التحضيرية لفصل الشتاء التي تتمثّل بتنظيف مجاري المياه وشراء أغطية جديدة (ريغارات) جراء السرقة التي تعرّضت لها سابقاً، وبذلك نتفادى الفيضانات". ويتابع: "أما الذي حصل السنة الماضية فهو بسبب عدم توقعنا لتساقط حبات البرد، فيما حالياً مشكلتنا الوحيدة هي مع شركة (رامكو) التي تقصّر أحياناً، من جهتنا نحن نساعدها بجمع النفايات وكنسها، وفي حال قررت التوقف عن العمل فسنواجه صعوبات حتميّة".
وعن المتعهدين وعمال صيانة الطرق، يقول جبارة: "إنهم يطالبون بالدفع المباشر بالدولار الأميركي (فريش)، وأن يحتسب على سعر الصرف الحالي. وعلى الرغم من كل العوائق التي تعصف بلبنان، لا نزال صامدين من دون أي إهمال للبلدة وطرقاتها أو حتى سكانها".
ويبقى السؤال: هل سنصل يوماً إلى تحقيق الوعود الممتدة من سنوات طويلة للوصول إلى بنى تحتية متطوّرة لا تفيض مياهها ومجاريرها من الشتوة الأولى؟ الجواب: الشتوة الأولى على الأبواب، ونقولها مجازياً: "سنغرق حتماً".