الشغور يحجب احتفال تقليد السيوف في عيد الجيش...وحملة الاستهداف تتكثف

في الاول من آب، وتحديدا بعد 26 يوما بالتمام، يحلّ العيد الثامن والسبعون للجيش اللبناني، في ظل ظروف استثنائية قاهرة تقبع في ظلها المؤسسة وعناصرها، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وامنياً، وموجة استهداف سياسي غير مسبوق لقيادتها وقائدها في شكل خاص على خلفية الملف الرئاسي. 

يحاذر القائد جوزف عون الى الحدّ الاقصى دخول متاهات السياسة ويعمل بجدّ وصمت حفاظا على المؤسسة ووفاء للأمانة التي اقسم الحفاظ عليها، فهو يتجنب لا بل يرفض التطرق الى ملف رئاسة الجمهورية واسمه المطروح بقوة لتبؤو السدة الرئاسية لاسيما من الخارج، وقد اعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري بعيد مغادرة المبعوث الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان لبنان، ان الجانب الاميركي يريد العماد  عون رئسيا للجمهورية، ما خلّف موجة من التساؤلات المشروعة عن مغزى وابعاد الاعلان هذا وما اذا كان هدفه حرق الاسم او توجيه رسالة  للحزب لوجوب استعجال التفاوض معه والتحضير لمرحلة انتخابه.

رغم الضجيج المثار حول اسمه المطروح كمخرج للأزمة، ليس من الاميركي فحسب، بل ايضا من القطري ودول اخرى في خماسية باريس، ترى فيه حبل نجاة، نتيجة تجربته الناجحة في انقاذ المؤسسة العسكرية من انهيار كاد يطيحها لو لم يتداركه عون بحكمته ويجابه التحديات بحزم وعزيمة، ويجول في بقاع الارض بحثا عن مساعدات تحفظ كرامات عناصر الجيش وتصون حقوقهم فتقيهم الجوع والعوز مع ما يستتبعهما من تداعيات خطيرة، ولو لم يقدم لهم تسهيلات تسهم في بقائهم صامدين في المؤسسة الوطنية وكسر رهان البعض على تعطيل دورهم لمصلحة الحسابات المذهبية والطائفية والحزبية، رغم كل الصخب هذا، يصر "القائد" على البقاء خلف الكواليس السجالية، لا يطلق مواقف الا للضرورة القصوى، مبقياً الامن اولويته، حفاظا على الاستقرار المطلوب داخليا وخارجيا ومنعا للعبث به، او استدراج البلاد الى فتنة قد يسعى اليها بعض المستفيدين من تسخين الوضع لفرض حل رئاسي لا يبدو مُتيسرا "عالبارد". وبعدما تمكن من توفير حل جزئي لأزمة الرواتب عبر دعم خارجي، انصرف الى مواجهة الفتن، وآخرها ما جرى في القرنة السوداء، حيث يُقحم الجيش في كل إِشكال لفضه ويوضع في "بوز المدفع" ، علما ان معظم ما اُوكل اليه من مهام طوال السنوات الماضية لا يدخل ضمن نطاق عمله المنصوص عليه في قانون الدفاع الوطني، الا انه يلبي النداء ما دام يشكّل الضمانة الأكيدة للاستقرار والوحدة الوطنية وموقع الثقة الوحيد بما تبقى من مؤسسات الدولة المُشَلَّعة والموزعة ولاءات طائفية ومذهبية وحزبية.

المؤسسة التي سيجت الوطن بثالوث الشرف والتضحية والوفاء، وقد شكل دعم المجتمع الدولي لها علامة ثابتة على ثقته بدورها في حماية الكيان اللبناني ومؤسساته الدستورية، ستضم في الاول من آب عاما اضافيا الى اعوام الفراغ الرئاسي، مجبولا بالهموم الوطنية والاجتماعية والمعيشية، فيُحجب  العرض العسكري في هذه المناسبة، كما يغيب الاحتفال الرسمي وتقليد السيوف للضباط المتخرّجين من المدرسة الحربية، بحسب ما تؤكد اوساط عسكرية لـ"المركزية"، على ان يُقلد الضباط السيوف اثر انتخاب رئيس جمهورية.

حملة استهداف سياسي جديدة مُفبركة تطل برأسها مجددا، من ضمن عدة العمل الرئاسي لدى قوى تخشى ارتفاع اسهم القائد، يواجهها بصمته المعهود، لا لشيء الا ليبقى الجيش، عنوان الوفاء للدولة والتضحية في سبيل لبنان، بمنأى عن السقوط المتمادي في هاوية التخبط السياسي والازمات المفتعلة.