المصدر: المدن

The official website of the Kataeb Party leader
الخميس 9 تشرين الأول 2025 22:58:42
يصل وزير الخارجية والمغتربين السوري أسعد الشيباني، إلى العاصمة اللبنانية بيروت، صباح غد الجمعة، في زيارة رسمية هي الأولى من نوعها منذ توليه منصبه، والأرفع لمسؤول سوري إلى لبنان منذ سقوط نظام بشار الأسد.
وبرغم أن الزيارة تُقدَّم رسمياً بوصفها "ودية وبروتوكولية"، إلا أن ملفاتها المنتظرة تُوصف بأنها ثقيلة ومتشعّبة، تتجاوز الإطار الدبلوماسي إلى صميم العلاقات العالقة بين البلدين، من ترسيم الحدود البرية إلى ملف المعتقلين السوريين في سجن رومية.
عُرف دبلوماسي أم تحرّك سياسي؟
بحسب مصادر دبلوماسية لبنانية، تأتي زيارة الشيباني تلبية لدعوة رسمية من نظيره اللبناني يوسف رجّي، على أن يلتقي خلال وجوده في بيروت كلّاً من رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، إلى جانب عدد من المسؤولين الأمنيين والدبلوماسيين.
وتشير بيانات الخارجية اللبنانية، إلى أن اللقاءات ستتناول "العلاقات الثنائية وسبل تفعيل التعاون بين البلدين في الملفات المشتركة"، دون تحديد جدول أعمال تفصيلي.
غير أن مصادر مطلعة، أكدت لـ"المدن"، أن الزيارة لا تقتصر على الجانب البروتوكولي فحسب، بل تحمل في طيّاتها مؤشرات على محاولة فتح قنوات تواصل عملية بين بيروت ودمشق بعد سنوات من الجمود.
وعلمت "المدن" أن الزيارة تأتي في إطار العُرف الدبلوماسي الدوري بين العاصمتين، وليست مخصصة لبحث قضية محددة، إلا أن الشيباني سيطرح خلال لقاءاته أبرز الملفات العالقة، وعلى رأسها قضية ترسيم الحدود بين البلدين وملف المعتقلين السوريين في سجن رومية.
ملفات عالقة منذ عقدين
ملف ترسيم الحدود السورية – اللبنانية ليس جديداً على أجندة العلاقات بين البلدين، لكنه ظلّ من أكثر القضايا تعقيداً منذ الانسحاب السوري من لبنان عام 2005.
فعلى الرغم من تشكيل لجان فنية متعدّدة خلال العقدين الماضيين، لم يُحرز أي تقدم فعلي في تثبيت النقاط الحدودية المختلف عليها، لا سيما في المناطق الجبلية الشرقية والشمالية التي تشهد نشاطاً للتهريب وتداخلاً سكانياً وعشائرياً.
وتعتبر أوساط لبنانية أن دمشق تتجنّب الحسم في هذا الملف، خشية أن يُفسّر ذلك اعترافاً نهائياً بالحدود السياسية المرسومة دولياً، فيما ترى سوريا أن بعض النقاط تحتاج إلى "تصحيح فني" لا يمكن إنجازه من طرف واحد.
وتبرز أهمية إعادة طرح هذا الملف اليوم في ظل حديث متزايد عن نية البلدين إنشاء لجان ميدانية مشتركة لتحديد النقاط العالقة وضبط المعابر غير الشرعية، وهي خطوة إن تمت، ستكون الأولى من نوعها منذ نحو عشرين عاماً.
الموقوفون في رومية: جرح مفتوح
الملف الثاني الذي يُتوقّع أن يتصدر محادثات الشيباني، هو ملف المعتقلين السوريين في سجن رومية والسجون اللبنانية الأخرى، والذي يضم وفق تقديرات غير رسمية، أكثر من ألفي موقوف سوري بتهم تتراوح بين الدخول غير الشرعي وجرائم جنائية وأمنية.
وكانت منظمات حقوقية لبنانية وسورية قد دعت في الأشهر الماضية، إلى إعادة النظر في أوضاع الموقوفين، لا سيما أولئك الذين أنهوا محكومياتهم أو الموقوفين بلا محاكمة منذ سنوات.
لكنّ الملف يبقى حساساً من الناحية السياسية والقانونية، إذ تخشى بيروت من أن يؤدي أي ترحيل واسع النطاق إلى انتقادات حقوقية داخلية ودولية، كما أن جزءاً من هؤلاء الموقوفين مطلوبون لدى القضاء السوري، ما يثير مخاوف تتعلق بمصيرهم بعد تسليمهم.
بين الرمزية والسياسة
زيارة الشيباني، في ظاهرها، محاولة لإعادة إحياء التواصل الرسمي بين بيروت ودمشق في مرحلة تتسم بإعادة رسم موازين القوى الإقليمية، خصوصاً بعد الانفتاح العربي النسبي على الحكومة السورية الجديدة. ويعتبر مراقبون أن الزيارة تشكّل اختباراً مبكراً لمدى قدرة دمشق على التفاعل مع الملفات الإقليمية بعيداً عن النهج الأمني التقليدي الذي طبع العلاقات في السابق.
في المقابل، يُنظر في بيروت إلى الزيارة بوصفها فرصة لإعادة بناء توازن جديد في العلاقة مع الجار السوري، من دون الوقوع في فخ الوصاية القديمة أو الاستفزاز السياسي الداخلي، إذ تتوزع المواقف اللبنانية بين مؤيد لإعادة التنسيق الشامل مع دمشق، ومعارض يرى في أي تقارب خطوة "إلى الوراء" على صعيد السيادة الوطنية.
وقد سبقت زيارة الشيباني المرتقبة اجتماعات تحضيرية على مستوى لجان فنية وأمنية في كل من معبر جديدة يابوس وعنجر، ناقشت ترتيبات لوجستية تتعلق بعبور الشاحنات والمركبات، إضافة إلى تبادل لوائح الموقوفين والمفقودين من الجانبين، لكن لم يصدر أي إعلان رسمي عن نتائج تلك الاجتماعات، فيما فضّل الطرفان إبقاءها في الإطار التحضيري.