الصراع السياسي يصيب دائرة كهرباء النبطية... بالإهتراء الشامل

قبل عام تقريباً، أحيل رئيس دائرة كهرباء النبطية في مؤسسة كهرباء لبنان وهيب قطيش إلى التقاعد، ومنذ ذلك الحين والمركز شاغر، بانتظار تسوية سياسية. لعب الصراع بين الثنائي «أمل» و»حزب الله» دوراً في تأخير تعيين خلف له، ما أدّى إلى تعطيل معاملات المواطنين المكدّسة بانتظار نقلها إلى صيدا لتوقيعها من قبل رئيس مصلحة صيدا في المؤسسة، سامر عبد الله الذي كُلّف تسيير شؤون الدائرة.

وتشير المعلومات إلى ضغوط تمارس لتأخير تعيين بديل بانتظار نُضوج التسوية. وتقول مصادر متابعة لـ»نداء الوطن» إن «موظفَين بارزين في مؤسسة الكهرباء، أحدهما في مؤسسة الشياح وآخر في بيروت يعملان على تعطيل عملية التعيين، وكلاهما محسوبان على الثّنائي».

إنسحب الشغور على معاملات الناس. طوابير من المواطنين أمام مدخل المؤسسة تعكس حجم المأساة، ولا بوادر حلحلة في الأفق. لا يقف الشغور عند الإدارة بل ينسحب على عدد من الأقسام الرئيسية، أبرزها قسم الشبكات والمحطات، قسم الملاحظات والقسم الفني، حيث الفراغ يُخيّم عليها منذ ثلاث سنوات، وأَسهَم «الفيتو» الحزبي في تأجيل تعيين رؤساء لتلك الأقسام، رغم تمتّع الإدارة بمهندسين أكفاء، بعدما استقال بعضهم وهاجر بعضهم الآخر، وحصل آخرون على إجازات مفتوحة من دون راتب، بحثاً عن عمل أفضل. أمّا البقيّة فيواجهون «الفيتو» المُعطّل.

ولا تخفي مصادر متابعة حجم الفساد السائد حاليّاً في ظل غياب الرقابة، لافتةً إلى أنّ «مهمّة رئيس الدائرة لا تنحصر بالتوقيع، بل تشمل المراقبة والتصديق على الأعمال، وهي غير متوفّرة... ما يشرّع الباب أمام السرقات والفساد». هذا الواقع يطرح السؤال بشأن المستفيد من تعطيل دائرة حكومية ولمصلحة من؟

في هذا السياق، تقول المصادر «إن ما يحصل من تدمير للدائرة، يُمهّد لمشروع الخصخصة، المتفق عليه مع البنك الدّولي، الذي يفترض تطبيقه نهاية عام 2023، وفق خُطَّة تقضي بإنجاز دفتر الشروط، تخفيف الهدر، رفع التعرفة، غير أن ما نفذ فقط هو رفع التعرفة، التي أتت ارتجالية ودفعت الناس نحو تجميد أو إلغاء ساعات الكهرباء ما انعكس سلباً على إيرادات المؤسسة بدل تعزيزها.

وتضيف أنّ «حجم الاهتراء داخل دائرة النبطية هو الأكبر والأخطر بين الدوائر في محافظات لبنان، نظراً إلى حجم التدخّلات السياسية التي دمّرت المؤسسة. كان يفترض أن يعمل رئيس مصلحة كهرباء صيدا سامر عبد الله على تسيير شؤون الدائرة، غير أنه لم يتفقّد المركز منذ عام.

في الآونة الأخيرة، تصاعدت وتيرة التساؤلات حول المستفيدين من تعطيل تعيين رئيس مصلحة كهرباء النبطية. يرى وسيم بدر الدين أنّ «المسألة زادت عن حدّها ومن حقّ دائرة النبطية بمدير أصيل. الناس تدفع ثمن التجاذبات الحاصلة، إذ يضطر إلى متابعة معاملته أكثر من مرة أو أن يحملها إلى صيدا».

الكباش السياسي فاضح في النبطية، وخرج عن مألوفه وحدوده، وتجزم المصادر أنّ الأمور تتجه نحو الأسوأ، إذ بدل العمل على تسيير شؤون الناس يتمّ تعطيلها، وأن بدعة التوافق بين «أمل» و»حزب الله» لا تسري على الشؤون الداخلية المحليّة بدليل ما يحصل في النبطية.

«إذا خرب البيت لا أسف على الكواري»، مثل ينطبق على مصلحة كهرباء النبطية التي تشهد أسوأ مراحلها، وأصابها الاهتراء بشكل فاضح وزاد وضعها سوءاً مع شغور منصب رئيس الدائرة ومسؤولي الأقسام، وشكّل الصراع الحزبي العصا التي عطلت الدائرة حتى إشعار آخر.