المصدر: النهار
الأحد 24 كانون الاول 2023 19:01:06
شهد هذا العام سلسلة كبيرة من التداولات حول العالم، من ارتفاع السندات المصرفية والعملات المشفرة، وصولاً إلى إنقاذ تجارة الذكاء الاصطناعي الكبيرة سوق الأسهم، إليكم أفضل الصفقات لعام 2023 بحسب "بلومبيرغ".
منظمة العفو الدوليّة: صناديق التحوط تلعب دور اللحاق بالركب
لقد أدى تطوير الذكاء الاصطناعي عام 2023 إلى ضخّ ثروات لا حصر لها على شركات #التكنولوجيا وأصحاب الرؤى، وأثار مكاسب ضخمة للمحافظ الكبيرة والصغيرة. ومع ذلك، وعلى الرغم من كلّ رهاناتهم الذكية ومكافآتهم بملايين الدولارات، فقد ضاعت الأموال الذكية بطريقة "ملحمية".
كان تعرّض صناديق التحوط لأسهم التكنولوجيا إلى أدنى مستوياته منذ سنوات في كانون الثاني، وكانت هي اللحظة لبدء الاعتماد على الذكاء الاصطناعي. وفي حلول أواخر أيلول، انعكس المسار إذ وصلت نسبة استخدام التكنولوجيا إلى 99 في المئة، وفقاً لبيانات "Goldman Sachs Group Inc".
لم يكن هناك شيء قادر على إيقاف حماسة الذكاء الاصطناعي، حتى المخاوف من أنّ التكنولوجيا الجديدة لن ترقى إلى مستوى الضجيج. أخيراً، كانت أكبر سبع شركات تقنية - من "Microsoft" إلى "Nvidia Corp" - مسؤولة عن نسبة مذهلة بلغت 65 في المئة من ارتفاع مؤشر "S&P 500" هذا العام.
لقد كان ذلك بمثابة نعمة لأمثال آدام غولد من شركة "Katam Hill LLC"، والذي رفع Nvidia إلى أعلى اختيار له منذ عام واحد في قبضة أكبر انخفاض للسهم منذ 14 عاماً. وفي المقابل، حقّق صندوق "Deep Growth Plus" التابع له مكاسب بنسبة 124 في المئة هذا العام حتى تشرين الثاني.
السندات: أكمان يضاعف التقلّبات
لا شكّ أنه كان عاماً من التقلبات الكبيرة في سندات الخزانة الأميركية، وفي آب، كشف مؤسس "بيرشينج سكوير كابيتال مانجمنت" بيل أكمان، أنّه كان يراهن ضدّ السندات الأميركية لأجل 30 عاماً، مستشهداً بارتفاع معدلات التضخم وتضخم العجز الحكومي. وفي حلول أواخر تشرين الأول، ارتفعت العائدات على سندات الخزانة القياسية بما يتجاوز 5 في المئة لتصل إلى أعلى مستوى لها منذ 16 عاماً.
ثمّ أعلن أكمان، المتخصّص في اختيار الأسهم الفردية، أنّه قام بتفكيك التجارة الكلية مع وصول العائدات إلى ذروتها. لقد ساعد صندوقه الرئيسيّ على تحقيق عائد بنسبة 16 في المئة هذا العام حتى تشرين الثاني. وأظهر المستثمر الملياردير أكمان، براعة مماثلة في العام الماضي عندما حقّق أكثر من ملياري دولار من خلال المراهنة على أنّ أسعار الفائدة سترتفع.
من جهته، أكّد إد يارديني، أحد المخضرمين في #السوق منذ فترة طويلة ومؤسس شركة يارديني للأبحاث أنّ "أكمان قام بتجارة رائعة".
البنوك الإقليمية: خسارة المقرضين هي مكسب جي بي مورغان
من المعروف أن التجارة المصرفية لم تسر كما كان مخطّطاً لها، من المفترض أن تؤدّي أسرع دورة تشديد نقدي منذ عقود إلى زيادة دخل الفائدة للمقرضين، في حين أنّ التوسع الاقتصادي المستمر من شأنه أن يعزّز نمو الائتمان والاستثمارات. في الواقع، قبل أسابيع من انفجار حفنة من البنوك الإقليمية، كانت صناديق الاستثمار المشتركة تبالغ في وزن الأسهم المالية، وفقا لبنك "غولدمان ساكس".
ثمّ حدثت أكبر اضطرابات في الصناعة المصرفية منذ الأزمة المالية التي تركت وول ستريت تترنّح. برزت جدلية إجراءات الطوارئ، وجهود الإنقاذ، والتدخل الحكومي، وسلسلة من جلسات الاستماع في الكونغرس وحفنة من القواعد الجديدة لهذه الصناعة.
وساعدت الخطط الاقتصادية، مثل تلك التي تسمح للبنوك بالاقتراض من بنك الاحتياطي الفيدرالي قبل السندات بالقيمة الاسمية كضمان، في احتواء الأزمة. وفي الوقت نفسه، قد يكون استحواذ بنك "جيه بي مورغان تشيس" وشركاه على بنك "فيرست ريبابليك"، أحد أفضل صفقات جيمي ديمون منذ سنوات.
خلق الاضطراب فرصة لبيل نيغرين، الذي رفع حصته في بنك "First Citizens Bank" عندما تراجعت الأسهم في أوائل شهر آذار، قبل أن تؤدّي الأخبار عن استحواذه على بنك "Silicon Valley" إلى دفعه للأعلى بأكثر من 50 في المئة، في يوم واحد وبمقطع مماثل في الأشهر التالية. ارتفع صندوق "Oakmark Select" التابع لـ "Nygren" بنسبة 32 في المئة هذا العام حتى تشرين الثاني.
الصين: العودة التي لم تكن
لقد أخطأ الجميع تقريباً في فهم الصين، دعا بنك "غولدمان ساكس" إلى زيادات مكوّنة من رقمين في كلّ من مؤشر "MSCI" الصيني ومؤشر "CSI 300"، وقام مورغان ستانلي بزيادة وزنه على الأسهم الصينية في كانون الأول الماضي، لينضمّ إلى المتنبّئين الذين توقعوا أن يحصل ثاني أكبر اقتصاد وأسواق في العالم على دفعة مع استرخاء الحكومة وقيود كوفيد-19.
ومع ذلك، فشل إحياء إعادة الافتتاح في أن يتحقق. ولم تقترب الأسهم بأيّ حال من مستويات ما قبل الوباء، وقد ابتلعت أزمة الديون العقارية في الصين المزيد من الشركات. واعتباراً من 20 كانون الأوّل، انخفض مؤشر "MSCI" للصين بأكثر من 14 في المئة لهذا العام.
وتمّ محو 71 مليار دولار أخرى من قيمة الأسهم العقارية. وانزلقت شركة "كانتري غاردن هولدنجز"، التي كانت في السابق أكبر شركة تطوير في الصين، إلى التخلّف عن السداد، وكافحت مجموعة "تشاينا إيفرجراند" لتجنّب التصفية. يتمّ الآن تداول بعض سندات دولار "إيفرغراند" بالقرب من سنت واحد مقابل الدولار، يبدو كأنه خسر جذبه لمستثمرين.
بعض مراقبي السوق فهموا الأمر بشكل صحيح، في كانون الثاني، وجّهت فريا بيميش، كبيرة الاقتصاديين ورئيسة الأبحاث الكلية في شركة "تي إس لومبارد"، دعوة خارجة عن الإجماع: باعوا الصين واشتروا الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. وبينما كان معظمهم يتوقعون أن تتعافى الدولة الآسيوية من الوباء وأن تنزلق أميركا إلى الركود، فقد زعمت - بشكل صحيح، كما اتضح فيما بعد - أن الصين "ستُترك على جبل من الديون" بينما ستستفيد الولايات المتحدة من ذلك. دورة ائتمانية ونفقات رأسمالية حميدة.
الهند: التجمّع القديم
يعدّ شعار "اشترِ الهند" شعاراً استثماريًا شائعاً في وول ستريت هذه الأيام، ولكن بالعودة إلى كانون الثاني، كانت القصة مختلفة تماماً. وكان الهجوم الذي شنّته شركة "هيندنبرغ" للأبحاث على الملياردير أوتام أداني سبباً فجأة في انزلاق إمبراطوريته في مجال الطاقة إلى حالة من الفوضى ــ الأمر الذي أدّى إلى خسارة السوق بقيمة 150 مليار دولار، وأثار مخاوف أوسع نطاقاً بشأن مصداقية الهند كوجهة استثمارية ساخنة. واضطرّت المحكمة العليا إلى فتح تحقيق في مشاريع رجل الصناعة الشهير في أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، في حين أطلق السياسيون الهنود بسرعة حملة سحرية في الخارج.
وفي هذه المعادلة، فاز مستثمر الأسواق الناشئة في مجموعة "أداني" راجيف جاين في آذار، ومرة أخرى في آب. وذكرت وكالة "بلومبرغ نيوز" في وقت سابق من هذا الشهر أنّ قيمة استثماراتها ارتفعت إلى أكثر من 7 مليارات دولار. ومن بين المستثمرين الآخرين الذين قاموا بتداولات في توقيت جيد: جهاز قطر للاستثمار، الذي اشترى حصة بنسبة 2.7 في المئة في شركة "Adani Green Energy Ltd"، قبل انتعاش الأسعار بشكل كبير.
اليابان: أرض الأسهم الصاعدة
أمّا اليابان، التي كان أداؤها ضعيفاً دائماً في الأسواق العالمية في السنوات الأخيرة، فقد برزت باعتبارها بلداً محبوباً للمستثمرين. تضافرت عوامل عدة للمساعدة في تعزيز مكانة البلاد، بدءاً من تحسّن النمو الاقتصادي إلى آفاق إصلاح الشركات والتفاؤل بأنّ محافظي البنوك المركزية قد يكونون مستعدين أخيراً للتخلّي عن سياسة أسعار الفائدة المتدنية. ولم يكن الضيق الذي تعانيه الصين وتأييد وارن بافيت مؤلماً أيضاً.
قال مستثمر مهمّ في آب إنه يفكّر في المزيد من الاستثمارات اليابانية بعد زيادة حصصه في الشركات التجارية في البلاد. ثم قالت شركة "بيركشاير هاثاواي" التابعة لبافيت في حزيران إنّها زادت حصصها في خمس من الشركات التجارية اليابانية. وارتفع مؤشر توبكس القياسي إلى أعلى مستوى له منذ 33 عاماً.
ومن التجارة الناجحة الأخرى، برز البيع على المكشوف لسندات الحكومة اليابانية، وهي استراتيجية محفوفة بالمخاطر في السابق. ولا يزال المراهنون على انخفاض السندات، بمن في ذلك مارك داودينغ من "RBC BlueBay Asset Management"، من الفائزين بشكل واضح هذا العام.
أولئك الذين توقّعوا حدوث تحوّل في ضعف العملة اليابانية الين، لم يكونوا محظوظين. وتوقعت شركتا "Barclays Plc" و"Nomura Holdings Inc"، ارتفاع الين بنسبة 9 في المئة مقارنة بمستويات كانون الأول الماضي. وقالت شركة "T. Rowe Price Group Inc" إنّ هناك مجالاً لتحقيق مكاسب من بنك اليابان الأكثر تشدّداً. وبدلاً من ذلك، تجد العملة نفسها مرّة أخرى باعتبارها الأسوأ أداءً في آسيا وبين أقرانها في مجموعة العشرة.
بيتكوين: العودة من بين الأموات
لقد ترك سوق العملات المشفّرة يترنح بعد الانفجارات البارزة في عام 2022، والإفلاس، والسلوك السيّئ بشكل عام. وكانت عملة البيتكوين، أقدم وأكبر عملة رقمية، تتكبّد خسارة تزيد عن 60 في المئة، وكانت تداعيات انهيار بورصة" FTX" التابعة لسام بانكمان فرايد لا تزال تتردّد أصداؤها. بدت احتمالات إحياء البيتكوين، ناهيك عن الارتفاع، بعيدة.
خلال النصف الأول من العام، لم يتمكّن السوق من إدارة أكثر من الانتعاش حيث تبخّرت التداولات وأطلقت هيئات الرقابة سلسلة من إجراءات الإنفاذ بما في ذلك الدعاوى القضائية ضدّ رواد السوق "Binance" و"Coinbase Global Inc". ولكن بدءاً من حزيران، بدأ التعافي المستدام بعد أن قدّمت شركات الاستثمار بقيادة بلاك روك سلسلة من الطلبات لإدراج صناديق الاستثمار المتداولة التي تتبع السعر الفوري للبيتكوين.
إن التفاؤل بأنّ صناديق الاستثمار المتداولة هذه ستحظى بالموافقة وتحفز اعتماداً أوسع للبيتكوين، إلى جانب الحلّ القانوني لبعض قضايا العملات المشفّرة البارزة والتوقّعات بتخفيض أسعار الفائدة الفيدرالية، ممّا ساعد على تحقيق المكاسب. وكانت النتيجة: تضاعف قيمة العملة المشفرة هذا العام، ما يجعلها واحدة من أفضل العملات أداءً في أيّ سوق. ولا تزال عملة البيتكوين بعيدة عن أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 69000 دولار.
ESG: القضايا البيئيّة والاجتماعيّة
إنّ التحالف بين التقدميين والرأسماليين المتشددين في تغذية الحركة البيئية والاجتماعية والحوكمة لم يكن سهلاً على الإطلاق. لكن هذا العام، تعرّضت أجندة القضايا البيئية والاجتماعية والحوكمة لضربة قوية من جميع الأطراف السياسية. يثير القطاع تساؤلات من المشرّعين الجمهوريين وكذلك الهيئات الرقابية حول منهجيته وشفافيته وإمكانية المبالغة في تقدير فعالية أهدافه المعلنة من خلال "الغسل الأخضر". حتى أنّ بعض مراقبي الصناعة ذهبوا إلى حدّ القول إنّ المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة تتّجه نحو "لعبتها النهائية الحتمية".
وكان من بين أكبر الضحايا مجموعة من الصناديق المتداولة في البورصة من شركة "بلاك روك" بالإضافة إلى مدير صندوق التحوط جيف أوبين. شهدت شركة "بلاك روك"، سحب أكثر من 9 مليارات دولار من أكبر صناديق الاستثمار المتداولة التي تركز على الحوكمة البيئية والاجتماعية والحوكمة، وهو تدفق سنوي قياسي، في حين أغلق أوبن فجأة شركته الاستثمارية المسؤولة اجتماعياً "إنكلوسيف كابيتال بارتنرز" الشهر الماضي.
عندما افتتح مشروع "Inclusive Capital" قبل ثلاث سنوات، قال جيف أوبين إنّ مشروعه الجديد سيدعم الشركات التي تركز على معالجة مشاكل تتراوح بين الأضرار البيئية، وكان هدفه جمع 8 مليارات دولار لهذا الغرض. وفي النهاية، فشل الصندوق في الاقتراب من هذا الهدف. ويتزامن إغلاقها مع واحدة من أسوأ الأعوام بالنسبة للاستثمار المرتبط بالمناخ، حيث أدّت تكاليف الاقتراض المرتفعة واختناقات سلسلة التوريد إلى ضرب الشركات الخضراء.
بنك "كريدي سويس": الخروج من رماد AT1
أدّى الإغلاق المفاجئ لبنك "كريدي سويس" بشكل غير متوقّع إلى القضاء على حاملي الأسماء الكبيرة لسندات الشركة الأكثر خطورة، ما أثار ردّ فعل عنيفاً من مديري الأموال وكبار المصرفيين الذين حذروا من أنّ سوق تمويل البنوك قد يقع في أزمة. ولا شكّ أنّ القرار المثير للجدل الذي اتخذته الهيئة التنظيمية السويسرية بتصفية حاملي ما يسمّى الأوراق المالية الإضافية من المستوى الأول بقيمة 17 مليار دولار، حتى مع الحفاظ على بعض القيمة لمستثمري الأسهم، ترك قائمة طويلة من الخاسرين. وتشمل الأخيرة شركات "بيمكو" و"إنفيسكو" والعملاء الأثرياء في مجموعة "ميتسوبيشي يو إف جي" المالية.
وكما هي الحال دائماً، كانت صناديق صائدي الصفقات تتجسّس على الفرص. اشترت شركة "GoldenTree Asset Management" ما يقرب من 300 مليون دولار من سندات AT1 بأسعار منخفضة مقابل ربح رائع قدره 100 مليون دولار.
حقّقت صفقات الأموال السريعة الأخرى مكاسب كبيرة من خلال إنقاذ بنك "كريدي سويس" وتسديد ديونه، والتي كان يتمّ تداولها بخصومات كبيرة في الأيام التي سبقت زوال الشركة.
السندات الغامضة تفوز بشكل كبير
حقّقت فئة غامضة من السندات المصرفية الدولارية الصادرة منذ ما يقرب من أربعة عقود مكاسب غير متوقعة هذا العام للمستثمرين، حيث ولّدت عوائد تتجاوز 50 في المئة في بعض الحالات لحامليها بما في ذلك جيمس كارتر، مدير المحفظة في شركة "Waverton Investment Management".
تمّ إصدار الأوراق المالية في الثمانينات للمساعدة في حشو رأس مال البنوك، والمعروفة باسم "المراقص" للخصم الدائم - وقد ضعفت لسنوات بسبب التخفيضات الكبيرة بسبب قسائمها. ولم يكن لدى المصدرين حافز كبير لاستردادها بما يتجاوز خسارتهم، لكن بالنسبة إلى المستثمرين الراغبين في المراهنة على أنّهم سوف يحصلون على مستحقاتهم بالكامل ذات يوم، فقد عرضوا إمكانية الحصول على عوائد كبيرة. تالياً بدأت البنوك تواجه ضغوطاً متزايدة من الجهات التنظيمية والمستثمرين والمحامين لاستردادها. وكانت نهاية سعر الفائدة بين البنوك، وهو السعر المرجعي الذي تمّ ربط الأوراق المالية به، بمثابة حافز، مضيفاً المتاعب الإضافية المتمثلة في جعل حسابات القسيمة مستحيلة عملياً. بمجرّد إعلان شركة "HSBC Holdings Plc" عن سداد أوراقها الماليّة في نيسان، تبعتها بنوك أخرى عدّة.