المصدر: نداء الوطن
الكاتب: جان الفغالي
الاثنين 24 آذار 2025 08:16:25
بصرف النظر عمَّا إذا كانت الصواريخ التي أُطلِقت من الجنوب، محاوِلةً الوصول إلى شمال إسرائيل، بدائية أو حديثة، أو أن مطلقيها محترفون أو هواة، معروفون أو مجهولون، فإن فعل إطلاق هذه الصواريخ هو مؤشِّر إلى أن قواعد اللعبة في الجنوب ربما تغيَّرت، ما يطرح السؤال التالي: هل أصابت الصواريخ اتفاق وقف إطلاق النار قبل أن تصل إلى شمال إسرائيل؟
جاء "ضرر" الصواريخ دبلوماسياً، أكثر مما تسببت به مادياً، وربما أدت خدمة كبيرة لإسرائيل لأنها أعطتها الذريعة لتقول إن جنوب الليطاني ليس تحت سيطرة شرعية، وهذا "الفراغ" لم يملأه، حتى الساعة، لا قوات الطوارئ الدولية ولا الجيش اللبناني، ويبدو أن "حزب الله" أفاد من هذا الفراغ فحاول ملأه، وربما جاءت الصواريخ بداية ملء هذا الفراغ.
صحيح أن "حزب الله" نفى مسؤوليته عن إطلاق هذه الصواريخ، لكن هذا النفي لا يعفيه من المسؤولية، فهو معتاد على "التورية"، ولديه مسمَّيات لا يتوانى عن استعمال أي منها لإبعاد الشبهة عنه، حيناً يلمِّح إلى "فصائل فلسطينية"، حيناً آخر يذكِّر بوجود "سرايا المقاومة"، أحياناً يذكِّر بأن أبناء الجنوب مقاومون، ليصل إلى سردية "الأهالي"، كما سردية "العشائر" في البقاع الشمالي، في المعارك مع الجيش السوري الجديد.
كل هذه السرديات لا تعفي من المسؤولية، فالدول لا تتعاطى بالمفرَّق، بل من دولةٍ إلى دولة. في الحال اللبنانية، الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل، بالنسبة إليهما، لبنان هو المسؤول والشكوى توجَّه إليه عبر لجنة المراقبة، وأكثر من ذلك، التهديدات توجَّه إليه.
السؤال هنا: هل أراد "حزب الله"، من خلال هذا التطور الميداني الجديد، تغيير قواعد اللعبة؟ وهل أراد ان يُفهِم مَن يعنيه، أو يعنيهم، الأمر، أن "الكلمة للميدان"، كما كان يردد الأمين العام السابق السيد حسن نصرالله؟ ما حصل غداة إطلاق الصواريخ، يرجِّح هذه الفرضية، وهي فرضية ليست معزولةً في الزمان والمكان وفي المواقف، فالأمين العام لـ "حزب الله" الشيخ نعيم قاسم ألمح إلى العودة إلى العمل العسكري، من خلال كشفه في أكثر من كلمة له أن "حزب الله" أعاد ترميم نفسه، فماذا يعني هذا الكلام سوى النية والقرار في معاودة العمل العسكري؟
وما لم يقله الشيخ قاسم، ورد على لسان أكثر من مسؤول في "حزب الله"، سواء أكان رجل دين، كما هي حال المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، أو نائباً كحال النائب حسن فضل الله.
واستناداً إلى كل هذه المعطيات، هل يمكن الاستنتاج أن "حزب الله" قرر تغيير قواعد اللعبة؟" وهل يُدخلنا مجدداً في المجهول؟