المصدر: المدن
الكاتب: خضر حسان
الاثنين 18 آذار 2024 15:57:15
قلّصت الأزمة الاقتصادية حجم التغطية الصحية والمعاشات التقاعدية التي يستفيد منها المتقاعدون، سواء في مؤسسات القطاعين العام والخاص أو بالمهن الحرّة التي تنظّم شؤونها عبر النقابات. وإذا كانت الرواتب قد بدأت بالتحسّن تباعاً ومعها قيمة التغطيات، إلاّ أن ارتفاع أرقامها لا يعني بالضرورة ملاءمتها مع حجم الغلاء المعيشي.
وتُعَدُّ المعاشات التقاعدية للصيادلة، إحدى النماذج التي تشير إلى انهيار القدرة الشرائية للرواتب. وهذا ما يدفع بعدد كبير من الصيادلة إلى اتخاذ قرار عدم التقاعد، بل الاستمرار بالعمل لأن المعاش التقاعدي ليس كافياً مقارنة بالمعاش الذي كان متوفّراً قبل العام 2019. ومع ذلك، حسّنت النقابة ذلك الراتب وتعمل على زيادته مستقبلاً.
ارتفاع الراتب بالدولار
احتُجِزَت ملايين الدولارات من أموال نقابة الصيادلة في القطاع المصرفي أسوة بنقابات المهن الأخرى، فانعكس ذلك على التقديمات التي تغطّيها النقابة، ومنها الراتب التقاعدي والتغطية الصحية.
ومع الوقت، عملت النقابة على تحسين الراتب، ورفع قيمة التغطية الصحية للتأمين الذي يشمل الصيادلة غير المتقاعدين. وحسب بيان لنقيب الصيادلة جو سلّوم، يوم الإثنين 18 آذار "بات الراتب التقاعدي 513 دولاراً"، بعد أن كان بنحو 250 دولاراً. ويحقّ "لنحو 500 متقاعد"، الاستفادة من الراتب. ويستفيد المتقاعدون، مع الزوجة أو الزوج، من "تأمين صحي مجاني". وبهذه التقديمات، يعتبر سلّوم أن "النقابة تكون قد أنصفت الصيادلة جزئياً". وأتى هذا القرار بعد تمكُّن النقابة من "زيادة مدخولها ومخزون الفريش لديها".
الراتب والتغطية الصحية يموّلها الصيدلاني من خلال الحسومات التي تفرضها النقابة لصالح صندوق التعويضات. وتنقسم الحسومات وفق ما تقوله مصادر صيدلانية، بين "نسبة ¾ بالمئة تحسمها النقابة بشكل مباشر من قيمة كل دواء يبيعه الصيدلاني إذا كان صاحب الصيدلية، ونسبة 2 بالمئة من قيمة الراتب الشهري إذا كان الصيدلاني موظّفاً في صيدلية". علماً أن الاشتراكات "تُسَدَّد بالليرة، والنقابة تحوِّلها إلى دولار وتدفعها نقداً. ويسدّد الصيدلاني اشتراكاته كل سنة عن السنة السابقة، وذلك قبل شهر نيسان، لأن تجديد عقد التأمين يتم في شهر أيار، ومَن لم يسدّد اشتراكاته لا يحق له تجديد العقد".
أما مَن يحق له التقاعد، فتشير المصادر إلى أن "كل صيدلاني سدّد على مدى 30 عاماً، ما يتوجّب عليه لصندوق التعويضات. لكن بطبيعة الحال، صاحب الصيدلية لا يلجأ للتقاعد، بل يتقاعد الموظّفون".
التقاعد غير مجدٍ حالياً
ينأى عدد كبير من الصيادلة الذين يحقّ لهم التقاعد اليوم، عن اتخاذ هذه الخطوة "لأن الراتب الحالي لا يرقى إلى المستوى المطلوب. فما كان يُدفَع قبل الأزمة، يصل إلى نحو 1500 دولار، واليوم بعد تحسينه إلى نحو 500 دولار، فهو يساوي ثلث ما كان سابقاً. ولذلك، يفضِّل معظم الصيادلة الاستمرار بالعمل عوضاً عن التقاعد".
ومشكلة قيمة الرواتب لا تقف عند هذا الحد، بل تنسحب على التغطية الصحية للصيادلة. فحسب المصادر، "انخفاض قيمة الليرة أخَّرَ تحسين الرواتب بالدولار وأصاب التأمين الصحي. فالنقابة لم تعد قادرة على دفع حصّتها من المساهمة نسبة الـ75 بالمئة من قيمة عقد التأمين، كما كانت تدفعها قبل الأزمة. وانخفضت هذه النسبة إلى 20 بالمئة ثم ارتفعت إلى 23 بالمئة. وهذا العام رفعت إلى 38 بالمئة، ومن المتوقّع أن تعود إلى 75 بالمئة خلال سنتين، ويدفع الصيدلاني الفارق، لتصبح التغطية بنسبة 100 بالمئة".
مبدأ الراتب التقاعدي "مهم جداً وضروري للصيادلة. لكن في ظل الأرقام المنخفضة للرواتب اليوم، فإن التقاعد غير مشجِّع". ولذلك، عدد قليل من الصيادلة يلجأون للتقاعد، سيّما وأن مجال العمل مفتوح والتغطية الصحية مؤمَّنة "بين الدرجتين الأولى والثانية حالياً، بعد سماح النقابة للصيادلة باختيار الدرجة الثانية حسب رغبتهم، لكن قبل الأزمة كانت الدرجة الأولى إلزامية"، حسب المصادر.
يبحث الصيادلة كما كل الموظّفين في كل القطاعات، عن فرصة لتحسين رواتبهم والتغطية الصحية. لكن "في ظل واقع البلد راهناً، هناك الكثير من علامات الاستفهام حول المستقبل". وتلفت المصادر النظر إلى أن "الحديث عن أوضاع الصيادلة لا يعني بالضرورة أوضاع كل أصحاب الصيدليات. فيجب التمييز بين أصحاب العمل والموظفين من جهة، وبين أصحاب الصيدليات الصغيرة وعمالقة هذا القطاع الذين يتحكّمون بكل تفاصيله، ومن بينها توفُّر الأدوية في السوق وتحديد رواتب الموظّفين، وغير ذلك، وصولاً إلى التصريح عن الأرباح الفعلية".