الصيادون يعترضون... ويتجهون للطعن بقرار المنع 

أثار التعميم المشترك الذي أصدرته وزارات البيئة والداخلية والزراعة، والقاضي بمنع الصيد البرّي كلّيا خلال موسم 2026/2025، جدلاً واسعاً في الأوساط المعنية، إذ اعتبره اتحاد مجموعات الصيد البري "قراراً إدارياً غير ملزم ولا يملك أي قوة تنفيذية".


وقد استند التعميم إلى ثلاث نقاط رئيسية: كون لبنان ممراً أساسياً لهجرة الطيور بين أوروبا وآسيا وإفريقيا، والتزامه اتفاقيات دولية لحماية الأنواع المهددة، ونصّ القانون على أنه لا يمكن فتح الموسم إلا باقتراح المجلس الأعلى للصيد البري الذي لم يُشكّل بعد.
رئيس اتحاد مجموعات الصيد البري في لبنان المحامي جاد خليل رفض هذه "المبررات"، مؤكّداً في حديث إلى "النهار" أن "الوزير غير ملزم اقتراح المجلس، إذ يستطيع اتخاذ قرار فتح الموسم حتى في غيابه، كما حصل في عهد الوزير دميانوس قطّار". 

ورأى أنّ الاستناد إلى "حجة" مرور الطيور المهاجرة غير منطقي، "لأن معظمها يمرّ في مناطق محدودة وعلى ارتفاع لا تصيبه بنادق الصيد، بينما من يستهدفها يستخدم أسلحة رشّاشة ممنوعة أصلا"، مضيفاً أن "الاتفاقيات الدولية وقّعها لبنان قبل إصدار قانون 2004، وهو أهم من المعاهدات، إذ من غير المعقول أن يناقض اتفاقيات وُقعت سابقاً".

وتابع: "أنواع الطيور الممنوع صيدها أصلاً لا يصطادها الصيادون، فشددوا الرقابة بدل إغلاق الموسم، لأن المنع لن يحدّ من الصيد الليلي العشوائي، بل سيزيده".


وأشار خليل إلى أن المادة 7 من القانون تنص على أن الطيور والحيوانات البرية ليست ملكاً لأحد، داعياً إلى تعديل القانون لحماية البيئة وحقوق الصيادين معاً. ولوّح الاتحاد باللجوء إلى مجلس شورى الدولة لإبطال التعميم، محذّراً من أن استمرار المنع سيضرّ بالبيئة والاقتصاد وسيعطّل عمل قطاعات مثل تجارة الأسلحة والذخيرة والمطاعم، بالإضافة إلى تعطيل السيطرة على بعض الطيور التي تتكاثر وتلحق أضراراً بالزراعة والبيئة، مثل الزرزور والغراب.

في المقابل، شددت مصادر وزارة البيئة لـ"النهار" على أن نصّ القانون واضح والوزارة حريصة على تطبيقه، ولا يمكن "إنشاء قانون على قياسنا"، مشيرةً إلى أن "التعميم مجرد تذكير بأن الموسم مغلق حتى صدور مرسوم تشكيل المجلس الأعلى الذي يُبنى عليه قرار الوزير".

وأكّدت أن الرقابة ليست من صلاحيات وزارة البيئة، بل من مسؤولية القوى الأمنية والبلديات، فيما يقتصر دورها على توجيه رسائل لحض هذه الجهات على تطبيق القانون.

قانون قديم ورسوم رمزية
خليل أوضح أن القانون الحالي يفرض رخصتين: رخصة لحمل السلاح تُمنح مرة واحدة، وأخرى للصيد تُجدّد سنوياً برسوم رمزية لا تتعدى 50 ألف ليرة، مضيفاً: "لقد قدمنا مشروع تعديل قانون يرفع الرسوم ويخصص جزءاً منها لوزارة البيئة لإنشاء صندوق خاص بها، مع اقتراحات تحمي البيئة وتنظم الصيد من دون قتل الهواية".

يبدو أن ملف الصيد البري في لبنان تجاوز الجدل القائم بين المنع المطلق وفتح الموسم في غياب الضوابط، إذ إن القانون الذي يعود إلى أكثر من عقدين، لم يعد يواكب التحديات البيئية، فيما تتفاقم ظاهرة الصيد العشوائي. وبين الحفاظ على البيئة وحماية الهواية تبقى الطيور ضحية الفوضى.