الصين "تقطف" الضياع الأميركي فلسطينياً.. وروسيا على الخط اللبناني

مرّة جديدة تحقق الصين اختراقاً سياسياً في منطقة الشرق الأوسط. وهذه المرّة، من البوابة الفلسطينية.
نجحت الصين في عقد اتفاق مصالحة بين مختلف الفصائل الفلسطينية، وأبرزها حركتي فتح وحماس، بالإضافة إلى حركة الجهاد الإسلامي، مع الاتفاق فيما بينهم على تشكيل حكومة مصالحة وطنية مؤقتة، تهدف إلى إدارة قطاع غزة بعد الحرب. يمثّل ذلك تطوراً في العلاقات الفلسطينية- الفلسطينية، ويمكنه أن يؤسس للمرحلة المقبلة، أهمها إبقاء مسألة إدارة قطاع غزة بيد الفلسطينيين وليس بيد أي طرف آخر، بينما تبقى العبرة بالتنفيذ.

مرحلة فلسطينية
تأتي الخطوة الصينية في ظل حالة ارتباط أو فوضى أو ضياع أميركي. تماماً كما كانت الصين قد حققت اختراقاً في إنجاز الاتفاق السعودي الإيراني، وكان ذلك أيضاً في فترة توتر العلاقة بين الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية. لذا، لا يمكن فصل المسار الصيني عن كل التطورات التي تشهدها المنطقة، في ضوء الحرب على قطاع الغزة والغطاء الأميركي الممنوح بشكل كامل لإسرائيل في حربها. كما أن مضمون الاتفاق حول تشكيل حكومة وحدة وطنية لإدارة القطاع، تأتي في سياق الردّ على كل الاقتراحات الأميركية والإسرائيلية لإدخال قوات أجنبية أو عربية، أو لمنع السلطة الفلسطينية من السيطرة والإمساك بحكم القطاع والإشراف على المساعدة وعلى المرحلة التالية ما بعد الحرب.

من شأن هذا الاتفاق أن يؤسس لمرحلة لاحقة فلسطينياً، تتصل بإعادة تشكيل السلطة الفلسطينية ككل. وهو ما يفرض على حركة فتح والرئيس محمود عباس تقديم تنازلات جدية حول إعادة تشكيل السلطة، لتصبح جامعة لكل القوى والفصائل الفلسطينية، مع الإشارة إلى مواقف اليمين الإسرائيلي في استهداف الطرفين، أي فتح وحماس، وصولاً إلى قرار وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت في ضرب كل الفصائل العسكرية داخل الضفة الغربية. وهذا ينذر بتطور قد يؤدي إلى تصعيد خطير يطال القضية الفلسطينية ككل.

واقعية حماس
بالنسبة إلى حركة حماس، تؤكد مصادر متابعة على أنها تتعاطى بمنتهى الواقعية مع التطورات الحاصلة. ولذلك هي تريد تشكيل حكومة وحدة وطنية تدير قطاع غزة، مع ضمانات دولية وإقليمية. ومن شأن ذلك إفشال أي مسعى أو مسار إسرائيلي لتحقيق مشروع التهجير أو ضرب كل مقومات الحياة في القطاع، أو مشروع إدخال قوى على صلة وثيقة وتامة مع الإسرائيليين، للإمساك بالمفاصل الأساسية للقطاع وإدارته. إلى جانب ذلك، تعود المصادر لتؤكد أن حماس تدخل في مرحلة تفكير جدي في كيفية التماشي مع وقائع المرحلة المقبلة، بعدم الظهور عسكرياً ما فوق الأرض، مع إعادة تشكيل جسمها العسكري وفق الآلية التي اتبعها حزب الله بعد حرب تموز في العام 2006. وفي حينها، أيضاً لم يتمثل الحزب في الحكومة اللبنانية بشكل مباشر أو عبر شخصيات من الجسم التنظيمي للحزب.

روسيا أيضاً..
إلى جانب التحرك الصيني، والذي لا بد من مراقبة تداعياته أو الردود عليه، برز في الأيام الماضية دخول روسي على الخط في المنطقة، ولا سيما على خطّ لبنان، من خلال زيارة مبعوث وزير الخارجية الروسي ولقائه بالمسؤولين اللبنانيين. وحسب المعلومات، فإن روسيا تحذر من احتمال حصول تصعيد إسرائيلي ضد لبنان وضد حزب الله، وسط معطيات تفيد بأن الروس يتعاطون وكأن إسرائيل تنوي فعلياً شن حرب ضد الحزب، أو توسيع عملياتها العسكرية وتنويعها. علماً أن هذه المعطيات لا تبدو تتوافق مع المعطيات المتوفرة لدى الحزب الذي لا يزال يستبعد حرباً.

إنها فترة من الفوضى الأميركية بفعل الانتخابات الرئاسية، وأضيف إليها انسحاب جو بايدن من السباق الرئاسي، مع ما سيتركه ذلك من آثار على كيفية إدارة الأمور في ظل التطورات الحاصلة. وهذا سيفتح المجال أمام جهات عديدة للتقدم نحو منطقة الشرق الأوسط على وقع الحرب على غزة.
أمام هذه المعطيات لا يزال انتظار نتائج زيارة نتنياهو إلى واشنطن هو الأساس، لا سيما أنه سيسعى للحصول على دعم لمواصلة العملية العسكرية في غزة ولبنان. وهو ما يترقب له محور المقاومة، مع الاستمرار باتخاذ قرار التصعيد ضد اسرائيل، لمنعها من التصعيد، ولإجبارها على وقف إطلاق النار، والقبول بالصفقة.