الضربة الإسرائيلية في بيروت تنهي تفاهمات دبلوماسية

قالت مصادر أمنية مقربة من حزب الله ودبلوماسيون: “إن الحزب لم يخل مواقعه الحساسة كما لم يقم بإجلاء كبار القيادات من الضاحية الجنوبية في بيروت قبل الهجوم الذي وقع هذا الأسبوع وأسفر عن مقتل قائد عسكري كبير به لأنه كان المعتقد أن الجهود الدبلوماسية التي تقودها الولايات المتحدة ستمنع إسرائيل من ضرب الضاحية”.

وأضافت المصادر أن “انطباع حزب الله كان هو أن إسرائيل لن تضرب الضاحية الجنوبية، لأنه كان يتصور أن القوات الإسرائيلية ستلتزم بالخطوط الحمراء غير الرسمية التي يتقيد بها الجانبان بشكل عام في الصراع الذي تصاعد خلال حرب غزة”.

ونقل هذا التقييم لـ”رويترز” ثمانية دبلوماسيين مطلعين على أحدث جهود الوساطة التي تقودها واشنطن وتشمل فرنسا والأمم المتحدة، فضلا عن ثلاثة مصادر أمنية مقربة من حزب الله. وتحدثوا جميعا شريطة عدم ذكرهم بالاسم بسبب الطبيعة الحساسة للموضوع.

لكن ذلك التفاهم انتهى يوم الثلاثاء عندما أدت ضربة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية إلى مقتل فؤاد شكر القائد العسكري الأعلى لحزب الله ومستشار عسكري إيراني وخمسة مدنيين. والآن يتساءل المسؤولون اللبنانيون وحزب الله عما إذا كانت الضمانات الدبلوماسية قد نُقلت إلى الحزب بدقة.

وقال وزير الخارجية عبد الله بو حبيب لـ”رويترز”: “لم نتوقع منهم أن يقصفوا بيروت لكنهم قصفوها”.

وبالإضافة إلى اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، في طهران بعد ساعات قليلة فقد هددت هذه الخطوة بتحويل المنطقة كلها إلى دوامة عنف.

وبدأت التوتر يتصاعد بعد هجوم على هضبة الجولان المحتلة، والذي اتهمت إسرائيل حزب الله بتنفيذه، وتوعدت بالرد عليه. ونفى الحزب تورطه في الهجوم.

وهرع دبلوماسيون لاحتواء التداعيات من خلال حث إسرائيل على عدم قصف الضاحية في إطار ردها، ونقل المبعوث الأمريكي الخاص للبنان آموس هوكشتاين هذه الرسائل على وجه التحديد، حسبما قال العديد من الدبلوماسيين ومسؤول لبناني على دراية مباشرة بجهود الوساطة لـ”رويترز”.

وقال مسؤول في حزب الله: “إن الوسطاء أبلغوهم بمثل هذه الجهود”. وقال المسؤول اللبناني وثلاثة دبلوماسيين مشاركين في الرسائل إن إسرائيل لم تتعهد بأي التزامات.

 “الدبلوماسية أخفقت”

ومع ذلك فإن موقف حزب الله كان يشير إلى حالة من الثقة. ففي الأيام التي سبقت الهجوم شوهد مسؤولون كبار من الحزب يتنقلون في منطقة الضاحية الجنوبية.

وقال مصدران أمنيان لـ”رويترز”: “إن حزب الله أخلى بعض مواقعه الرئيسية في جنوب وشرق لبنان تحسبا لهجمات محتملة، لكنه لم يتخذ تدابير مماثلة في بيروت”.

وأضاف المصدران أن “أعضاء حزب الله الذين يعيشون بالقرب من المبنى المستهدف جرى إجلائهم في حالة من الذعر بعد قصفه”.

وقال دبلوماسي بالمنطقة “إن الهجوم يعني أن إسرائيل لم يكن لديها أهداف كبيرة تابعة لحزب الله لتستهدفها في جنوب أو شرق لبنان”.

وأوضح دبلوماسيان أوروبيان أن “حزب الله لم يتخذ تدابير احترازية في بيروت ولم يكن حذرا”.

وذكر العديد من الدبلوماسيين، فضلا عن مبعوث غربي، أن “الحزب كان لديه قناعة بأن الضاحية لن تتعرض للقصف”.

وقال أحد الدبلوماسيين “كانت هناك رسالة واضحة” مفادها أن إسرائيل ستتجنب المدن الكبرى بما في ذلك بيروت.

وأضاف الدبلوماسيون: “إن إسرائيل تجاهلت جهود دعتها إلى تنفيذ رد منضبط”. وقال أحد الدبلوماسيين الأوروبيين “الإسرائيليون لا يستمعون إلى كلمة نقولها. إنهم ينفذون خطتهم ولا يستمعون إلينا”.

وذكر المبعوث الغربي ومسؤول إيراني أن إسرائيل “تجاوزت الخطوط الحمراء” باستهدافها الضاحية الجنوبية. وقال المبعوث لـ”رويترز” “الدبلوماسية أخفقت”، مضيفا أن قدرة الدول، حتى الولايات المتحدة، على التأثير على إسرائيل كانت محدودة.

سوء تقدير

وقال دبلوماسي غربي لـ”رويترز”: “يشعر الإسرائيليون بأنهم محاصرون من كل الجوانب، سياسيا وعسكريا، وهذا وضع محفوف بالمخاطر إلى حد ما”.

وذكر دبلوماسيون ومحللون في المنطقة أن “إسرائيل غيرت قواعد الاشتباك في الحرب نتيجة لذلك وشنت ضربات أكثر طيشا ضد أعدائها الإيرانيين واللبنانيين والفلسطينيين”.

وصرح عدد من الدبلوماسيين العاملين على هذه القضية والمسؤول اللبناني بأن حزب الله “أخطأ في قراءة” العقلية الإسرائيلية واعتقد أنه فعل ما يكفي لمنع إسرائيل من شن ضربات عنيفة في لبنان.

وقال الدبلوماسي الغربي “حماس وإسرائيل وحزب الله وإيران، كلهم أخطأوا في حساباتهم منذ السابع من أكتوبر وأساءوا تقييم بعضهم البعض”.