الضغط يصنع التغيير... تيك توك: لن نتسامح مع الإساءة إلى اليافعين

يبدو أن التشريعات والحملات تدفع شركات وسائل التواصل الإجتماعي مثل ميتا وتيك توك إلى إجراء تغييرات مستمرة لناحية سلامة الأطفال وخصوصيتهم، وفقاً لتقرير جديد أطلق في مجلس اللوردات البريطاني.

وقد وجد تقرير "تأثير التنظيم على الحياة الرقمية للأطفال"، الذي أعدّه باحثون في مركز المستقبل الرقمي للأطفال في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية (LSE) ومؤسسة 5Rights، أن 128 تغييراً متعلقاً بسلامة الأطفال وخصوصيتهم أجريت خلال الفترة من 2017 إلى 2024 من قبل ميتا وغوغل وتيك توك وسناب.

وسجلت ذروة بلغت 42 تغييراً عبر الشركات الأربع في عام 2021، وهو العام الذي دخل فيه تنظيم التصميم المناسب للعمر (AADC) حيز التنفيذ في المملكة المتحدة.

وسجلت نسبة كبيرة من التغييرات التي أجرتها الشركات الأربع في فئة "الإعدادات الافتراضية"، وهو المكان الذي تجري فيه تغييرات على تصميم الخدمة، وتوفير الحمايات الافتراضية.

وكان تقديم أدوات الخصوصية والسلامة هو ثاني أكثر مجال شيوعاً للتغيير (37 من أصل 128 تغييراً). وتوفر الأدوات آليات جديدة للمستخدمين أو الآباء للتحكم في كيفية عمل بعض ميزات المنصة. على سبيل المثال، في عام 2021، قدم تيك توك ميزة "تصفية جميع التعليقات".

إجراءات مماثلة لم تمنع الشبكات الإجرامية والأفراد المجرمين من استغلال هذا التطبيق، ولم تنه الجدل حول التنازلات الأخلاقية في سياق السعي الربحي. ولا يزال الرأي العام اللبناني يضج بجرائم شبكة من الأفراد استغلوا تيك توك لاستدراج الأطفال والمراهقين للاعتداء عليهم.

فكيف يمكن لتيك توك أن يكون شبكة اجتماعية ترفيهية لا تتيح للأشرار استخدامه واستغلال الأطفال كما حصل في لبنان؟

على هذا السؤال، أجاب متحدث رسمي باسم تيك توك "النهار"، قائلاً: "نوفر أدوات وسياسات هادفة مصممة لتعزيز تجربة آمنة تناسب أعمار المراهقين ما بين 13 و17 عاماً. فعلى سبيل المثال، عندما يبدأ المراهقون الأصغر سناً في استخدام تطبيق تيك توك، نقوم عمداً بتقييد الوصول إلى بعض الخصائص، مثل: البث المباشر، والرسائل المباشرة، وتعيين حسابات المستخدمين الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و15 عاماً بخاصية خاص بشكل افتراضي".

وأشار الى "مجموعة من التقنيات واستراتيجيات الإشراف على المحتوى لضبط ومراجعة المحتوى الذي قد يتضمن مشكلات أو ينتهك شروط الاستخدام وإرشادات المجتمع الشاملة، ومن ثم نقوم بتوقيع العقوبات المناسبة التي تشمل إزالة مقاطع الفيديو وحظر الحسابات. إضافة إلى ذلك، نقدم للمستخدمين عدداً من الضوابط والأدوات وإعدادات الخصوصية بما في ذلك آليات الإبلاغ عن المحتوى المخالف التي تمكن المستخدمين وسلطات إنفاذ القانون من التبليغ عن أي محتوى غير لائق".

وفيما يتعلق بحادثة لبنان، قال المتحدث الرسمي: "لا تتسامح منصة تيك توك مُطلقاً مع استغلال اليافعين والإساءة إليهم بأي شكل مثلما أوضحنا في إرشادات المجتمع، وعندما نعلم بوجود أي محتوى، نقوم بإزالته على الفور وحظر أي حسابات مرتبطة به، بالإضافة إلى إبلاغ جهات إنفاذ القانون حسب الاقتضاء، ولقد قمنا بالتحقيق في الحسابات المرتبطة وتمت إزالتها وحظرها. وفقًا لإرشادات المجتمع الخاصة بنا، وهي القواعد التي نتوقع أن يلتزم بها مجتمعنا أثناء استخدام التطبيق، لدينا قواعد واضحة بشأن الاعتداء الجنسي والجسدي على صغار السن على منصتنا".

وهل يتعاون تيك توك مع السلطات الأمنية والقضائية لتتبع المجرمين عبر حساباتهم؟ يقول المتحدث: "تلتزم منصّتنا بالاستجابة لطلبات جهات إنفاذ القانون المتعلقة بالكشف عن معلومات المستخدم أو الحفاظ عليها بطريقة تحترم الخصوصية والحقوق الأخرى لأعضاء مجتمعنا. وتتم مراجعة كل طلب نتلقَّاه بعناية مع دراسة كل حالة على حدة. وتتحكم سياساتنا وإجراءاتنا في كيفية تعامل منصّة تيك توك مع طلبات جهات إنفاذ القانون والاستجابة لها، وتقوم تيك توك بالكشف عن بيانات المستخدم أو حجبها فقط عندما يستند الطلب إلى إجراءات قانونية سليمة أو في حالات الطوارئ. وفي حالات طارئة محدودة، تُفصح منصة تيك توك عن معلومات المستخدم دون إجراءات قانونية حين يكون لدينا أسباب كافية للاعتقاد -بحسن نية- بأن الإفصاح عن هذه المعلومات ضروري للوقاية من خطر الموت الوشيك أو الإصابة الجسدية الخطيرة لأي شخص. إضافة إلى ذلك، نقوم بإبلاغ جهات إنفاذ القانون عن الحسابات في حال وجود تهديد محدد وموثوق ووشيك لحياة البشر أو بالإصابة الجسدية الخطيرة".

هذا الخطاب الذي تخرج به الشركة يقابله الخبير في عمل مواقع التواصل الاجتماعي دايفيد ستيل جونز في حديث لـ"النهار" بالقول: "يجب الحفاظ على الخطوات المعتادة حول عدم الكشف عن الهوية، وعدم مشاركة التفاصيل الشخصية، وعدم لقاء الأشخاص وجهاً لوجه الذين تعرفهم فقط من الإنترنت، إلخ"، مضيفاً: "لدى تيك توك قاعدة عمرية 13+، ويلعب الآباء دورًا هامًا في مراقبتها. وكذلك السلطات، التي يجب أن تأخذ السلوك الإجرامي على محمل الجد. ولكن أيضًا بعد ذلك، يبرز السؤال الجوهري حول الصحة النفسية وتأثيرات إدمان وسائل التواصل الاجتماعي على تطور الشخصية، كما هناك الحجة بأن تيك توك لديه قيمة محتملة كأداة تعبير، ووسيلة للاتصال بالعالم، لكن هذا الأمر لا يزال غامضاً لأب مثلي". الغموض لا يقتصر على فهم دايفيد بل يشمل كثيرين يرصدون تحكم الخوارزميات في حياتهم اليوم!