الضغوط الاسرائيلية مفيدة للتوظيف الخارجي!

من غير المرجح ان تتراجع الضغوط على لبنان حتى لو تم تحقيق اختراق حقيقي على صعيد تجنيب لبنان تصعيدا اسرائيليا اضافيا مطلع السنة المقبلة استنادا الى الجدية التي باتت تعبر عنها الدولة اللبنانية في الاسابيع الاخيرة ديبلوماسيا معطوفة على اداء متقدم للجيش اللبناني عقب ضغوطٍ إسرائيليةٍ عليه لتفتيش ممتلكاتٍ خاصةٍ ومناطقَ جردية كان اخرها كشفه عن نفقً للحزب في تولين استجابة للجنة الميكانيزم. وفيما كشف نائب رئيس مجلس الوزراء طارق متري ان الجيش مستعد، ووفق ما سيتبلغه المجتمعون في باريس للانتقال الى المرحلة الثانية لبدء نزع سلاح "حزب الله" بين نهري الليطاني والاولي انما مع اضافة متري عبارة " من دون تحديد جدول زمني لها " ، فان الامر يبقى مثيرا لعلامات الاستفهام باعتبار انه وفي ضوء مواقف " حزب الله" فان هناك شكوكا بان الحزب سيتعاون مع الجيش اللبناني سيما انه لم يفعل في جنوب الليطاني ولو قال العكس. يضاف الى ذلك ان احتمال التصعيد العسكري يشكل جزءا من المشهد المتعلق بالوضع اللبناني في المرحلة المقبلة لكن فيما يعمل على ما يعمل على وضع ابعد من ذلك استنادا الى التحرك المصري على سبيل المثال مع زيارة لرئيس الوزراء مصطفى مدبولي الى بيروت بعد زيارتين اخيرتين لكل من رئيس الاستخبارات المصرية حسن رشاد . ووزير الخارجية بدر عبد العاطي.

يقول ديبلوماسيون ان التهديدات الاسرائيلية تشكل جزءا لا يتجزأ من مقايضة تريد تل ابيب فرضها على لبنان ويعتقد ان الولايات المتحدة ليست بعيدة من ذلك بل تتبنى هذا المسار نتيجة جملة اعتبارات . اولا لان اهل السلطة في لبنان على امتداد اعوام طويلة يقاومون كل انواع الاغراءات والتهديدات ويحاولون النجاح بالافلات منها فيما ان المصالح الخارجية في الظروف الراهنة حول استقرار الجوار المحيط باسرائيل وانهاء ما يعتبر وضعا شاذا فيه ، تفرض تواصل الضغوط وعدم التراجع عنها من اجل الحصول على الحد الادنى المطلوب . اذ في الوقت الذي تم التهديد في الاشهر القليلة السابقة من تفويت لبنان الفرصة المتاحة له للانتقال الى دولة طبيعية، واثار البطء اللبناني استياء ويأسا من اهل السلطة، عاد الزخم الدولي الى ايلاء لبنان الاهتمام نفسه بناء على المخاطر التي يمكن ان تتأتى من اي حرب تهدد استقراره . ثانيا لان الضغوط الاسرائيلية تؤدي من زوايا عدة الى الضغط على ايران منعا لاستخدام اوراقها الاقليمية وفي مقدمها ورقة " حزب الله" وتاليا زيادة تعنتها حيال التفاوض حول الملف النووي. وهذه النقطة لا يمكن الاستهانة بها في ظل سعي ايران الى استمرار استخدام لبنان ومنع تقدم اولويات حكومته من ضمن المساومات التي تسعى اليها .

والمؤشر على استحقاق لبنان الفرصة الجديدة التي يمكن ان تعطى له هي رهن بالنتائج العملية لاجتماع امس الخميس في باريس لممثلي كل من الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية مع قائد الجيش رودولف هيكل بما يمكن ان يتيح ثقة بالخطوات المقبلة . كما هي رهن بالاجتماع الثاني للجنة الميكانيزم اليوم في الناقورة باعتبار ان ما يمكن ان يشكل دليلا على فرص النجاح هو استكمال الاجتماعات التفاوضية ام وقفها فيما كانت المطالبة التي تقدمت بها اسرائيل في الجلسة الاولى للميكانيزم والتي كشف عنها رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو عن الدفع في اتجاه تعاون اقتصادي بين البلدين ، يفيد بان هناك اثمانا تترتب على لبنان وسيتعين عليه دفعها لقاء تحقيق مطالبه. وفيما ينشغل " حزب الله" كليا بتسليط الضوء على الدفاع عن سلاحه ومواصلة التهديدات في هذا الاطار، فانه يتجنب عبر عدم اثارة اولوية ضرورة اعادة اهالي القرى الجنوبية الى قراهم ، باعتبار ان اسرائيل هي من ستتيح ذلك، على عكس اعادة الاعمار مثلا ، وهي شق اخر لا يأخذ مستوى مماثلا لسلاح الحزب في ادبياته اليومية او اطلالاته المتكررة ، ومطالبته باثمان لقاء ذلك. الاثمان المكلفة تطرحها اسرائيل والتعاون الاقتصادي احد نماذجها في الوقت الذي يتعين على الدولة ان تدفع هذه الاثمان لتحقيق اعادة الاهالي الى قراهم ومطالبة الولايات المتحدة بالضغط على اسرائيل لهذا الهدف والامر نفسه بالنسبة الى اعادة اسرى الحزب عدا عن نزع سلاحه في الوقت الذي يبخل الحزب على الدولة بدعمها من اجل ذلك . اضف الى ذلك بروز منحى خارجي يقضي بضرورة اعطاء هذه الضغوط مفاعيلها في هذه المرحلة وعدم الاضطرار الى تكرار كل منحى التهديدات وسواها مرة تلو الاخرى على رغم تشاؤم مراقبين ديبلوماسيين بنجاح ذلك في ظل استمرار الضغوط على ايران وعزلتها التي تدفعها الى التشدد باوراقها المتبقية في لبنان .