قبل نهاية العام المنصرم جرى الاتفاق بين وزارة التربية ومنظمة اليونيسف، وبحضور ممثلين عن رابطة المعلمين في التعليم الأساسي، على إطلاق العام الدراسي في مدارس بعد الظهر لتعليم الطلاب السوريين. وتعهدت المنظمة الأممية برفع بدلات الأساتذة المستعان بهم وبرفع مساهمتها لصناديق المدارس، ولا سيما عن الطلاب اللبنانيين بالتعليم الأساسي. وكان يفترض أن تحول المنظمة 40 بالمئة من المستحقات إلى صناديق المدارس في نهاية الشهر المنصرم. فمن دون حصول المدارس الرسمية على تلك الأموال لا تستطيع الاستمرار بعملها.
لا تستطيع المدارس الاستمرار
مدراء المدارس بالتعليم الأساسي موعودون بقرب تسديد الدولة جزء من مستحقات العام المنصرم. لكن الأموال التي تدفعها الدولة لصناديق المدارس لا تكفي لشراء قرطاسية، كما يؤكدون. فالدولة تدفع عن كل تلميذ 150 ألف ليرة سنوياً. بمعنى أن المدرسة من الحجم الكبير، أي التي لديها 500 تلميذ، لا تتجاوز مستحقاتها من الدولة الستين مليون ليرة. وعليها ليس دفع المصاريف التشغيلية منها، بل عقود الأساتذة المسجلين على حساب الصناديق. أما منظمة اليونيسف فقد تعهدت بدفع مبلغ 40 دولاراً عن كل تلميذ لبناني للصناديق (رفعتها من 18 دولاراً العام الفائت). ويشكو المدراء في كل لبنان من أن المدارس لا تستطيع الاستمرار بعملها في حال لم تحول الأموال الموعودة من اليونيسف. ما يهدد مصير العام الدراسي، الذي انطلق فصله الثاني منذ يوم أمس.
وتشرح المصادر، أن مدارس لبنان، التي لا يوجد فيها تعليم في فترة بعد الظهر، مصنفة بأنها متعثرة. وهي تشكل النسبة الغالبة من المدارس الرسمية. وتعثرها نابع من عدم وجود موارد بالدولار لأنها لا تعلم طلاب سوريين، سواء في الفترة الصباحية أو ليس فيها دوام للتعليم في فترة بعد الظهر. وبموارد الدولة بالليرة اللبنانية لا تستطيع فتح أبوابها لتعليم الطلاب. ورغم أن المبالغ التي تعهدت بها اليونيسف للصناديق عن الطلاب اللبنانيين، تعتبر زهيدة، إلا أنها تسد الحاجات الأساسية للمدرسة.
التشدد بالتدقيق بكل البيانات
ووفق المصادر، تتذرع اليونيسف بعدم تحويل نسبة 40 بالمئة من الأموال، عن الفصل الأول للعام الدراسي الحالي، لعدم إرسال بعض المدارس الموازنات الإلكترونية، التي أعدت بالتوافق مع اليونيسف لتحسين الرقابة على الإنفاق. وكانت النتيجة أن المنظمة الأممية حولت دفعات لبعض الثانويات التي تعلم طلاب سوريين في فترة قبل الظهر، فيما لم تتلقَ أي مدرسة في التعليم الأساسي المستحقات المتوجبة.
مصادر مطلعة على كيفية إعداد اليونيسف الملف قبل تحويل الأموال، أكدت لـ"المدن" أن المنظمة الأممية كانت في السابق تدفع الأموال لصناديق المدارس ثم تجري المقاصاة لاحقاً. لكن بعد انفضاح ملفات الفساد، وجراء ما يتم تداوله في وسائل الإعلام، باتت اليونيسف تتشدد في التدقيق بكل البيانات قبل تحويل الأموال.
وأضافت المصادر أن المسألة غير مرتبطة بموازنات بعض المدارس بل بالتدقيق الشامل. وعلى سبيل المثال، يجري التدقيق جيداً في لوائح الطلاب التي ترسلها المدارس لمعرفة نسبة الحضور. فالحضور إلى المدرسة للتعلّم أساسي لدفع الأموال. لأنه في حال تغيب الطلاب يكون الدفع نسبي، بما يوازي نسبة الحضور. فيما في السابق كانت العديد من المدارس تسجل طلاباً وهميين أو تسجل طلاباً من دون أن يحضروا إلى الدوام، وذلك في سبيل رفع عدد طلاب المدرسة، وبالتالي حجم المساعدات.
ووفق المصادر، كان يفترض أن يحصل تحويل الأموال للصناديق قبل نهاية السنة الفائتة، لكن لم تتسلم المنظمة الأممية البيانات المطلوبة من المدارس. وأتت عطلة الأعياد لتؤخر إنجاز البيانات في المدارس وتلك المنجزة التي تلقتها اليونيسف، بسبب الإجازات السنوية للموظفين. وبعد الانتهاء من التدقيق في البيانات الموجودة سيتم تحويل الأموال، في أقرب وقت.