"العجلة" سمة حركة الرئيس المكلف: هل تُفرمل المطالب والشروط عملية التأليف برمتها؟

لدى الكتل النيابية، الفاعلة منها والمتبدّلة، هواجس من التأخير في إصدار مراسيم الحكومة الجديدة، والاخيرة في عهد الرئيس ميشال عون، الذي أمضى أكثر من نصفه بلا حكومات تحكم، أو بحكومات عرجاء أو مستقيلة. وهذه الهواجس تتقاطع مع هواجس، تصل الي حدّ الخشية من تأخير في رؤية حكومة، تعمل بصلاحيات كاملة لأن لبنان ومواطنيه لا يستطيعون تحمل الشلل السياسي، نظراً للتحديات الاقتصادية والاجتماعية القاسية التي يواجهونها»، حسب ما جاء في موقف لافت «لمجموعة الدعم الدولية لأجل لبنان» التي اعتبرت، ان من الأهمية بمكان الالتزام بالمهل الدستورية من أجل اجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها».
وبين التأليف المرغوب بإنجازه بوقت سريع يستجيب لأجندة التفاوض مع صندوق النقد وخلاصة التحقيق الجنائي، واستجرار الغاز المصري، والإصلاح المالي وإقرار الموازنة، وهو ما يتطلع إليه الرئيس المكلف، بدا ان نغمة المعايير والميثاقية و«الفعالية» عادت إلى الواجهة مع الإعلام العوني الذي يروّج لحسابات لا تتفق مع طبيعة مهمة ميقاتي، مع ان موقفا لحزب الله على لسان رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمّد رعد طالب فيه باختصار عدد الوزارات والاستعجال بالتأليف.
وافادت مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» أنه على الرغم من قيام مشاورات معينة في ملف تأليف الحكومة إلا أنها لم ترتقِ إلى المستوى الذي يسمح بالقول أن مهمة التشكيل سهلة.
 وقالت أن الرئيس المكلف لا يزال على ليونته انما ثمة قواعد لن يتخلى عنها، مشيرة إلى أن ما ذكره عن مواصلته القيام بمهمته من خلال حكومة تصريف الأعمال لا يعني أن التأليف لن يتم. 
وأعربت عن اعتقادها ان مسار التشكيل سيفتتح الأسبوع المقبل مع لقاءات الكتل النيابية في مجلس النواب ويتواصل من خلال لقاءات مع رئيس الجمهورية، الشريك الأساسي في التأليف. 
وقالت أن لكل من ميقاتي وعون حساباتهما واولوياتهما في الحكومة، ودعت إلى انتظار ما تحمله المشاورات المقبلة في هذا الملف وما إذا كانت المطالب والشروط ستفرمل العملية برمتها ام لا.
وتوقعت مصادر متابعة لملف تشكيل الحكومة ان يتحرك الرئيس ميقاتي بوتيرة متسارعة، بعد الانتهاء من لقاءاته التشاورية مع الكتل النيابية والنواب المستقلين، والاستماع إلى مواقفهم، باتجاه وضع اللمسات الاخيرة على مسودة التشكيلة الوزارية، التي سيحملها إلى رئيس الجمهورية ميشال عون في غضون ايام معدودة، للتشاور بخصوصها، وكشفت ان التشكيلة المتوقعة، لن تخرج عن مواصفات حكومات تصريف الأعمال، باعتبارها حكومة اخصائيين، ولن تضم سياسيين كما يطالب البعض، ولكن من المتوقع ان يتم تغيير عدد من الوزراء فيها، وهم وزير الاقتصاد الوطني، وزير المهجرين، وزير الطاقة وزيرة التنمية الادارية، وزير الصناعة ووزير الشؤون الاجتماعية، على أن تكون في مقدمة اولوياتها، استكمال المفاوضات مع صندوق النقد والمباشرة بالخطوات التنفيذية لحل الازمة المالية والاقتصادية الصعبة، وتسريع الخطى للنهوض بقطاع الكهرباء، والاهتمام بمطالب وحاجات ألناس المعيشية والحياتية. 
 ولم تستبعد المصادر ان يطلب رئيس الجمهورية تضمين التشكيلة، مطالب رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، لعرقلة التشكيلة الوزارية، ولكنها شددت على ان التشكيلة ستكون متوازنة، وترضي الجميع، بينما يعرف الجميع أن المطالب التي تقدم بها باسيل مؤخرا، لم تعد خافية على احد، وقد كشف عن بعضها، النائب سليم عون بقوله بالامس، ان الكتلة تريد سؤال رئيس الحكومة المكلف عن وضعية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وما تنوي الحكومة الجديدة القيام بخصوصه.
وإذا كانت العواصم الكبرى المعنية أخذت علماً بتكليف الرئيس نجيب ميقاتي تأليف الحكومة، تتجه الأنظار إلى الأسبوع المقبل، بدءاً من الاثنين المقبل في 27 من الشهر الجاري، على ان تمتد إلى اليوم التالي، وفقا لبرنامج عممته الأمانة العامة لمجلس النواب، بدءا من الواحدة والنصف من بعد ظهر بعد غد، مستهلاً بالرئيس نبيه برّي، ثم نائبه، ثم الكتل النيابية تباعا، وتختتم بالنائب المنفرد جميل السيّد، ثم لقاء مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي.

ويُجري الرئيس المكلف ميقاتي يومي الاثنين والثلاثاء المقبلين المشاورات النيابية غير الملزمة، للإستئناس برأي الكتل النيابية والنواب المستقلين بشكل وتوجهات الحكومة الجديدة، وسط معايير وشروط علنية عامة وضعهتا اغلب القوى السياسية، بعضها من ضمن الاجواء والمواقف المعروفة حول شكل الحكومة بين من يريدها موسعة او مصغّرة، سياسية بالكامل او من تكنوقراط وخبراء مطعمة بسياسيين، وحول برنامجها المتعلق بالإصلاحات ومعالجة الازمات الاقتصادية والنقدية والمعيشية والتفاوض مع صندوق النقد والتدقيق الجنائي ومصير حاكم مصرف لبنان، وترسيم الحدود البحرية واستعادة اموال المودعين ومكافحة الفساد، واستكمال التحقيقات في انفجار المرفأ...الخ.

 لكن المعلن والمتفق عليه كعناوين عامة شيء، وما تستبطنه بعض القوى السياسية شيء آخر، لجهة المشاركة او عدمها، ولجهة طلب حقائب معينة لا سيما الحقائب السيادية والخدماتية الاساسية، وحصص معينة. او لجهة طلب المداورة في الحقائب، ما يمكن ان يخلق عن قصد العراقيل التي يمكن ان تحول دون تشكيل الحكومة، للتفرغ منذ الان لمعركة رئاسة الجمهورية، بإعتبار ان هناك حكومة قائمة ولو بتصريف اعمال، بينما الجهد سينصب على إنجاز الاستحقاق الرئاسي بعد اربعة اشهر. وهو ما بدأه امس رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع بالكلام التفصيلي عن الانتخابات الرئاسية.

 وذكرت مصادر متابعة، ان المفاوضات بين مختلف القوى السياسية حول تشكيل الحكومة ستسير بالتوازي مع الاتصالات حول الانتخابات الرئاسية . وان حسابات الاطراف التي لم تُسمِّ ميقاتي في التكليف قد تختلف عن حساباتها عند التأليف. وان الحزب التقدمي والتيار الوطني الحر وحتى القوات اللبنانية قد يشاركون في الحكومة، ولو ان لكلٍّ منهما شروطه ومناوراته.

والمحت المصادر الى ان الرئيس ميقاتي مستعد للتفاوض مع الجميع، وهو قال حرفياً بعد تكليفه: لن افتعل مشكلة من اجل حقيبة وزارية.

 وتضيف المصادر: ان شروط ومعايير بعض القوى السياسية والتغييرية حول تشكيل الحكومة غير قابلة للتطبيق في معظمها، لا سيما في القضايا الاستراتيجية الكبرى منها، وان بعض العناوين الاصلاحية التغييرية المطروحة التي تستدعي تعديلات دستورية غير ممكنة في هذه الظروف غير المستقرة.