المصدر: الشرق الأوسط
الأحد 10 كانون الثاني 2021 03:04:46
لا يفرّق وباء «كورونا» بين كبير وصغير، أو بين سياسي وإعلامي وفنان؛ فالجائحة في لبنان تبلغ ذروتها اليوم بأعداد المصابين فيها لتتجاوز 5000 إصابة في اليوم الواحد. وبات اللبناني يلمس خطورتها أكثر فأكثر بعدما دخلت بيته شخصياً، أو أصابت أحد معارفه. وعندما يتعلّق الأمر بإصابة وجه معروف يحبّه من مشاهير الفن والإعلام يتضاعف اهتمامه بالأمر، ويتوسع قلقه. فمن قبل كان يشعر بأنه بمنأى عن الجائحة، وأن ما يسمعه حول أعداد المصابين فيها يبقى مجرد مادة إخبارية متداولة ليس أكثر. اليوم وبعدما اقترب «كوفيد - 19» منه إلى حدّ إصابة أولاده، إضافة إلى مؤثرين على الساحة اللبنانية تغيّر الوضع، فاستحق منه الشعور بالخوف، وضرورة أخذ الحيطة والحذر.
وإثر تصاعد أعداد المصابين بعدوى «كورونا» في الأسبوع الأول من العام الجديد، تصدّرت أسماء وجوه إعلامية هذه اللوائح الطويلة. فكما جيسيكا عازار الإعلامية في تلفزيون «إم تي في»، كذلك ريمي درباس ويزبك وهبي ومالك شريف وهشام حداد على شاشة «إل بي سي آي»، إضافة إلى آخرين أمثال جو معلوف ومنى أبو حمزة وجوزف طوق. وتكر السبحة لتطال أيضاً وجوهاً فنية معروفة كالمغنين ناجي الأسطا ومعين شريف وأنور نور، والممثل أسعد رشدان وغيرهم.
فالإعلامي يُعدّ من الأشخاص الذين يعملون في الصفوف الأمامية في زمن «كورونا». ويندرجون على لائحة الأشخاص المستثنين من حالة منع التجول المطبقة في لبنان؛ فهم يمارسون مهمتهم ناقلين أحداثاً تجري على الأرض مباشرة أو مستضيفين شخصيات معروفة في استوديوهات المحطات العاملين فيها. ورغم أخذهم إجراءات الحيطة والحذر خلال ممارسة عملهم، فإنهم لم يستطيعوا أن يبقوا في منأى عن الإصابة بالعدوى. وانطلاقاً من طبيعة عملهم والأخطار التي تحيط بها تم الإعلان مؤخراً من قبل لجنة «كورونا» في لبنان عن نيتها إدراج الإعلاميين على أولى لوائح التلقيح في لبنان. وبحسب الأطباء الاختصاصيين المشاركين في اللجنة، فإن أهل الإعلام يتعرضون بشكل مباشر لالتقاط العدوى من جراء النقل المباشر الذي يقومون به لاجتماعات وزارية وأحداث مختلفة. وكذلك من خلال إجرائهم حوارات مع أشخاص عاديين ناقلين همومهم ومشكلاتهم عبر الشاشة الصغيرة. فكل ذلك يضع الإعلاميين في الصفوف الأمامية في المواجهة والاحتكاك المباشر مع العدوى.
ويرى النائب الدكتور عصام عراجي رئيس لجنة الصحة النيابية في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «منظمة الصحة العالمية» أدرجت الإعلاميين عالمياً في لائحة أول الأشخاص الذين سيجري تلقيحهم في العالم. ويقول في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «هذا الموضوع أدرجته المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (سي دي سي). في البروتوكول العالمي لموضوع لقاح (كورونا)، من باب المخالطة التي يمارسها الإعلاميون خلال ممارستهم عملهم. فهم بذلك يتساوون مع غيرهم من أصحاب المهن التي تفرض عليهم التخالط مع الآخرين، كالأطباء والصيادلة والممرضين وحتى موظفي الأمن والحراسة في المستشفيات وغيرهم».
وكانت الوزيرة السابقة مي شدياق أول الإعلاميين الذين أصيبوا بعدوى «كورونا» في شهر مارس (آذار) الماضي. ومن ثم أعلنت الإعلامية ناديا البساط عن إصابتها أيضاً، ودخلت على أثرها إلى المستشفى تماماً كزميلتها مي.
ومن الإعلاميين الذين خسرهم لبنان بسبب إصابتهم بالوباء جورج بشير ورمزي نجار. ومن الفنانين الذين غابوا عنا مؤخراً بعد إصابتهم بالعدوى الموسيقار إلياس الرحباني.
ويرى دكتور عراجي في سياق حديثه لـ(«الشرق الأوسط») أن اللقاح يجري حقنه للشخص على مرحلتين، وأنه حالياً يجري التفكير بإعطاء الجرعة الأولى منه لأكبر عدد من الناس كي يتسنى لهم التزود بالمناعة ضد الوباء لفترة معينة. ويوضح: «في الإمكان الاستفادة من المناعة التي تعطيها الجرعة الأولى من اللقاح، وتأجيل إعطاء الجرعة الثانية منه إلى حين تبلور الصورة كاملة. ونحن في انتظار قرار رسمي يصدر في هذا الصدد».
من ناحيته يشير مذيع نشرات الأخبار في محطة «إل بي سي آي»، يزبك وهبي، الذي أُصيب بعدوى «كوفيد - 19» مؤخراً، إلى أن الجائحة تشهد حالياً تفشياً هائلاً، ولذلك وجب على الجميع تطبيق قواعد البعد الاجتماعي وعدم المخالطة. ويقول في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «نتيجة (بي سي آر) السلبية لم تعُد فعّالة كما في السابق. إذ يمكن أن يحمل الشخص نتيجته هذه ويصاب بالعدوى أثناء عودته إلى منزله دون أن يكون بمقدوره تحديد السبب». وعن حالته الصحية يقول: «أشعر بعوارض وأوجاع كثيرة، خصوصاً أثناء الليل. أتناول 9 أدوية معالجة، بينها فيتامينات وأخرى مضاد حيوي ومسيّلة للدم. ورغم كل الاحتياطات وإجراءات الوقاية المتخذة في محطة (ال بي سي آي) التي أعمل بها، فالإصابات فيها تُعدّ بالعشرات بسبب سرعان انتشار الجائحة حالياً». وعن رأيه في موضوع إدراج الإعلاميين على لائحة الأشخاص الأولين الذين سيجرون اللقاح ضد «كورونا»، يوضح: «إنني على علم بهذا الموضوع منذ بداية التحدث عن اللقاح. وأكّد لي ذلك نقيب الأطباء في لبنان شرف أبو شرف؛ إذ إن الإعلامي بحسب المرجعيات الصحية العالمية معرّض لالتقاط العدوى؛ كونه يوجَد في الصفوف الأمامية بحكم طبيعة عمله».