العطلة القضائية تراكم الملفات العالقة: أزمة جديدة في المجلس الأعلى

في السنوات الخمسة الأخيرة، تفاقمت الأزمات داخل قصور عدل بيروت، وتحول القضاء اللبناني إلى سلطة عاجزة عن تحقيق العدالة. عشرات الملفات القضائية الحساسة طُويت داخل قصور العدل نتيجة تدخل السلطة السياسية بالسلطة القضائية.
ومع بدء العطلة القضائية يوم أمس، في الخامس عشر من تموز الجاري، والتي ستستمر حتى الخامس عشر من أيلول المقبل، ستطرق أزمة جديدة أبواب القضاء اللبناني، وهي الشغور الذي سيسيطر على مجلس القضاء الأعلى ليحوّله إلى سلطة عاجزة عن العمل.


تفكك مجلس القضاء الأعلى
خلال الأشهر المقبلة، سيتفكك مجلس القضاء الأعلى بعد انتهاء ولاية آخر خمسة من أعضائه، ويبقى الرئيس الأول لمجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود وحده في هذا الموقع، ولن تنتظم أمور هذا المجلس حتى انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية وتشكيل حكومة جديدة ليتسنى لها حلّ هذه الأزمة من خلال التعيينات القضائية.

وهذا يعني، أن تفكك مجلس القضاء الأعلى لن يُعالج بسهولة وقد تستمر هذه الأزمة لأشهر طويلة أو لسنوات، وهو ما سينعكس بصورة سلبية على القضاء اللبناني. فمجلس القضاء الأعلى لن يتمكن من الإلتئام ولن يتمكن من مناقشة الملفات القضائية الحساسة.

ولا يتوقف الأمر هنا، فالمجلس العدلي معطل منذ أكثر من ستة أشهر، وجميع المحاكمات أرجئت إلى الأشهر المقبلة، كما أن الهيئة العامة لمحكمة التمييز المؤلفة من رؤساء غرف محاكم التمييز الذين يتم تعيينهم بمرسوم التشكيلات القضائية قد انحلت أيضًا منذ أشهر. وانسحب الشلل، أيضًا، على التفتيش القضائي.


انهيار السلطة القضائية؟
وبحسب مصدر قضائي لـ"المدن" فإن هذه الأزمات ستؤثر على مجرى العدالة بشكل كبير، وهي المرة الأولى التي ينفرط فيها مجلس القضاء الأعلى بهذه الطريقة، مؤكدًا أنها سابقة في تاريخ القضاء اللبناني. ولم ينف المصدر تأثير هذه الأزمات بشكل مباشر على الموقوفين داخل السجون، حيث ستؤجل جميع محاكماتهم إلى فترات طويلة. لافتًا إلى أن واقع القضاء اللبناني صار سيئًا جدًا".

إذن، هذه الأزمات تشي باقتراب موعد انهيار السلطة القضائية في لبنان خلال الأشهر المقبلة، وإن كانت العطلة القضائية ستساهم في تكديس الملفات القضائية لشهرين كاملين، فإن الشلل الذي سيلحق بالجسم القضائي سيضاعف أزمة الاكتظاظ في السجون اللبنانية وسيؤجل تحقيق العدالة إلى فترة لاحقة.

يتناقل كثيرون عبارة رئيس وزراء بريطانيا ونستون تشرشل الشهيرة في خضم الحرب العالمية الثانية حين سال عن القضاء وأُعلم ان المحاكم تقوم بواجباتها فأجاب "طالما القضاء بخير، بريطانيا بخير". مع الأسف لا يمكن تكرار القول نفسه في لبنان، عندنا القضاء ليس بخير.