المصدر: النهار
الكاتب: منال شعيا
الخميس 25 نيسان 2024 07:50:20
حتى 30 حزيران المقبل، سيُستعاض عن الطابع المالي بالرسم المالي. هذا القرار اتخذ على صعيد وزارة المال، وقد بدأ العمل به منذ نهاية آذار الفائت.
ففي دولةٍ تفتقد الطابع المالي تم اللجوء الى حلول ترقيعية – موقتة. وبدل التصدّي "للمافيا" التي تحتكر الطوابع وتبيعها أمام أبواب الوزارات والإدارات، انتهجت السلطة بعض المعالجات الوقتية، للحد من الاحتكار ومساعدة المواطن الذي عليه أن ينهي معاملته، فيكاد ينهي يومه وهو يفتش عن طابع.
هكذا، عمد وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل الى إصدار مذكرة بتاريخ 26 آذار الفائت، طلب فيها "عدم استيفاء رسم الطابع المالي بقيمة 100 ألف ليرة، المعتمد كبديل عن تسديد الطوابع المتوجبة لصقاً، والذي لا تتجاوز قيمته الأساسية 500 ألف ليرة".
وعمّمت المذكرة الى مديرية الخزينة والمصارف التجارية والشركات المتعاقدة مع وزارة المال لاستيفاء الضرائب والرسوم، على أن يُعمل بها حتى 30 حزيران المقبل.
جاء هذا القرار أو المذكرة كحل بديل من المعالجة الجذرية لأزمة الطوابع التي بدأت منذ أشهر، إذ فقدت الطوابع في السوق واحتكرتها مافيا محددة.
تشرح مصادر وزارية معنية لـ"النهار" أن "هذا التدبير أو هذه المذكرة تخفف عن المواطن، لكون كل المعاملات التي يتقدّم لإنجازها لدى الإدارات والمؤسسات العامة والبلديات، تتطلب تسديد رسم الطابع المالي لصقاً، عملاً بأحكام قانون رسم الطابع المالي، وتحديداً المادة 20 منه، ولأن توفير الطوابع هو من مسؤولية الدولة، لا المواطن، كما حصل أخيراً، ارتأت وزارة المال قطع الطريق أمام احتكار الطوابع أو تحميل المواطن مشقة التفتيش عنها ودفع بدل مالي أكبر من قيمتها".
ولكن، بدل العمل على معالجة القضية ومحاسبة تلك "المافيا" ومنعها من المتاجرة بالطوابع، ولا سيما أن هؤلاء مكشوفون إذ يعمدون أحياناً الى توزيع الطوابع علناً أمام إحدى الإدارات، كما أظهرت بعض الفيديوات، يتم اللجوء الى هذه التدابير، أليس هذا الأمر تقصيراً رسمياً؟
تجيب المصادر: "ما يحصل من تدبير ألزمته مذكرة وزارة المال هو قطع الطريق أمام هذه المافيا. ببساطة، لم يعد لها عمل، لأنه تم إنصاف المواطن في هذا المجال".
وبناءً على ذلك، فضّلت وزارة المال، عبر المذكرة التي أصدرتها، عدم تحميل المواطنين أعباءً إضافية ناتجة عن عدم توفير الكميات اللازمة من الطوابع المالية، لأنها تعترف علناً "بعدم إمكان تأمين الكمية الكافية من الطوابع المالية لتأمين متطلبات المواطنين لإنجاز معاملاتهم، بسبب الظروف الاقتصادية والمالية التي تعانيها البلاد".
عادة، يجب على كل إيصال بقبض مبلغ من المال تعطيه الدولة والمؤسسات العامة والبلديات، استيفاء رسم طابع مالي بقيمة 100 ألف ليرة، يضاف الى قيمة الإيصال، ولا سيما أن المادة 3 من القرار الصادر عام 2022، توجب للمكلفين تأدية رسم الطابع المالي الواجب عن المعاملات التي تنجز لدى الإدارات والمؤسسات العامة، إشعار تسديد رسم طابع مالي لدى أي من المصارف التجارية أو الشركات التي تتعاقد معها وزارة المال لاستيفاء الضرائب والرسوم. وما دامت الطوابع مفقودة، إلا عند "المافيا"، "حرّرت" وزارة المال المواطن من هذا العبء، حتى إشعار آخر، أو أكثر تحديداً حتى نهاية شهر حزيران.
أين القانون؟
إذن، أمام المواطن، مهلة شهرين بعد للتخلص من "كابوس" التفتيش عن طابع. لكن ماذا بعد 30 حزيران؟ وكيف يُفترض أن تكون المعالجة الجذرية لهذه المشكلة؟
منذ أن بدأت أزمة الطوابع تظهر، برزت بعض الاقتراحات المطالبة بإلغاء الطابع "ورقياً"، ولا سيما أن الحكومة أقرت أخيراً مرسوم التوقيع الإلكتروني، فلمَ هذه " الازدواجية" أو هذا التخبّط؟
من المعلوم أن توقيع مرسوم التوقيع الإلكتروني وفقاً للقانون الذي سبق أن أقره مجلس النواب، لا يزال يتطلب الكثير من الإجراءات العملية أو التقنية، على صعيد كل وزارة وإدارة، حتى يصبح فاعلاً. من هنا، برز اقتراح قانون قدّمه عضو كتلة "اللقاء الديموقراطي" النائب بلال عبد الله يقضي "بإلغاء رسم الطابع المالي".
هذه الآلية، وفق عبد الله، تكفّ يد جميع المحتكرين، وتحرّر بالفعل المواطن نهائياً، وليس بطريقة موقتة، من أزمة الطابع.
يشرح عبد الله اقتراحه "إن نصّ الموازنة لعام 2024 تضمّن ضريبة غير مباشرة تستوفى من خلال رسم الطوابع المالية، فلم إذن الحاجة الى لصق الطابع؟ ولا سيما أن فقدان الطوابع انعكس معاناة عند المواطن الذي بات يرزح تحت وطأة ممارسات السماسرة، لذلك كان لا بد من تقديم اقتراحات عملية وحلول لتنظيم عمل العقود والإيصالات والمعاملات وغيرها من الأوراق والتخفيف من معاناة المواطن".
اقتراح القانون سجل في الأمانة العامة لمجلس النواب في 20 آذار الفائت، أي قبل صدور مذكرة وزارة المال، لكن حتى اللحظة، لا بوادر تشير الى إمكان إقراره قريباً، بما أنه لا تشريع في مجلس النواب، إلا في أقرب جلسة عامة حُدّدت في 25 نيسان الجاري، إلا أنها مخصّصة حصراً للتمديد للبلديات ولإنصاف متطوّعي الدفاع المدني.
واللافت أن اقتراح القانون يشكل حلاً عملياً لأزمة الطوابع، إذ إنه يتألف من مادة وحيدة تنص حرفياً على الآتي: "يلغى رسم الطابع المالي على المعاملات والفواتير والإيصالات والسندات والعقود وأي أوراق أخرى، ولا يستعاض عنها بأي إجراء آخر، وتنفذ تلك المعاملات وتسلم الى أصحاب العلاقة وتقبل في كل الإدارات والمؤسسات العامة من دون الحاجة الى رسم الطابع المالي لاستصدارها".
هكذا، إن كانت السلطة عاجزة عن محاربة هؤلاء "السماسرة" أو إيقاف "مافيا الطوابع"، أقلّه فلتلجأ الى إقرار القوانين التي تحدّ قليلاً من مأساة اللبناني اليومية.