المصدر: نداء الوطن
الكاتب: جيمي فرنسيس
الأربعاء 27 آب 2025 14:47:10
يبدو الجو متشنجاً، لبنانياً وأميركياً، بسبب الرد الإسرائيلي الرافض لمبدأ الخطوة مقابل الخطوة، والذي حاول أمين عام "حزب الله" المسارعة لإعلان رفضه له، قبل إعلانه أميركياً من بيروت، فبعدما طالب الموفد الأميركي توم برّاك في زيارته - قبل الأخيرة - إسرائيل بخطوة مقابل الخطوة اللبنانية، أعلن السيناتور الأميركي ليندسي غراهام من بعبدا الموقف المستجد للإدارة الأميركية قائلاً : "عندما يتم نزع سلاح "حزب الله" سيكون هناك حديث مع إسرائيل بشأن النقاط الخمس" ليختم الجدل حول مبدأ الخطوات والنقاط.
ما تواجهه الحكومة اللبنانية اليوم بسبب تعنت "حزب الله" واستمرار ربطه لبنان بالمفاوضات الإيرانية - الأميركية خطيراً جداً، فالمطروح إسرائيلياً واضح وقد تخطى الورقة الأميركية، منطقة عازلة جنوباً كشف عليها برّاك ميدانياً، يعمل الرئيس ترامب على اعتبارها منطقة اقتصادية، أما في الحقيقة هي منطقة عازلة وفارغة “no man’s land” تهجّر شيعة الجنوب أولاً وتحرمهم أرضهم بحجة أمن إسرائيل وحسب المعلومات ستمتد هذه المنطقة في الداخل اللبناني على طول ٥ كيلومترات.
محاولة خرق الجدار الإسرائيلي أميركياً، تركّز على جلسة 2 أيلول المقبلة، التي سيحاول من خلالها الأميركي، نزع كل الحجج الإسرائيلية مع بدء الجيش اللبناني مهمة نزع سلاح الحزب، ولكن ما هي العوائق؟
الموقف الإسرائيلي يتناغم مع موقف "حزب الله" أكثر مما هو مع الحكومة اللبنانية التي غازلها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وأضعف موقفها أمام الشكوك التي يطرحها الحزب والتي سيتمسك بها خاصة في جلسة الموافقة على خطة الجيش لسحب السلاح غير الشرعي، ما سيضع الحكومة أمام خيارات عدّة، إما تمييع خطة الجيش وتأجيل الجلسة، أو الموافقة عليها وترك قرار البدء بمصادرة السلاح إلى وقت لاحق - وهو الخيار المستبعد - وإما الموافقة على الخطة وأخذ القرار مع ترك التنفيذ للجيش الذي قد يعلن بعد فترة استحالة التنفيذ وهو الخيار المقبول دولياً، ليبنى عليه لاحقاً متطلبات المرحلة وإمكانية تقديم الدعم للجيش والحكومة.
وفي ما يخص استكمال تنفيذ المرحلة المحضرة مستقبلاً، يتخوف الكثير من المتابعين خاصة الأجانب، من استغلال إسرائيل عدم قدرة الجيش اللبناني على سحب السلاح، وإعلان حربها على لبنان من جديد تطبيقاً لاتفاق 27 تشرين الثاني 2024، ويقرأ البعض في التوقيت أن شهر أيلول المقبل قد يكون الأكثر سخونة وحماوة، ليس فقط من الجانب الإسرائيلي بل أيضاً سيترافق كل ذلك مع تصعيد من قبل "حزب الله" بالاتفاق مع الرئيس نبيه برّي في محاولة لاستغلال آخر "أرنب" في جعبته.
يعلم الحاضر في التطورات الأخيرة والغائب عنها أن على الجميع في لبنان التسليم في نقطتين أساسيتين للمرحلة الجديدة، "لا سلاح وتطبيق للإصلاحات"، وارتباط "الشيعة" في لبنان أساسي في النقطتين، فالمسّ بهما هو مسّ مباشر بوظيفة الشيعية السياسية على مدى عقدين على الأقل، وإنهاء لجميع امتيازاتها، فكيف ستكون المواجهة؟ من هنا يعتبر المتابعون السياسيون، أن لعب الورقة الأخيرة شيعياً التي لطالما تم التنصل منها وإنكارها سابقاً "السلاح والاصلاحات مقابل المثالثة" قد حان، ويبقى توقيت طرح هذه الورقة وشروطها.
في الشروط يعلم تحديداً الرئيس بري أن شرط طرح المثالثة يجب أن لا يواجه بمقولة "ما لم تحصل عليه الطائفة الشيعية من امتيازات في زمن السلاح لن تحصل عليه في زمن التسليم" وما يفرض هذا الشرط هو "كربجة" البلد ودفع الأمور باتجاه استبعاد جميع الحلول الممكنة وصولاً "لأفق مسدود"، وحصر أي مخرج سياسي أو وطني ضمن معادلة الشراكة الوطنية حصراً.
أما في التوقيت، فتكمن مصلحة الثنائي في التصلب والتمسك بالسلاح وتعطيل كل مبادرات الحلول متكاملين ومتقاطعين مع التهرب الإسرائيلي الحالي من أي إلتزام يخدم أي حل لبناني بهدف الوصول إلى هذا "الأفق مسدود" ليكون التوقيت الأنسب لفرض "مؤتمر تأسيسي" يخدم المثالثة مقابل أي حلحلة، فهل سيولد أرنب برّي حيّاً أم ميتاً؟!