المصدر: الجمهورية
الكاتب: ايفا ابي حيدر
الأربعاء 29 تشرين الثاني 2023 08:06:52
لم تنجح عروضات الـ black Friday في خلق حركة في الاسواق التجارية رغم الاعلانات الترويجية والحسومات التحفيزية والرسائل القصيرة sms، فهل يمكن اعتبار هذه الحركة نموذجا استباقيا عن الحركة المتوقعة خلال موسم الاعياد؟
تشكل الحركة التجارية في خلال موسم اعياد نهاية العام، أي الميلاد ورأس السنة، حوالى 30% من الحركة التجارية التي تسجل خلال العام والتي عادة ما تنطلق يوم الجمعة الاخير من شهر تشرين الثاني وهو ما يعرف بـ black Friday، حيث يستفيد المستهلك من العروضات في هذا اليوم للبدء بشراء هدايا عيد الميلاد، ويسبق black Friday عروضات 11/11 او singles day، وتليه عروضات cyber Monday. كلها محطات مرّت على لبنان من دون ان تسجل اي حركة تجارية في الاسواق، على عكس ايام ما قبل الأزمة المالية، لذا هناك تخوّف من ان ينسحب هذا الجمود على موسم الاعياد. فما اسباب هذا الجمود؟ وهل يمكن التعويل على الحركة السياحية الخجولة المتوقعة نهاية العام لتحريك الاسواق؟
في السياق، أكد عضو المجلس الاقتصادي الاجتماعي عدنان رمال وعضو جمعية تجار بيروت لـ«الجمهورية» أن الحركة التجارية في «البلاك فرايدي» لم تكن جيدة أبداً، لا سيما اذا قارنّاها بالسنوات الماضية وذلك بسبب تراجع القدرة الشرائية لدى المواطنين لاسباب عدة منها:
- توقّف عمليات صيرفة، والتي كانت تحقق مدخولا اضافيا للمواطن نتيجة فارق سعر الدولار بينها وبين دولار السوق، على سبيل المثال عندما كان دولار صيرفة 45 الفا كان دولار السوق نحو 80 الفا، فهذا الفارق كان يشكل متنفساً للموظف.
- توقّف سحب المودعين من ودائعهم في المصارف بسبب الفارق الكبير بين دولار المصرف ودولار السوق والذي بات يشكل 15% فقط من قيمة الوديعة، بينما العام الماضي كان دولار المصارف 8000 ليرة بينما دولار السوق 20 الفاً، حتى في تلك الفترة كانت تصل قيمة السحوبات الدولارية المصرفية الشهرية ما بين 800 الف الى مليون دولار.
- في الـ black Friday من العام الماضي كان الدولار لا يزال ما دون الـ 30 الفا ما يعني ان الاوضاع المالية رغم صعوبتها كانت افضل للمواطن على عكس الوضع اليوم حيث الدولار ثابت على حوالى 90 الفا، وبالتالي كلما امتدت الأزمة بالزمان كلما زادت الامور تعقيدا وصعوبة.
أضف الى ذلك التراجع في نسبة النمو، فالحركة المسجّلة صيفا لم تطل كل القطاعات، وسيظهر ذلك في تراجع حركة الاستيراد نهاية العام وهو ما يعكس التراجع في حجم الاستهلاك والانكماش. ويضاف الى كل هذه العوامل الجمود الذي استجد مؤخّراً والناتج عن اجواء الحرب والتخوف من اي عدوان اسرائيلي شامل محتمل على لبنان، لذا أحجم اللبناني عن الاستهلاك، وانحصرت اهتماماته بالمأكل والمشرب والدواء والضروريات وابتعد عن شراء الكماليات. ولفت الى انّ الحركة التجارية تراجعت بشكل لافت منذ بداية العدوان الاسرائيلي على غزة الا انها عادت وتحسنت في منتصف الأزمة بعدما تبين ان العدوان بقي محصورا في منطقة معينة.
عروضات مزيفة
وردا على سؤال، أكد رمال انه اذا قارنّا black friday هذا العام مع العامين الماضيين فيمكن القول ان هذا العام كان الاضعف، اما لدى مقارنته مع سنوات ما قبل الأزمة فيمكن اعتبار ان هذه المحطة وكأنها انتهت او غير موجودة، أضِف الى ان بعض المؤسسات تبيع الاوهام للمواطنين بعروضاتها المزيفة اذ تعلن عن عروضات تصل الى 70% في حين ان ارباحها لا تتخطى الـ 10%، فيعمد البائع الى رفع اسعاره والاعلان عن خفضها في هذا اليوم لتعود نفسها على المستهلك، او حتى يرفع اسعاره ويخفضها في هذا اليوم بشكل تصبح أغلى مما كانت عليه قبل black Friday، هذه الاساليب التي اعتمدها بعض التجار شَوّهت هذا اليوم وأفقدته مصداقيته، وهذا ما يبرر عدم حماسة المستهلك لعروضات هذا اليوم.
نموذج عن حركة الأعياد؟
ولدى سؤاله اذا كانت هذه الحركة الضعيفة التي شهدها «الجمعة الاسود» قد تكون نموذجا عن الحركة التجارية المنتظرة خلال فترة عيدي الميلاد ورأس السنة؟ أكد رمال انه للأسف هناك علاقة وترابط بين المحطتين، والتي تبدأ من آخر اسبوع من تشرين الثاني وتمتد حتى آخر اسبوع من شهر كانون الاول، ولمّا كان أسبوع الـ black Friday غير مشجع ابداً لا بل ضعيف جداً، والحركة هَمدت في السوق، فإننا نخشى ان يستمر هذا الجمود وينسحب على موسم الاعياد.
تابع: انّ الاقتصاد اللبناني اصبح مرتبطا بنسبة كبيرة بالمغتربين اللبنانيين اكثر من السياح الاجانب، وهو يعتمد كثيرا على ما يمكن ان يصرفه هؤلاء في لبنان، ونحن نعوّل كثيرا على مجيئهم خلال فترة الاعياد. وحتى الساعة يبدو ان الحجوزات مقبولة لكنها في غالبيتها تبدأ في الاسبوع الاخير من شهر كانون الاول، وهي معرّضة للالغاء اذا تطور الوضع الامني. وأكد انه اذا حصلت اي تطورات سلبية وطار الموسم فهذا يعني ان القطاعات الاقتصادية ستكون امام مشكلة فورية تتمثّل بتأمين مصاريفها واكلافها ونفقاتها الى رسوم البلدية التي زادت 60 ضعفاً، الى فواتير الكهرباء التي تعد الاغلى في العالم اذا ما أضيف الى احتسابها فواتير المولّد.