الفرنسيون: لن نموّل مشاريع في لبنان بغياب "صندوق النقد"

بعد تعمّد السلطات اللبنانية عرقلة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وعدم وفائها بتنفيذ الإصلاحات المطلوبة، بات التعاون مع المؤسسات الدولية والدول المانحة بما فيها الدول الصديقة، مسألة معقّدة يظلّلها انعدام الثقة. وهذا حال الدولة الفرنسية التي لا تتردّد فحسب، بل تمتنع عن تقديم أي دعم للبنان بعيداً عن الاتفاق مع صندوق النقد.

إعادة تأهيل مرفأ بيروت

القرار الفرنسي الرسمي بعدم تمويل أي مشاريع في لبنان في ظل غياب اتفاق مع صندوق النقد الدولي، أعلنه الملحق الاقتصادي في السفارة الفرنسية في لبنان والشرق الأوسط والأدنى فرنسوا سبورير.
وفي لقاء إعلامي مصغّر عقده سبورير في مقر السفارة، وشاركت فيه "المدن"، عرض مساهمة فرنسا في صياغة استراتيجية لإعادة تأهيل مرفأ بيروت بناء على رغبة الدولة اللبنانية.

لم تُعد فرنسا دراسة جديدة بل وضعت مقترحات تقنيّة عملانية مُستلهمة من الدراسات السابقة، من شأنها أن تمكّن مرفأ بيروت من إحراز تقدّم ملموس على عدة محاور:
الأول: تحديد الأعمال الأساسية لإعادة تأهيل المرفأ وإعادة بناء الأرصفة المتضرّرة.
الثاني: تحسين الحركة في المرفأ ووضع مخطط تنظيمي لتيسير العمليات والنقل داخل المرفأ، لكسب الوقت خلال العمليات.
الثالث: اعتماد الطاقة الشمسية لاستهلاك المرفأ من الطاقة، بالإستناد إلى توصيات كهرباء فرنسا EDF، بدلاً من الاعتماد على المولدات الكهربائية المكلفة والملوثة.

المخطط المذكور سيتم الإعلان الرسمي عنه في مرفأ بيروت بتاريخ 13 آذار الجاري، من قبل خبراء سيقدمون المشروع وسيحددون كلفة الأعمال، من طرقات وطاقة شمسية وغيرها. وحسب سبورير، فإن التكلفة الإجمالية للمشروع المذكور تتراوح بين 50 و100 مليون دولار بالحد الأقصى، وعلى الدولة اللبنانية تدبّر أمر التمويل، و"طالما لا يوجد اتفاق مع صندوق النقد الدولي لا يمكننا أن نمول أي مشروع في لبنان"، على ما يقول سبورير.

بتاريخ 13 آذار من المرتقب أن تقدّم فرنسا للسلطات اللبنانية الخطط التي أنجزتها حول مرفأ بيروت، والمستندات التقنية التي تتيح للدولة اللبنانية إطلاق مناقصات بشأن الأشغال في مجال البنية التحتية، والمبادئ التوجيهية المتعلقة بتقييم الأمن والسلامة في المرفأ. إذ وبحسب خبراء فرنسيين، فمعايير الأمن المعتمدة في مرفأ بيروت لا تتناسب والمعايير الدولية. وهو ما يجعل الشركات العالمية تتردد في دخول المرفأ، علماً ان تكييف إجراءات الأمن في المرفأ مع المعايير الدولية ليس مكلفاً ويقتصر على تحديث بعض المعدات والنظم الداخلية.

ماذا بعد التخطيط؟

ساهمت فرنسا بوضع مخطط لإعادة إعمار مرفأ بيروت ووضعت خريطة طريق لحسن تنفيذه، لكن التمويل يبقى العائق الأساس، في ظل رفضها كما باقي الدول تمويل مشاريع في بلد يفتقد إلى الثقة المالية. فماذا بعد عرض المخطط؟ يقول سبورير "لدينا الاستعداد التام لمواصلة العمل وتقديم مساعدات إضافية بهدف دعم تنفيذ خطة المرفأ. لكن قبل ذلك لا بد من استيفاء ثلاثة شروط من قبل الدولة اللبنانية.
الأول: رفع الركام والأنقاض من المرفأ قبل أي عمل آخر، كي يصبح مساحة آمنة وقابلة لإعادة التأهيل.
الشرط الثاني: متعلق بالتمويل. والنقطة الإيجابية هي أن منشآت المرفأ لديها مداخيلها الخاصة. إذ أنها تبقي على نسبة 20 في المئة من إيرادات المرفأ ضمن إطار ميزانيتها. لكن هذه المبالغ غير كافية للأعمال التي يحتاجها المرفأ.

وحسب سبورير فالتمويل يجب أن يكون لبنانياً، في ظل غياب أي تمويل دولي، بما فيه البنك الدولي.
أما الشرط الثالث: فلا بد من وضع إطار قانوني تنظيمي شفاف لتحديث عمل المرفأ. فالإطار التنظيمي القانوني لا يضمن فقط الحصول على التمويل اللازم للمخطط، بل أيضاً يجذب الشركات العالمية لتتعهد التنظيم والتشغيل وغيره.. ضمن إطار العقود الخاصة التي تلحظ الشراكة بين القطاعين الخاص والعام.