القاضي... على التحقيق

من يراقب أنصار "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" وانضم إليهم أخيراً أنصار تيار المستقبل في التهليل لمدعي عام التمييز غسان عويدات بعد اتخاذ قراره  الكارثي بإطلاق سراح الموقوفين في قضية انفجار مرفأ بيروت وإرسال الملف إلى الأدراج، يدرك أن هذه المنظومة مهما اختلفت ظاهرياً فهي تجتمع بلحظة وتتعاضد مع بعضها البعض في حال اقتربت منها أي محاسبة.

اليوم، أقفل مدعي عام التمييز قضائيًا ملف أكبر انفجار شهده لبنان، أودى بحياة المئات وجرح وشرّد الآلاف من دون أن يرمش له جفن، ولن يرمش له جفن طالما تقاطعات المنظومة حمته وستحميه لاحقاً. فجأة نزع أحد أهم القضاة الغطاء القانوني، التحق بطائفته وأصبح يخاطب زميله بآيات قرآنية، وقرّر أن يستبدل المواد القانونية المدنية المفترض هي السائدة في لبنان بأحكام من القرآن الكريم، متناسياً أن الآيات الشريفة، أنزلت لإحقاق الحق، والعدالة ونجدة المظلوم وليس العكس.

بات واضحا، أن هناك خطة رسمت لحظة فشل "التيار الوطني الحر" بتعيين قاض بديل يطلق الموقوفين وينهي التحقيق، قضى بترهيب أهالي الضحايا واستدعائهم الى التحقيق وسجنهم وترهيبهم، وهو نجح،  فأتى القاضي عويدات الذي تربطه علاقة قربى مع المدعى عليه غازي زعيتر، ليستكمل المسار، ويكون أرضى رعاة قريبه، ونال تغطية التيار الوطني الحر، المطالب الأول بحقوق المسيحيين لكنه اليوم تناسى الأمر والأشرفية والجميزة ومار مخايل ونصف العاصمة التي دُمّرت والناس التي قتلت كرمى لعيون بدري ضاهر، وحتى الساعة غير معلوم ما كان يقدم ضاهر للتيار بمقابل هذا الإصرار على إطلاقه.

في المحصّلة التقاطع الذي حصل في التسوية الرئاسية عاد وجدّد نفسه اليوم غير آبه بأحد، على أمل ألّا تكون نتائجه القضائية كنتائجه السياسية التي ضربت الدولة والكيان والمؤسسات وأفقرت الشعب، وهكذا ستكون نتائج التسوية القضائية بضرب القضاء من أساساته، ولكن يبقى شيء من هذا سوى دماء ودعوات أمهات شهداء تلاحق كل قاض منع تحقيق العدالة وخنقها. ستبقى الكسندرا نجار وغيرها من الأطفال تلاحق أولادهم وأحفادهم في مدراسهم ومنازلهم لتنتقم، وتبقى في النهاية عدالة السماء هي الحاسمة.