المصدر: المدن
الخميس 13 تشرين الثاني 2025 20:59:03
قدمت النيابة العامة في النمسا لائحة اتّهام رسمية بارتكاب جرائم حرب وتعذيب، ضد العميد السابق في قوات نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، العميد خالد الحلبي، وذلك عقب القبض عليه بعد مطاردة استمرت 12 عاماً قضاها متخفياً في أوروبا.
عميل مزدوج
ونشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريراً مطولاً سلط الضوء على انتهاء واحدة من أكثر القضايا جدلاً في أوروبا، هي القبض الحلبي (62 عاماً)، الذي كان عميلاً مزدوجاً لجهاز المخابرات الخارجية الإسرائيلي (الموساد) في سوريا، وذلك بعد سنوات قضاها متخفياً في شقق في فرنسا والنمسا بمساعدة عناصر استخبارات إسرائيليين ونمساويين.
والحلبي الذي ينحدر من محافظة السويداء، هو أرفع مسؤول سوري يقبض عليه في أوروبا بتهم ارتكاب جرائم حرب وتعذيب معتقلين، ويعرف كذلك بـ"جلّاد الرقة".
ووفق التقرير، فإن الحلبي محتجز الآن لدى السلطات النمساوية بعد أن تم القبض عليه خلال تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، وكانت إحدى قطع اللغز التي قادت المحققين المستقلين إليه هي صورة نشرها العميد لنفسه على وسائل التواصل الاجتماعي على جسر في بودابست.
القبض على مسؤول آخر
وأوضح التقرير أنه إلى جانب الحلبي، كان هناك ضابط آخر في نظام الأسد في دائرة الاتهام هو العقيد مصعب أبو ركبة (53 عاما)، الذي وجهت إليه تهماً مماثلة، وهو الذي شغل موقعا حساساً في فرع الأمن الجنائي بالرقة، لكن الصحيفة لم توضح ما إذا كان قد تم احتجازه هو الآخر.
ولم يُسمّ مكتب المدعي العام النمساوي في فيينا المسؤولين السوريين السابقين المتهمين بارتكاب "جرائم خطيرة"، عند إعلان لائحة الاتهام، لكن المحامين والضحايا المعنيين بالقضية أكدوا أنهما الحلبي وأبو ركبة.
ونفى المتّهمان، من خلال محاميهما، إساءة معاملة المعتقلين، فيما لم يستجب محامي الحلبي لطلبات التعليق، ولم يتسن الوصول إليه ولا إلى محامي أبو ركبة للتعليق على خبر لائحة الاتهام، بدورهما في إخماد انتفاضة الربيع العربي بين العامين 2011 و2013 ضد بشار الأسد في مدينة الرقة.
الفرار إلى باريس
وبحسب التقرير، فقبل فرار الحلبي من سوريا عام 2013، كان ضابطاً في المخابرات السورية، وتولى في 2008 منصب رئيس "الفرع- 335" في الرقة التابع لجهاز مخابرات أمن الدولة، قبل تبدأ المظاهرات بالانتشار في أرجاء البلاد في آذار/مارس 2011، وتبدأ أجهزة الأمن السورية، بما في ذلك الفرع 335، بشنّ حملات اعتقال واستجواب وتعذيب واسعة.
ومع بداية تغيّر الوضع العسكري في الشمال السوري مع تقدم فصائل المعارضة عام 2013، سارع الحلبي إلى الهروب، عبر تركيا إلى الأردن، قبل أن يصل إلى باريس حيث اعتُبر حينها منشقاً يمكنه المساعدة في توثيق جرائم النظام.
إلا أن الصورة قد تغيّرت بعد الأدلة التي جمعها محققو "لجنة العدالة والمساءلة الدولية"، إذ بدؤوا يشكون في أن العميد السابق نفسه أشرف على تعذيب السوريين في فرعه الأمني بالرقة، مما جعله يتحول من شاهد إلى متهم رئيسي.
واختفى الحلبي فجأة من باريس في 2015، ثم كشفت التحقيقات لاحقاً أنه هُرّب عبر أوروبا بسيارات يقودها ضباط من "الموساد" ونظراؤهم من المخابرات النمساوية حتى وصل إلى العاصمة فيينا، حيث حصل فيها على اللجوء بمساعدة مسؤولين في جهاز المخابرات الداخلي النمساوي، وأُسكن في شقة موّلها الموساد، حسب التقرير.
محاكمة ضباط نمساويين
وأضاف التقرير أنه كانون الثاني/ يناير 2016، قدم محققو "لجنة العدالة والمساءلة الدولية" ملف الحلبي إلى وزارة العدل النمساوية، ثم بدأ المسؤولون النمساويون البحث عنه، إلا أنهم شكوا في أن جهاز الاستخبارات النمساوي كان يحميه.
وتابع التقرير أنه في العام 2023، تم الحكم على 5 مسؤولين نمساويين، بينهم ضباط من جهاز الاستخبارات الداخلي، بتهمة إساءة استخدام مناصبهم لتسهيل لجوء الحلبي عبر اتفاق مع الموساد، قبل أن يُفرج عن 4 منهم فيما لم يحضر الخامس المحاكمة.
وكشف الادعاء خلال المحاكمة، أن رئيس الجهاز النمساوي نفسه سافر إلى إسرائيل في العام 2015، وأبرم اتفاقا يقضي بتأمين إقامة العميد السوري في فيينا، مقابل معلومات استخباراتية عن الوضع في سوريا.
وقال المحامي السوري أسعد الموسى، إن "الحكومة النمساوية وجهاز المخابرات ساعدا الموساد، وساعدا مجرمي الحرب التابعين له، هذه أبشع درجات الإجرام على الإطلاق".
ولفتت الصحيفة أن ضحايا العميد السوري السابق، قرروا التعاون مع منظمات دولية مثل "مبادرة العدالة المفتوحة" لجمع الأدلة وتقديم شهاداتهم.