موعد جديد ضربه مصرف الإسكان لإطلاق القروض السكنية، بعد تعثر إطلاق المشروع في مواعيد سابقة كان قد أُعلن عنها. فعملية تقديم الطلبات للحصول على قرض سكني تنطلق في الأول من شهر حزيران المقبل، أي بعد قرابة الأسبوعين، على أن تبدأ بعدها مباشرة عملية دراسة الملفات وتحديد أهلية الراغبين بالحصول على القرض.
منذ قرابة 5 سنوات تعطّلت مشاريع الإقراض السكني من قبل المصارف والمؤسسة العامة للإسكان ومصرف الإسكان. وباتت مسألة تأمين السكن بالنسبة إلى الشباب اللبناني من أكبر التحديات المعيشية. كما انسحبت أزمة تعطّل الإقراض السكني على كافة القطاعات التشغيلية المرتبطة بالقطاع العقاري.
اليوم، مع عودة الحديث عن الإقراض السكني، ارتفع مستوى الآمال بين اللبنانيين الراغبين بتملّك مسكن، لكن تبقى التساؤلات حول جدّية عمليات الإقراض السكني المطروحة، إلى جانب العديد من الأسئلة الناجمة عن فقدان الثقة بشفافية وجديّة المؤسسات، لاسيما المصرفية منها. فما مدى جدّية الحديث عن قرب موعد تقديم طلبات القروض السكنية؟ هل من شروط تعجيزية تنتظر الراغبين بالتملّك؟ ما هو حجم عمليات الإقراض المتوقعة؟ وهل من المُمكن ان تُحدث فتحة في جدار الأزمة العقارية؟
جديّة القرض وشروطه
بعد تعرّض مشروع الإقراض السكني الجديد الذي أطلقه مصرف الإسكان، للتأجيل مرات عديدة لأسباب مختلفة، ترتبط غالباً بالإجراءات الرسمية المرافقة للقرض العربي، أكد رئيس مجلس الإدارة المدير العام للمصرف أنطوان حبيب، انطلاق عملية تقديم الطلبات مطلع شهر حزيران المقبل عبر الموقع الإلكتروني للمصرف.
مع الإشارة إلى أن القرض العربي البالغ 50 مليون دينار كويتي أي نحو 165 مليون دولار، كان قد تم توقيعه عام 2019، لكنه تعرّض لعراقيل كثيرة ولم يُبصر النور حتى العام الحالي. ومن المقرر أن يدخل حيز التنفيذ في شهر حزيران المقبل. وقد تمت كافة الإجراءات الإدارية المرافقة للحصول عليه من قبل مصرف الإسكان.
يشترط مصرف الإسكان على الراغبين بالحصول على قرض سكني أن تتراوح مداخيلهم (الفرد الواحد أو الزوجين) الشهرية بين 1000 و2500 دولار، وألا يكون المقترض قد استفاد من أي قرض سكني في وقت سابق، وألا يمتلك منزلاً على كامل الأراضي اللبنانية. وتبقى الأفضلية في القروض السكنية للبيوت في مناطق الأطراف، أي خارج العاصمة والمدن الكبرى.
تبلغ قيمة القرض السكني 40 ألف دولار لذوي المداخيل المحدودة، و50 ألفاً لذوي المداخيل المتوسطة. وتتراوح مدة سداد القرض بين 7 سنوات بالحد الأدنى و20 سنة بالحد الأقصى. على أن تتم عملية السداد بعملة القرض نفسها سواء ليرة أو دولار. كما يتم تحديد قيمة القسط الشهري للمقترض بنحو ثلث مدخوله الشهري أي بين 400 إلى 700 دولار.
ويتوجه مصرف الإسكان بالقرض السكني ليس للراغبين بشراء منزل فحسب، إنما أيضاً للراغبين بترميم منزل أو بناء منزل أو تركيب طاقة شمسية. وفي هذه الحالات تختلف المدد الزمنية لسداد القرض بحسب نوعه. فالمدة الزمنية المخصصة لسداد قرض ترميم المنزل تبلغ 10 سنوات، اما قرض البناء فتمتد مدة سداده إلى 18 سنة، وتتشابه شروط الإقتراض بالنسبة للشراء والترميم والبناء. في حين تبلغ قيمة قرض الطاقة الشمسية 5 آلاف دولار، وتبلغ مدة سداده 5 سنوات، وتبلغ نسبة الفوائد على مختلف القروض من مصرف الإسكان 6 في المئة.
حجم المقترضين
بالنظر إلى قيمة القرض العربي (165 مليون دولار) الذي يخصّصه مصرف الإسكان للإقراض السكني، فإنها تُعد ضئيلة بالنسبة إلى ارتفاع الطلب في لبنان بعد سنوات من تعطل قطاع الإقراض السكني. وفي حين يقدّر حبيب بأن القروض ستغطي نحو 6000 وحدة سكنية على مختلف الأراضي اللّبنانية، يرى مصدر آخر من مصرف الإسكان بأن القروض قد لا تغطي أكثر من 3500 مواطن راغب بتملك منزل.
مع الإشارة إلى أن مصرف الإسكان وافق على منح قروض لترميم منازل ذوي الإعاقة، وتعهّد بالبحث جدياً في إعطاء قروض لأصحاب العمل من ذوي الإعاقة لتأهيل مراكز عملهم. ويدرس في الوقت ذاته إمكانية دعم تأهيل مراكز عمل الموظفين من ذوي الإعاقة في القطاع الخاص، وذلك تسهيلا لتوظيفهم.
من هنا يصبح الحديث عن انعكاسات ايجابية ملحوظة قد يتركها الإقراض السكني من مصرف الإسكان على قطاع العقارات، أمراً مبالغاً فيه. فعودة النشاط إلى القطاعات الحيوية المرتبطة بالقطاع العقاري تستلزم نشاطاً حقيقياً على مستوى الإقراض والاستثمار من قبل جهات مختلفة، يأتي في مقدمها المصارف.
لكن يبقى الأمل بأن يتم إفساح المجال من قبل مصرف الاسكان للمواطنين الأكثر حاجة لإيجاد مسكن في زمن غياب الاستقرار الاجتماعي والسياسي والأمني.