المصدر: المدن
الكاتب: نغم ربيع
الثلاثاء 13 أيار 2025 15:33:56
من الناقورة إلى الخيام، رسمت وزارة الداخلية السيناريو الانتخابي الجنوبي في بدايته على قاعدة عودة النازحين للاقتراع في قراهم، باستثناء القرى المدمرة في القطاع الغربي، فقد نقلت إلى منطقة صور. في الخرائط الأولى لتوزيع أقلام الاقتراع تقرر أن يقترع أهالي عيترون في قريتهم، مثلهم مثل أهالي بلدة بليدا وميس وحولا، أما المناطق المتضررة جداً مثل كفركلا، فنقلت إلى النبطية. وكذلك نقلت أقلام مركبا إلى مجدل سلم.
دواعي لوجستية وأمنية
المنطق كان سليمًا لأنه يقوم على حقّ الأهالي في التصويت في قراهم، التي هجّروا منها بفعل العدوان الإسرائيلي. لكن ذلك لم يدم طويلاً. المشهد تغيّر سريعاً. إذ سرعان ما اصطدمت الخطة بالواقع الأمني والإنساني المُرّ. ووفق معلومات "المدن" أعيد تقييم توزيع تلك القرى للاقتراع خارج أرضها نظراً لحجم الدمار الكبير الذي تعرضت لها، وصعوبة توجه هيئات القلم إليها عشية الانتخابات. فهيئات القلم بحاجة للمبيت في اليوم الذي يسبق الانتخابات، هذا فضلاً عن المخاوف الأمنية وسط القصف الإسرائيلي المتكرر.
أعادت وزارة الداخلية رسم الخريطة ونقلت أقلام اقتراع كل القرى الحدودية إلى منطقة النبطية، في مركز المحافظة، التي تستقبل القسم الأكبر من النازحين. وعليه تقرر نقل ميس الجبل، وبليدا، وعديسة، وكفركيلا، وعيترون، وغيرها، إلى النبطية، باستثناء حولا، التي أُسقطت منفردة في قبريخا. ليتبين أن محافظ الجنوب هويدا الترك استفت رؤساء البلديات ووضعت لائحة مؤقتة لهذا التوزيع الجديد.
اعتراض أهالي حولا
قرار نقل اقلام اقتراع جميع القرى واستثناء حولا أثار استغراب أهلي القرية. فبلدة قبريخا بعيدة عن مناطق نزوح السكان، وتُحسب أمنياً وسياسياً على "الثنائي" – حركة أمل وحزب الله. وأهالي حولا، الذين لا يزالون يحصون بيوتهم المدمّرة، لم يفهموا لماذا وحدهم نُفوا انتخابياً إلى "آخر الدنيا"، بينما جيرانهم من القرى المحيطة سيقترعون في النبطية، وسط بيئة مألوفة وأقرب إلى الحياد، يقول أكثر من مواطن من حولا لـ"المدن".
اعتراضات حولا تصاعدت مؤخراً. في البداية، بدأت كهمس: "ليش نحنا غير؟"، "ليش قبريخا؟"، ثم انفجر النقاش بالرفض المطلق للاقتراع خارج حولا. فالتصويت في مكان آخر بعيد عن البلدة يُكرّس فكرة المنفى الجديد، الذي لا يختلف كثيراً عن واقع التهجير القسري، كما يؤكد فاروق يعقوب، مضيفاً: "نحن نريد أن ننتخب في الضيعة، لا في النبطية ولا قبريخا ولا غيره. لا نريد تكريس فكرة الاحتلال، وأن نشعر أنّنا منفيّون من أرضنا حتى في قرارنا السياسي".
عريضة واعتراض رسمي
الغضب لم يبقَ محصورًا بالكلام. بل أقدم حوالي خمسين طبيباً ومهندساً وأستاذ جامعة من أبناء البلدة على توقيع عريضة احتجاج باسم ابناء حولا. وقدموا العريضة إلى وزير الداخلية أحمد الحجار. وأكدوا فيها رفض فعاليات البلدة، وضع أقلام الاقتراع في قبريخا، مطالبين بوضعها في النبطية أسوة بباقي القرى المحيطة.
ووفق معلومات "المدن" عرض الموقعون الكتاب على أحد المسؤولين في وزارة الداخلية، فجرى احالتهم إلى محافظ النبطية بالتكليف هويدا الترك. وتواصلوا مع الأخيرة لعرض مطلبهم، وتفاجأوا بأن جوابها كان: "لقد تواصلت مع فعاليات في حولا وعلى هذا الأساس نقلت قريتكم إلى قبريخا". وقد احتجوا على هذا الأمر لأن أحدًا لم يستشر أبناء البلدة بهذا القرار.
وعليه، وبين من يطالب بإعادة أقلام الاقتراع إلى حولا، ومن يرفض وضعها في قبريخا، يستعدّ أهالي البلدة لتنظيم اعتصام حاشد أمام مركز محافظة النبطية، رفضًا لقرار المحافظ هويدا الترك. وذلك في وقتٍ ما تزال فيه وزارة الداخلية تعمل على إصدار القرار النهائي لتوزيع أقلام الاقتراع في الجنوب.